ابنة الميكانيكى.. تقود تايوان
عاشقة القطط, إبنة الميكانيكي, أنجيلا ميركل تايوان, الذكية,.. ألقاب كثيرة لقبت بها تساى إينج-وين, لكن يبقى لقب "سيدة تايوان الأولى" الأكثر بريقا وجاذبية لديها.
فبعد أن استطاعت مرشحة الحزب الديمقراطى التقدمى الإصلاحى اقتناص فوز غال فى الانتخابات الرئاسية التايوانية والتى حصلت فيها على نحو 6 ملايين صوت أى ما يعادل 60% من الأصوات, مقابل 31.5% لتشو ليلون مرشح حزب (كومينتانج) الحاكم وهو الحزب الذى ظل معظم الـ70 عاما الأخيرة فى الحكم, أصبحت تساى أول سيدة تتولى هذا المنصب فى هذه الجزيرة الأسيوية التى تتمتع بحكم ذاتى والتى إستعادتها الصين من اليابان فى أكتوبر عام 1945.
"عهد جديد أشرق على تايوان".. تلك كانت أولى كلماتها للملايين من مؤيديها الذين جاءوا للاحتفال بفوزها التاريخي, وبشعرها القصير وابتسامتها العريضة وسيرتها الذاتية الناجحة أظهرت تساى أنها بالفعل إمرأة لا تخاف التحديات، فهى الإبنة الوحيدة بعد 11 ولدا فى أسرتها والوحيدة التى حققت نجاحا فى الدراسة, درست القانون تلبية لرغبة والدها الذى كان يدير ورشة لإصلاح السيارات رغم أنها كانت تتمنى دراسة الآثار، وحصلت على الماجيستير من الولايات المتحدة الأمريكية ثم نالت الدكتوراه من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. صورتها بقيت فى منأى عن الفضائح والرشاوى التى طالت الطبقة السياسية ورجال الأعمال الذين جنوا ثروات طائلة فى بلد يعانى من التوزيع غير العادل للثروات، لتجدها تفخر بأنها ترتدى نفس الزوج من الأحذية لأكثر من 16 عاما, فإستحقت وصف السيدة النظيفة والذكية.
من جيل التكنوقراط المترسخ فى الحياة العامة فى تايوان، لم تكن تساى إينج-وين شخصية شعبية قادرة على حشد الجماهير, ولكن نظرا لتأثرها الشديد بشخصيات سياسية قوية مثل رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل, فقد سعت خلال الحملة الإنتخابية إلى إظهار شخصيتها القوية القادرة على مواجهة التحديات لتكسب شعبية كبيرة خاصة بين الطبقات الشعبية, وظهرت فى مناسبات عامة إلى جانب عازف موسيقى روك سخّر فنه للدفاع عن هوية تايوان وخصوصيتها. حسها السياسى جعلها تعتمد سياسة الواقع وتتمسك بالحفاظ على المنهج القائم مع بكين على مبدأ الحفاظ على الهوية الوطنية من دون الصدام مع بلد المليار ونصف مليار نسمة، لتراعى بذلك المصالح الإقتصادية والسياسية الدولية فى منطقة لا يرغب أى ركن من أركان الأسرة الدولية تفجير صراعات فيها.
دخلت تساى (59 عاما) المعترك السياسى منذ نحو العقدين وعملت فى الظل فترة طويلة، حيث كرست القسم الأكبر من حياتها العملية فى الإدارة وأصبحت نائبة لرئيس الوزراء والمستشارة الأولى لدى رئاسة الجمهورية قبل أن ترأس الحزب الديمقراطى التقدمى الذى إستطاعت أن تجمع شمله المتشرذم وأحيت سمعته من أجل تحقيق كفاءة الحكم ونزاهة المعترك السياسى لتخوض إنتخابات رئاسة الجمهورية عام 2012 باسمه والتى خسرت فيها بشرف أمام الحزب الحاكم وبفارق طفيف فى الأصوات.
يلقبها البعض بـ"عاشقة القطط" لأنها تستمتع بالعيش بمفردها مع قططها الثلاث عٌرف عنها رفضها الصارم لسياسة "الصين الواحدة" ويتوقع الكثيرون أن تايوان فى عهدها ستشهد توترات فى علاقتها مع الصين، لكنها سرعان ما خرجت لتنفى تلك المزاعم، حيث قالت فى خطاب إعلان فوزها بالمنصب إنها تتعهد بالحفاظ على الوضع القائم بين تايوان والصين، مؤكدة على أن رغبة الشعب التايوانى ستكون أساس العلاقات مع الصين التى تنظر إلى تايون على أنها إقليم إنشق عن سلطتها وبالتالى قد تستخدم القوة لإستعادته إن إقتضى الأمر, ورغم ذلك لاتزال تساى متمسكة بحق بلادها فى المعاملة بالإحترام من قبل الصين، حيث تابعت بالقول: "يجب على بكين أن تحترم ديمقراطية تايوان وأن الطرفين يجب ألا يستفزا بعضهما البعض". فمن المعروف أن تساى ساهمت وقت عملها فى مجلس الأمن القومى فى عهد أول رئيس تايوانى الأصل والمولد، لى تينج - هوي، فى وضع مسودة لبيان تينج - هوى الذى يصف علاقة الصين وتايوان بأنها علاقة "دولة لدولة " بدلا من كونها بين حكومتين مركزية ومحلية.
لذلك لا يستبعد المحللون توترا فى العلاقات التايوانية – الصينية والتى بلغت ذروة نجاحها فى أواخر نوفمبر الماضى مع عقد أول قمة بين البلدين منذ الانفصال العنيف بينهما منذ أكثر من 60 عاما.