«عرسال» اللبنانية.. حلم داعش والنصرة للوصول للبحر
«قلت منذ زمن إن عرسال محتلة، وهذا صحيح، لكن عرسال يحررها أهلها، ولا تتحرر بعمل عسكرى لأن ذلك خطر كبير على أهل عرسال، نحن لا نوافق ولا نشجع عليه»،هكذا تحدث وزير الداخلية اللبنانى نهاد المشنوق – تيار المستقبل- عما يحدث فى عرسال من مواجهات مسلحة بين الجيش اللبنانى والإرهابيين من جبهة النصرة وداعش للسيطرة كليا على المدينة السنية فى الشمال اللبنانى، رغبة من الإرهابيين فى الحصول على منفذ للوصول إلى البحر الأبيض المتوسط
و«عرسال» باللغة الآرامية مكونة من مقطعين الأول عرس ويعنى عرش والثانى إل ويعنى الله أى عرش الله وذلك لارتفاعها عن سطح البحر1400متر،وتبعد عن بعلبك فى البقاع اللبنانى حوالى 38 كيلومترا، وعن مركز محافظة البقاع، زحلة، 75 كيلومترا، كما تبعد عن بيروت 122 كلم ، وتشترك مع سوريا بخطّ حدودى طوله50 كم، ويغلب التصحر والجفاف عليها، وينتعش تهريب البضائع فى البلدة المنسية تنموياً.
وقد ظهرت عرسال فى بؤرة الأحداث العالمية والعربية خلال أغسطس 2014 بعد محاولات مستميتة من تنظيمى جبهة النصرة وداعش للسيطرة على المدينة كموطئ قدم للتكفيريين فى لبنان.
يسكن عرسال حوالى 35ألف نسمة غالبيتهم من المسلمين السنة، ومعروف عنها صناعة السجاد المحلي، وتنقسم عرسال إلى أحياء، ويخص كل حى عائلة من عائلاتها الكبرى، ويبلغ عدد العائلات حوالى أربعين عائلة وأبرزها: حجيري، فليطي، كرنبي، بريدي، رايد، أطرش، عودة، زعرور وأمون.
ومنذ بداية الأحداث الدامية فى سوريا فى ربيع 2011وقفت مدينة عرسال إلى جانب المعارضة السورية، وقدمت لها المأوى والمساعدة والدعم، باعتبار المعارضة من السنة ضد النظام العلوى الشيعى بقيادة بشار الأسد، ولذلك أصبحت عرسال محطة لجوء للسوريين الفارين من منطقة القلمون على وقع شدة المعارك بعد تهجيرهم الأول من بلداتهم فى حمص.
مساحتها البالغة حوالى 316.9 كلم2 تجعلها من كبريات البلدات اللبنانية حيث تشكّل أراضيها 5٪ من مساحة لبنان.
ونظرا للحالة الإقتصادية المتدنية فى عرسال وإهمالها تنمويا وثقافيا، وملاصقتها للبادية السورية، أصبحت مرتعا للعناصر المسلحة التى تقاتل الجيش السورى ،سواء كان المسلحون من جبهة النصرة أو داعش فكادت المدينة تتحول إلى جزء من مقتنيات داعش لولا تدخل الجيش اللبنانى مدعوما بعناصرحزب الله.
وأصبحت عرسال البلدة السنيّة مستنفرة منذ خطف 23عسكرياً لبنانياً فى أغسطس2014خلال إشتباكات بين الجيش اللبنانى وداعش والنصرة .
وقد حذر رئيس الوزراء اللبنانى تمّام سلام من مخاطر العبث بهذه الجبهة الحساسة، حيث يجتمع ثمانون ألف نازح سورى وخمسة وثلاثون ألف مواطن لبناني، وسط منطقة جبلية وعرة يستغلها الارهابيون وسواهم،
أما الأهمية التى يوليها حزب الله لبلدة عرسال فتكمن فى موقعها الاستراتيجى المميز، وسقوط هذا الممر الحيوى الوحيد سيمنع وصول الدعم الإيرانى إلى حزب الله فى البقاع وبعلبك إذا إستولت عليه داعش أو جبهة النصرة،خاصة بعد إستيلاء داعش على المعابر الواقعة بين العراق وسوريا.
ويرفض السنة فى لبنان تدخل الجيش اللبنانى أو حزب الله لتحرير عرسال من داعش والنصرة اللذين يقتتلان لتكون السيطرة لأحدهما فقط على المدينة،بينما يسعى الجيش اللبنانى لتحرير المدينة ولاتكاد تمر ليلة دون تصدى مدفعية الجيش اللبنانى لمحاولات داعش والنصرة السيطرة على المدينة ،وخلال الأسابيع الماضية دارت معارك قوية بين الجيش اللبنانى من جهة وإرهابيى داعش والنصرة من جهة أخري،بالإضافة للصراع الدموى بين داعش والنصرة، مما يجعل عرسال منطقة مشتعلة وملتهبة دائما.وبالرغم من رفض السنة ورئيس الوزراء ووزير الداخلية التدخل المسلح من قبل الجيش أو حزب الله لتحرير المدينة فإن الإرهابيين يزدادون تقدما للسيطرة كلية على المدينة السنية،التى تكتظ بأهلها وبالنازحين السوريين،فهل تصمد عرسال فى وجه داعش والنصرة بقوة أهلها،أم ستسقط لتصبح موطئ قدم للإرهابيين فى لبنان، لتكون بداية لنقل كرة النار المتدحرجة من أحداث سوريا المستمرة إلى بلاد الأرز؟