أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
خواطر فنانة تشكيلية
17 فبراير 2016
نجوى العشرى

فى تقديمه لكتاب « أين الهوية» للفنانة والكاتبة منى حسن، يعترف الناقد الفنان- الذى من أيام -كمال الجويلى بأنه رغم معرفته بالكاتبة، اندهش وذهل من رؤيتها الشمولية العريضة للحياة والطبيعة، بل للكون كله، وخيال محلق يجوب الآفاق حتى السماء السابعة وكأن هناك أسرارا خفية كانت تكتمها ولاتبوح بها ولايعرفها أحد عنها.


فى كتابها الذى اختارت له عنوانا استفهاميا «أين الهوية؟» ندرك مدى انغماس الفنانة بهموم بلدها ومواطنيها وقلقها على مصر من محاولات طمس الهوية التى تتعرض لها فى زمن العولمة، الجميل أنها لاتقول ذلك بصورة مباشرة ولكن فى صيغة خواطر, بلغة تختلط فيها العامية بالفصحى لتزداد مساحة الوصول للقارئ، وحتى تلاحق كما -رأى الفنان الناقد كمال الجويلي- خواطرها قبل أن تطير بعيدا فى الفضاء. والكتاب صدرت طبعته الأولى فى أكتوبر 2014 والثانية فى مايو 2015 ويتضمن باقة من اللوحات من إبداعات الفنانة, التى ولدت بالسويس فى يناير 1960 وتخصصت فى مجال التصوير والحلى والديكور والرسم على الخشب وأقامت العديد من المعارض الخاصة بمصر وأيرلندا وايطاليا وإسبانيا وألمانيا والسعودية ، وشاركت فى عشرات المعارض الجماعية بمصر وخارجها وتشارك فى الحركة التشكيلية منذ عام 1979 ، وتتميز أعمالها بالتجريدية التعبيرية والبساطة فى التعبير.



عند قراءتنا لخواطر الفنانة نجدها تتحدث عن الرومانسية التى افتقدناها والحنين إلى ابنتها التى فارقتها لكنها وجدت أن «وجودها كان حايكون فى عالم معايير الصح والغلط والحق والعطاء والانتماء والتقدير والحب مش موجودة، حساباته اتغيرت بغدر وأذي، الآدمية فيه منسية، زمن مش راضية أنا بيه وكنت حابقى خايفة عليكى منه، أو إنك تكونى منه»، هذه الكلمات العامية تعبر عن شخصية الفنانة وتأثرها بمظاهر فقدان الهوية التى كانت تشعر بها فى رسوماتها وخواطرها التى كانت تحرص على كتابتها منذ طفولتها، فتتحدث عن والدتها التى تصفها بـ«ملهمتى وبركتي» ووالدها «مدللى وروحى وصديقي» وأم كلثوم «الست اللى حبها كتير وهى لم تعش هذا الحب فى اعتقادى ولكنها نقلته بطريقة عجيبة» وتتحدث عن صداقة عمرها 30 عاما، وعن نفسها «اللى ضاعت وسط الهموم وضغوط السنين والمسئولية» نفسها «اللى عطشت وجفت من قلة الحب والحنان.. خسارة على الأيام ومن البنى آدمين اللى ماقدروش» أين الهوية؟ السؤال يتكرر فى ذهن القارئ عندما يقرأ خواطر الكاتبة التى تقول فيها: «وكان حديثى عن الورد وقلة التعامل بيه سواء من أقارب الناس أو المعارف وأن الورد رمز للمحبة والأصول والجذور لأنه من الأرض التى أساسها الحياة» نلمس حديثها عن الهوية عندما تكتب عن النكلة والمليم والنص فرنك وبرقع الحياء الذى تبخر وكم الألفاظ وطريقة الحوار الهابط على الملأ بعد ثورة 25 يناير وتتساءل : إزاى العالم يسمع ده بعدما بدأ ينظر لنا نظرة احترام وتقدير.. ليه؟



تضيف الفنانة «الموضوع باخ والأدب مطلوب والاحترام مطلوب والحب مطلوب والحياء مطلوب.. أرجوكم انهوا هذه المهزلة يا شعب مصر».



فى خواطرها تتحدث الفنانة عن «وجود تشتيت فكرى عند كثير من المصريين ما بين الدين والإنسانية، الإسلام لايحتاج لجماعة، الإسلام دين بشر، مش قادرة أصدق اللى حاصل واللى حواليه واللى جاي، الأيام دى لو حد سمع عن واحد حب يقولوا: ياحرام! أو اتجوز: البقاء لله! كلمة بحبك بقت كلمة دارجة بين الناس، بتتقال زى صباح الخير وازيك, فقدت معناها ومصداقيتها وده من ضمن التأثير المباشر على التغيرات اللى تحدث وحدثت للناس فى تعاملهم مع بعض».



جولتنا مع خواطر الفنانة الأديبة منى حسن تجعلنا نشعر بأنها تتحدث عما يختلج فى صدورنا ونشعر به من فقدان المعايير والتقدير ومكونات الشخصية المصرية فى السنوات القليلة عقب ثورة 25 يناير ونأمل فى عودة القيم والأخلاق والهوية التى كدنا نفقدها، نأمل أن يكون الجزء الثانى من خواطر الفنانة مبشرا بعودة هويتنا بعد أن اكتملت خريطة الطريق بانتخابات مجلس النواب ، ونأمل أن يكون عام 2016 عام عودة الهوية.







الكتاب:أين الهوية



المؤلف: منى حسن



الناشر:مطبعة التحرير