أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
"أنت القلب الكبير" تُبكى عشاق فؤاد المهندس
16 فبراير 2016
باسم صادق

فى افتتاح مهرجان المسرح التجريبى عام 2006 اضطر المخرج المسرحى خالد جلال أن يغير خططه لرؤية الحفل بسبب رحيل سفير الكوميديا فؤاد المهندس قبلها بساعات.. وعلى خشبة المسرح تدلت صورة المهندس فى منتصفها ووقف أبطال عرض «قهوة سادة» تحتها يسألون صاحبها والدموع تنهمر من عيونهم: انت رايح فين؟


فبدأ صوت المهندس يشدو فى شجن أغنيته الشهيرة فى مسرحية «انا فين وانتى فين»: رايح أجيب الديب من ديله.. إلى آخر الاغنية، فكانت أشبه بأغنية وداع أبكت كل من فى الحفل حزنا على فراقه بعد سنوات طويلة من العطاء الفنى.



وقبل أيام انهمرت دموع عشاق المهندس أيضا ومن بينهم ابنه محمد خلال حضوره حفل افتتاح مواسم نجوم المسرح الجامعى فى دورتها الثانية التى يقيمها مركز الابداع الفنى برئاسة المخرج خالد جلال ايضا وتحت رعاية صندوق التنمية الثقافية برئاسة د. نيفين الكيلانى.. فقد تم تكريم اسم الفنان الراحل باعتباره أحد أعمدة المسرح الجامعى وأهم تلامذته، ففى أرجاء القاعة ترددت أصداء عدد من عباراته الأشهر فى مسرحية «سيدتى الجميلة» منها: «أنت القلب الكبير.. أنت نعمة وإحسان.. بحكمتك تختال علينا».. لم يستطع الحضور تمالك دموعهم فانهمرت تذكرا لهذا الرجل الذى أفنى عمره فى خدمة الفن سينمائيا ومسرحيا وتليفزيونيا وصار معشوقا للكبار والصغار على حد سواء..



فؤاد المهندس يعد أفضل قدوة يمكن أن يحتذى بها أبناء المسرح الجامعى على كافة المستويات، فرغم تعلقه الشديد بأستاذه نجيب الريحانى للدرجة التى كادت تجعله شبيها به خلال دراسته الجامعية إلا أنه التقط أهم جملة منحها له أستاذه لتغير مسار حياته بالكامل، فقد استطاع المهندس - بعد كثير من الإلحاح- أن يقنع الريحانى بأن يخرج له عملا مسرحيا خلال دراسته الجامعية، وبالفعل جسد المهندس شخصية الريحانى فى مسرحية «الدنيا على كف عفريت» ورغم اجادته وتألقه خلال العرض إلا أن الريحانى قال له بعدها: « أثق تماماً في قدراتك ومقتنع تماماً بموهبتك وأنك ستكون خليفتي لكن لا يجب أن تقلدني ويجب أن تكون لك شخصيتك الفنية المستقلة وأداؤك المختلف، وسأقول لك مقولة جوتة الشهيرة «كن رجلاً ولا تتبعنى».



لم يغضب المهندس ولم تهتز ثقته بنفسه، بل راح يكمل المسرحية بقدر مذهل من الاجتهاد، حتى فاجأه والده بحضور العرض دون علمه وهو من كان يرفض عمله بالتمثيل، وما أن انتهى العرض حتى ضمه والده العالم اللغوى الجليل زكى المهندس لأحضانه قائلا: «لم أكن أعرف أنك تدير فرقة مسرح الجامعة وعروضها وتخرجها وأنك أهم ممثليها.. لم أكن أعرف أنني أنجبت فناناً عظيماً بهذا القدر»، دمعت عينى فؤاد، ووعد أبيه ألا يخذله، وبالفعل أكمل دراسته الجامعية وتخرج فى كلية التجارة عام 1948 بالتزامن مع عمله فى فرقة الريحانى وتوالت أعماله بعد ذلك مع رفاق عمره عبدالمنعم مدبولى وخيرية أحمد وشويكار وغيرهم.. وأنجب للمسرح المصرى نجوما كبار مثل عادل إمام وسيد زيان وفاروق فلوكس..



كان فؤاد المهندس قاموس مواهب وأخلاق وسيظل ينهل منه عشاق الفن مهما طال الزمن.