ليبيا.. الخطر الأعظم!
بعد 5 سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة فى ليبيا التى انطلقت شرارتها الأولى منذ اللحظة الأولى لبدء قوات التحالف العربى المدعومة إقليميا قصفها الجوى يتضح لكل ذى عينين أن الهدف لم يكن مجرد إسقاط للدكتاتور الليبى معمر القذافى وإنما فتح ساحة جديدة من ساحات نشر الفوضى ليس فى الشرق الأوسط وإنما فى بعض دول إفريقيا أيضا.
والحقيقة إن اختيار ليبيا للمهمة الفوضوية الكبرى لم يكن اختيارا عفويا وإنما الذين أرادوا تفكيك الدولة الليبية وزعزعة استقرارها استهدفوا أن يكون ذلك مدخلا لتسهيل حركة التنظيمات الجهادية وأبرزها تنظيم داعش الذى يرى فى الساحة الليبية أرضا خلاء تمكنه من بناء حظيرة خلفية لأذرعه المتنامية فى العراق وسوريا وفى نفس الوقت تسمح له بتشكيل قواعد انطلاقه للتهديد والابتزاز صوب أوروبا شمالا وإفريقيا جنوبا.
وليس هناك من يعرف قدر الخطر الماثل حاليا فوق الأرض الليبية قدر مصر فى المقام الأول والتى يشاركها فى هذا الإحساس ــ بدرجات متفاوتة ــ كل من تونس والجزائر والسودان وتشاد والنيجر حيث يدرك الجميع الطبيعة الجيواستراتيجية للأرض الليبية المفتوحة على البحر والجبال والصحراء وهو ما يتيح لمثل هذه المنظمات الإرهابية حرية واسعة فى تجنيد الكوادر المحلية واستقدام الكوادر الأجنبية وتهريب الأسلحة بسهولة ويسر منذ سنوات فى ظل غياب السيطرة للدولة الليبية.
إن ليبيا وما يجرى على أرضها يمثل جرس إنذار خطير ومخيف لكل دول الجوار المهددة بتسلل كوادر داعش المدربة إلى أراضيها وربما تكون هذه الكوادر من بين العناصر المهاجرة بحثا عن لقمة عيش لم تعد متوفرة على الأرض الليبية نتيجة غياب الاستقرار ومن ثم تكون عمليات التجنيد سهلة وميسورة لمثل هذه التنظيمات التى تستخدم مع هؤلاء أساليب الترغيب بالمال أو الترهيب بالقتل والاختطاف.
وفى اعتقادى أن الأمر يتطلب مبادرة للتنسيق والتحوط المبكر من جانب كافة دول الجوار وعلى رأسها مصر قبل أن يتحول هذا الخطر الأعظم إلى كارثة متعددة الاتجاهات ومهما تكن المخاطر ومهما تكن دقة وحساسية الحسابات فإن العنوان الأكبر لهذه المسألة ينبغى أن ينطلق من صحة المقولة بأن الوقاية خير من العلاج!
خير الكلام:
<< يسمع الأصم ما يسعده ولا يسمع ما يسعد غيره!