أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
إستراتيجية جديدة للأمن الروسى
4 يناير 2016
طارق الشيخ

قبل أيام قليلة من نهاية عام 2015 قدم سكرتير مجلس الأمن القومى الروسى، نيقولاى باتروشيف، لمحة من استراتيجية الأمن القومى الجديدة لروسيا الاتحادية.


فقد أكد باتروشيف في حوار مع صحيفة «روسيسكايا جازيتا» الروسية، أن استراتيجية الأمن القومى الجديدة للبلاد تتضمن سبل مواجهة الفكر المتطرف والدعاية له فى وسائل الإعلام. وأشار إلى أن التعديلات فى الاستراتيجية تنص على طرق للتصدى للفكر المتشدد ودعايته فى وسائل الإعلام، كما تحتوى على أهداف استراتيجية لحماية روسيا من محاولات استخدام قوة عسكرية ضدها.



وقال باتروشيف منبها إلى رغبة بلاده فى مواجهة حروب الجيل الرابع التى تهدد تماسك البلاد وأمنها : «مكتوب فى الوثيقة التى تحمل اسم (استراتيجية الأمن القومى الروسى) سبل مواجهة انتشار الفكر المتطرف والدعاية له فى وسائل الإعلام. وقد تم تأكيد أهمية تعزيز أمن البنية التحتية الحيوية والفرد والمجتمع والدولة ككل من التهديد الإرهابى».



وقال باتروشيف: «أُؤكد أن روسيا تنتهج سياسة خارجية تستعد المواجهة المكلفة من أجل حماية مصالحها، بما في ذلك سباق تسلح جديد، وتنظر إلى استخدام القوة العسكرية كملاذ أخير، وعدم استخدام القوة العسكرية إلا بعد استنفاد الوسائل السياسية والاقتصادية والدبلوماسية وغيرها». ولفت باتروشيف الانتباه إلى أن روسيا مهتمة بالتعاون مع أمريكا والدول الأوروبية ولكن على أساس المساواة.



وقال بهذا الصدد: «استراتيجية الأمن الجديدة تحدد المهام فى مجال التعاون بين روسيا والشركاء فى منظمة معاهدة الأمن الجماعى والاتحاد الاقتصادى الأوراسى فى منطقة آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا ومنطقة القطب الشمالى، ونحن أيضا مهتمون بالتعاون مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية ولكن على أساس المساواة».



وعن لجوء روسيا إلى الاقتصاد فى استخدام القوة وعدم الرغبة فى الانجرار إلى سباق تسلح مرهق مماثل لذلك الذى أسقط الاتحاد السوفيتى من قبل صرح باتروشيف، بأن روسيا تستثنى لنفسها المواجهات العسكرية المكلفة بما فى ذلك سباق تسلح جديد، وتنظر إلى استخدام القوة العسكرية كملاذ أخير.



وفيما يتعلق بالتهديد من حلف شمال الأطلنطى «ناتو» أكد باتروشيف أن تزايد الخطر على أمن روسيا يأتى من التهديدات المرتبطة بنشاط «ناتو».



وقال باتروشيف : «التهديد الأكثر خطورة مرتبط بالأنشطة العسكرية للناتو. وسعى الناتو لزيادة وتحديث القدرات الهجومية ونشر أنواع جديدة من الأسلحة وإنشاء منظومة درع صاروخية عالمية، بما فى ذلك المناطق المحيطة بروسيا».



وأكد باتروشيف أن التهديدات المتعلقة بالنشاط العسكرى لحلف الناتو يزيد خطرها على موسكو، بينما تحاول واشنطن فرض قيود على استقلالية السياسة الروسية.



وحذر من «ان الخطر الذى تشكله التهديدات المرتبطة بنشاط الناتو العسكري يتزايد، وتتعرض هيكلة الأمن العالمى لعملية تجريف بسبب سعى (ناتو) إلى رفع قدرته الهجومية وتحديثها، وكذلك إقامة أنواع جديدة للأسلحة ونشر منظومة الدرع الصاروخية العالمية، بما فى ذلك المناطق المحيطة بحدود روسيا».



