أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
الرؤية الروسية فى الحرب على الإرهاب
14 ديسمبر 2015
> موسكو: جــميل عفـيفى

انتهاء عصر القطب الاوحد .. هذا ما ينطبق على النظام العالمى فى الوقت الحالى فبعد الدور الروسى الذى ظهر جليا فى الحرب على الإرهاب فى سوريا وتدخلها بشكل قوى فى منطقة الشرق الاوسط ودعمها للدول العربية من اى عمليات تفكك، وضرب الخطط الامريكية لإعادة تقسيم المنطقة ،


 من خلال مشروع الشرق الاوسط الموسع ووقوفها بجانب تلك الدول وخوضها حربا ضد الجماعات الارهابية المسلحة التى تدعمها القوى الكبرى لمواجهة الجيوش العربية وخوضها حربا بالوكالة.


لقد صنف بعض الخبراء ان روسيا عادت كقطب عالمى قوى مرة اخرى بعد ثورة 30 يونيو ودعمها للارادة الشعبية المصرية، ولمواجهة تنظيم الاخوان المسلمين الإرهابي، فقد كانت روسيا على علم حقيقى بهذا التنظيم واستمراره فى السلطة لن يضر مصر وحدها بل إنه سيضر المنطقة باسرها، وسيكون خطرا مباشرا على الامن القومى الروسى فيما بعد، وكانت تلك النقطة الفارقة فى نظام عالمى جديد لا يكون فيه احادية للقطبية تحرك فيه الولايات المتحدة الامريكية العالم كما تشاء، فهناك ايضا الجانب الروسى الذى عاد بقوة ليكون حائطا منيعا امام التطلعات الغربية لتدمير الشرق الاوسط.



من خلال زيارتى الى موسكو خلال الاسبوع الماضي، ولقاءاتى العديدة مع الساسة فى روسيا، تأكدت انه لن يتم افساح المجال مرة اخرى للولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية للعبث بمقدرات شعوب الشرق الاوسط فالجميع على ثقة ان الارهاب الذى طال الشرق الاوسط، فى الفترة الاخيرة ما هو الا صنيعة غربية امريكية بالمقام الاول، وان التهديد سيطول الامن القومى الروسى هو الآخر نظرا لان هناك اكثر من 5 آلاف ارهابى منضمون لداعش وجماعات ارهابية اخرى فى سوريا والعراق وغيرها من الدول.



إن وجهة النظر الروسية فى حربها التى تشنها على مواقع تنظيم داعش الارهابى فى سوريا الهدف الاساسى منها القضاء على من يحملون الجنسية الروسية ويقاتلون مع التنظيم، ويتم ذلك عن طريق رصدهم باجهزة حديثة ببصمة اصواتهم وتوجيه الصواريخ الى مواقعهم من السفن الحربية او الغواصات او الطائرات الروسية التى تنفذ ضرباتها، وهذا الامر فى المقام الاول، هذا بجانب ان الدولة السورية تمثل نقطة قوة بالنسبة الى روسيا بسبب موقعها الجغرافى وقدرتها فى المنطقة، وفى ظل التحالف العسكرى بين البلدين فإن روسيا تقف بجانب الدولة للقضاء على الارهاب وعدم تقسيمها طبقا للمخطط الغربي.



ان روسيا ترصد بمنتهى الدقة التعاون بين اجهزة الاستخبارات الغربية والتنظيمات الارهابية الموجودة على الارض السورية، فقد سبق واعلنت الولايات المتحدة عن تدريبها لجماعات معتدلة وتزويدهم بالسلاح والعتاد لمواجهة تنظيم داعش الارهابى فى سوريا، الا انه بعد عودتهم الى اراضيهم انضموا الى التنظيم الارهابى ، اذن فالولايات المتحدة فى هذا الوقت هى الداعم الاول لتلك الجماعات الارهابية على الارض، بجانب اسقاط انواع مختلفة من الاسلحة على تنظيم داعش وتعتذر لانه اسقط عليها بالخطأ وكان يجب اسقاطها على التنظيمات الاخري.



إن وجهة النظر الروسية تؤكد انه لا يوجد ما يسمى معارضة معتدلة تحمل السلاح فى مواجهة الدولة او الجيش الوطني، فكل الجماعات التى تحمل السلاح هى جماعات ارهابية تقف خلفها دول كبرى تسعى الى فرض الفوضى فى تلك الدول وبدعم مالى بلا حدود لتلك الجماعات.



إن روسيا تعتبر ان النظام التركى هو الراعى الاول للارهاب فى المنطقة وذلك عن طريق تسلل العناصر الارهابية عبر حدودها فى نقطة التجمع التى يصل اليه ارهابيو العالم للقتال فى الاراضى السورية تحت دعوى الجهاد، وتسهل السلطات التركية انتقال تلك العناصر عبر حدودها بلا اى معوقات، كما انها تشترى البترول السورى والعراقى من تنظيم داعش الارهابى بابخس الاسعار، وبذلك فهى تدعم ذلك التنظيم اقتصاديا ايضا، وايضا عسكريا لانه يتم شراء السلاح لمواجهة الجيش السوري.



إن روسيا تعى جيدا التهديدات التى ظهرت أخيرا فى منطقة الشرق الاوسط وهى على علم تماما ان ما يحدث فى المنطقة ليس له اى علاقة بالاسلام، وما يقوله افراد التنظيمات الارهابية بعيدة كل البعد عن تفسير الدين الاسلامي، فهدفهم واحد ودعمهم من دول تسعى الى إثارة الفوضى او تغيير الخريطة وتغيير توازنات القوى فى المنطقة لملحة الدول الغربية.



لقد استفادت روسيا خلال الفترة الماضية كثيرا من الاحداث فاستطاعت بعد خوضها الحرب على الارهاب فى سوريا الى نشر أحدث منظوماتها العسكرية، وخاصة فى مجال الدفاع الجوى على الاراضى السورية، وكذا بواسطة القطع البحرية الموجودة فى البحر المتوسط لحماية عملياتها العسكرية التى تنفذها، بل إن التعليمات الجديدة بضرب اى هدف يهدد الطائرات الروسية خلال عملها.



ولو نظرنا الى مستقبل المنطقة سنجد ان روسيا لن تتنازل عن هدف اولى وهو القضاء التام على التنظيمات الارهابية المختلفة على الاراضى الروسية وليس تنظيم داعش فقط وهو الامر الذى اثار الغرب كثيرا، ووضعت لذلك فترة زمنية ومن المتوقع ان تنجزها فى الوقت المحدد بناءً على العمليات العسكرية التى تنفذ على الارض.



كما ان روسيا لن تقف مكتوفة الايدى فى المستقبل فى اى حسابات جديدة ستتم فى المنطقة دون ان يكون لها رأى قوى وفاعل و بخاصة فى القضية السورية، فلن يحدد مصير الادارة السورية الشعب فقط وليس الدول مهما تكن قدراتها وقوتها.



من اللافت للنظر ان روسيا كشرت عن انيابها فهى لا تخضع ولن تخضع لاحد فهى قوة عظمى ودخولها المعركة على الارهاب استطاع ان يقلب الموازين مرة اخرى وستكون ردودها تجاه اى عمل عسكرى ضدها عنيفا اذا تكرر حادث القاذفة التى اسقطت، كما انها توجه العديد من الرسائل للدول الداعمة للارهاب بأن تتوقف عن الدعم لان الفكر الاستراتيجى الروسى يسعى لحماية أمنه القومى.



[email protected]