أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
شرط العريس
19 فبراير 2016

أنا فتاة فى سن الرابعة والعشرين، توفى والدنا وكنا وقتها صغارا،وكان يعمل طبيبا بشريا، وتشغل والدتى عملا مهما، وقد عكفت على تربيتنا أنا وأخوتى الثلاثة «بنت وولدين»، ودرسنا فى الكليات المسماة بـ«القمة»، وكثيرا ما رددت على أسماعى أنا وأختى بأن الواحدة لا تنفعها غير شهادتها، وتشير دائما الى نفسها بأن شهادتها هى التى جعلتها تقوى على محن الزمن, وغرست فينا عدم الاختلاط بالأولاد،


فلا يصح للبنت أن تكلم شابا أو ترتبط به أو تصاحبه، وظل هذا الكلام ملازما لى طوال مشوارى حتى الآن، وانحصرت حياتى فى المذاكرة الى أن تخرجت وعملت فى جهة حكومية بعقد، وتقدم لى كثيرون من الشباب فرفضتهم لأننى لم أجد فيهم من تلقى تعليما يناسبنى, وبعد فترة جاءنى شاب من المنطقة التى نسكن فيها، فوافقت عليه، وتعلقت به، وتجاهلت طلباتى السابقة فيمن كنت أتمناه زوجا لى, ومرت شهور بعد قراءة الفاتحة، وبعدها تبين لى أنه بخيل جدا، ويكذب فى أشياء كثيرة، وأن والدته هى الآمر الناهى فى البيت، وليست لوالده كلمة تذكر، ومع ذلك تحملته، ثم عاتبته أكثر من مرة، فإذا به يتمادى فى كذبه وخضوعه لأمه، فعرفت الغضب لأول مرة فى حياتى ثأرا لكرامتى, وتسلل إليّ احساس بعدم جديته فى آتمام الزواج، حيث أنه لم يفاتحنى فى «العفش»، ولا «الشقة» ولا أى شىء من مستلزمات أى أسرة، ففسخنا الخطبة، وبعدها بيومين تقدم لى قريب لوالدتى التى ضغطت علىّ كثيرا من أجل أن أوافق عليه، وقالت لى إن قريبها هذا إبن أصول، وليس كخطيبى السابق، وأنه لو حدث أى خلاف فسوف نحتكم الى أهله، أى أنه «شخص مضمون».



والحقيقة أننى لم أقتنع به، ولكنى وافقت عليه لإرضاء أمى, كما يبدو لمن يراه متدينا، وذا أخلاق حسنة، واستسلمت للأمر الواقع، وإن لم يتسلل حبه الى قلبى, وبعد الخطبة تركت العمل بسبب قانون الخدمة المدنية الذى يجرى تعديله الآن، إلى حين توفيق أوضاعنا، ولما علم بذلك تغير كثيرا، بل إن والدته قالت لأمي: «إحنا خطبناها موظفة»، ولم أتحمل ما نطقت به، فأعدت إليه شبكته فى اليوم نفسه، وواجهت أمى بأنها السبب فى هذه الخطبة الفاشلة ثم انهرت نفسيا، واتساءل فى داخلى: لماذا يحدث لى ذلك، مع إنى محافظة على نفسى, وكل زميلاتى ارتبطن ويعيشن حياة سعيدة, أما أنا فمحل للتجربة من أشخاص معدومى الضمير؟.. لقد انعدمت ثقتى فى كل الرجال حولى, وأشعر بأننى لن أتزوج، أو قد أتزوج شخصا لا أحبه.. وإنى أسألك هل لديك تفسير للحالة التى أعيشها؟




  •  ولكاتبة هذه الرسالة أقول:



تجربتاك فى الخطبة فاشلتان من الأساس، وإن لم تفسخى خطبتك لكليهما، فإنك حتما كنت ستطلبين الطلاق منذ الأسبوع الأول للزواج، فكل منهما تقدم للزواج منك، وهو واضع أمامه هدفا محددا ليس هو زوجة ربة منزل تكون سكنا لزوجها، ومربية صالحة لأولادها، ومتفرغة لبيتها، وانما رأى أن وظيفتك المهمة سوف تدر عليك دخلا كبيرا، وأنك سوف تساهمين بالجزء الأكبر فى «عفش» الزوجية، وان لم يفصح الأول عن ذلك، أما الثانى فلم تتحمل أمه الصبر حتى تستقيم أوضاعك فى العمل، فأفصحت عن مكنون نفسها تجاهك، بأن دافع ابنها الأكبر للارتباط بك هو أنك «موظفة» بمعنى أنها تفسخ خطبة ابنها لك.



وبصراحة مطلقة فإنك نجوت بنفسك من زيجتين فاشلتين، واحمدى الله على صنيعه معك، ومازال المشوار فى الحياة أمامك طويلا، فأنت فى سن الرابعة والعشرين، وتتمتعين بكل الصفات الرائعة التى تجعل منك عروسا مرغوبة للكثيرين لذاتك، وليس لوظيفتك، وأجدنى أكرر نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزوجة الصالحة التى تكون ذخرا لزوجها وأمانا لأسرتها إذ قال «تنكح المرأة لأربع، جمالها ومالها، وحسبها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»، فتمسكى بمنهجك فى الحياة، وسوف يأتيك طائر السعادة حاملا معه الزوج المحب المخلص الذى يريدك لذاتك، وليس لأى مؤثرات أخرى, والله المستعان.