ونبه إلى أن روسيا تتعامل بحذر مع « تصريحات زعماء بعض دول الغرب التى تصف ناتو بالحلف الدفاعى وانه يهدف إلى ضمان الأمن فى العالم، فوراء جوهرها الخفى تظهر عدوانية الحلف».



واستطرد باتروشيف مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تعتزم، ومن ورائها عدد من الدول الغربية، الحفاظ على فرض إرادتها فى حل القضايا الدولية، ولذلك فإن هناك محاولات لتقييد سياسة روسيا المستقلة الخارجية والداخلية».



وفى حديث حول التعديلات الجديدة فى إستراتيجية روسيا للأمن القومى لفت باتروشيف أيضا إلى المشاكل فى البيئة وتعقيد الوضع الديمجرافى العالمى، إلى جانب نقص المياه العذبة وتبعات تغير المناخ.



وفي هذا السياق، قال سكرتير مجلس الأمن الروسى: «تحتوى الطبعة الجديدة للاستراتيجية مهام خاصة بمواجهة هذه المخاطر وغيرها، هذا وبقيت الأولويات القومية والمبادئ الأساسية لضمان الأمن القومى دون التغير».



وأعاد باتروشيف إلى الأذهان أن روسيا تبنت استراتيجية الأمن القومي عام 2009، مضيفا أنها أثبتت فعاليتها منذ ذلك الحين، حيث «أظهرت روسيا قدرتها على حماية سيادتها واستقلال ووحدة أراضيها، كما تصاعد دورها فى حل أهم القضايا العالمية وتسوية النزاعات والأزمات بين دول».



وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن الروسى قد أعلن فى شهر أكتوبر 2015 أن الرئيس فلاديمير بوتين قرر إجراء تعديلات على استراتيجية الأمن القومى للبلاد من أجل ضمان استمرارية سياسة الدولة فى هذا المجال.



وتقرر أن يُقدم المشروع النهائى للاستراتيجية المعدلة للرئيس الروسى بحلول نهاية عام 2015.



وجاء فى بيان أصدره المجلس وقتها مايلى : «اتخذ الرئيس الروسى القرار بإجراء تعديلات على استراتيجية الأمن القومى لضمان استمرارية سياسة الدولة فى مجال الأمن القومى، واستمرارية منظومة المصالح القومية والأولويات الاستراتيجية القومية».



وأوضحت البيانات الصحفية للمجلس أن لجنة التخطيط الاستراتيجى التابعة له عقدت اجتماعا لبحث مشروع الاستراتيجية المعدلة، إذ استبعد المشاركون فى الاجتماع، انعزال الدولة عن العالم الخارجى، وأكدوا أن السياسة الخارجية النشطة وتعزيز التعاون مع الدول الأخرى، وجذب الاستثمارات الأجنبية والتقنيات، يجب أن تأتى إضافة إلى الجهود الذاتية لتحديث الاقتصاد وتعزيز الأمن القومى للاتحاد الروسى.



كما شدد المجتمعون على ضرورة تحقيق الفعالية القصوى لدى استخدام موارد روسيا، بما فى ذلك قدراتها الاقتصادية والسياسية والبشرية والثقافية والروحية. وأضاف البيان أن مشروع الاستراتيجية المعدلة ينطلق من وجود ارتباط أصيل بين ضمان الأمن القومى والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.



كما ينص المشروع على توحيد جهود مؤسسات السلطة والمجتمع المدنى من أجل توفير ظروف داخلية وخارجية ملائمة لتحقيق الأولويات القومية ومواجهة المخاطر الجديدة التى تهدد المصالح الوطنية الروسية.



ووفق القانون الروسى، يجب تعديل الوثائق المتعلقة بالتخطيط الاستراتيجى مرة كل 6 سنوات على الأقل. أما استراتيجية الأمن القومى الحالية، فتم إقرارها فى عام 2009.