أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
المفوض العام للأنروا لـ «الأهرام»: نشكر مصر على استضافة اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا
7 ديسمبر 2015
◀ أجرت الحوار - هند السيد هانى:

وجه بيير كرينبول المفوض العام للأنروا الشكر لمصر على دعمها الذى قدمته للأنروا خلال فصل الصيف المنصرم حيث مرت الأنروا بأزمة مالية حادة. كما وجه الشكر للسلطات المصرية على دعمها للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا. وأكد ضرورة الحفاظ على اتصال وثيق مع السلطات المصرية، معتبرا أن مصر تعد داعما قويا للغاية للأنروا ومهامها وأنشطتها.


وأوضح فى مستهل حوار مع «الأهرام» أن وزير الخارجية المصرى سامح شكرى أجرى اتصالات عديدة ببعض المانحين لتأكيد ضرورة حصول الأنروا على الأموال الإضافية.


{ ما عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين جاءوا من سوريا إلى مصر؟



{{ بضعة آلاف، ليس عددا كبيرا للغاية. كان من المهم ايجاد حل لمساعدتهم بسبب حالة الغموض حولهم حيث إنهم تعرضوا للتشريد مرة أخرى. نشعر بامتنان أننا استطعنا التوصل لتفاهم مع وزارة الخارجية المصرية والهلال الأحمر المصري. ووجدنا سبلاً جيدة للتعاون لمساعدتهم بالغذاء والدواء بالتعاون الوثيق مع الهلال الأحمر المصرى وسائر هيئات الأمم المتحدة.



هل تعتقد أن قضية اللاجئين الفلسطينيين تراجعت على أجندة المجتمع الدولى والقوى الإقليمية فى ضوء الصراعات الجارية فى الشرق الأوسط؟



{{ عندما أسافر لعواصم مختلفة فى العالم، هناك شعور أنه بعد 67 عاما من الظلم الذى تعرض له اللاجئون الفلسطينيون، فإن فترة طويلة للغاية قد مرت على هذه القضية، والآن تحديدا بسبب كل الأزمات الأخرى فى المنطقة مثل الصراع السورى والصراع العراقي، واليمن، وليبيا، فإن العديد من الوزراء يكون انتباههم موجها بقوة لمناطق أزمات أخرى. هذا حقيقي. ولكن من الخطأ للغاية أن ننسى مجتمع من 5 ملايين فلسطينى يعيشون ما بين فلسطين والأردن وسوريا ولبنان، فى خضم ما يجرى فى الشرق الأوسط. هناك الكثير من عدم الاستقرار بالفعل، لو تجاهلنا حقوق وكرامة اللاجئين الفلسطينيين سيكون ذلك مصدراً جديداً لعدم الاستقرار، ونحن علينا العمل بجد للغاية لتجنب حدوث ذلك. وقد قضيت وقتا طويلا لمحاولة إلقاء الضوء على الحاجة إلى ما أسميه، «إعادة إحياء التضامن مع اللاجئين الفلسطينيين».



{ كيف تصف أوضاع مخيمات اللاجئين فى سوريا ولبنان؟



{{  فى لبنان تتسم المخيمات بالازدحام الشديد، لأنهم لايزالون فى مساحة الكيلو مربع الذى تم منحه لهم أساسا فى الأربعينيات من القرن الماضي. لذلك لو نظرت إلى مخيم مثل «برج البراجنة» فى بيروت أو «عين الحلوة» جنوب لبنان، فكل منهما عبارة عن كيلو متر واحد. وبسبب زيادة العدد اضطر الناس لبناء المزيد، فضاقت الطرقات. هذه المخيمات بها أعلى معدلات الفقر من بين جميع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. ذلك يرجع أيضا إلى أنه غير مسموح للفلسطينيين فى لبنان بالعمل. لكن فى سوريا الوضع مختلف. فقبل الحرب كانت أفضل الظروف متاحة أمام اللاجئين الفلسطينيين، كان مرحباً بهم من جانب السوريين، كان لديهم فرص للعمل، كان لديهم أعمال فى مخيم اليرموك ويستطيعون الاعتناء بأسرهم بأنفسهم. الآن الحرب دمرت كل ذلك. وهناك جيل آخر من الفلسطينيين الذين شردوا من منازلهم وصاروا الآن يعتمدون على الآخرين فى كل شىء، الطعام وكل حاجات المعيشة الرئيسية. وقد فر عشرات الآلاف إلى لبنان والأردن وأيضا تركيا ومصر مما جعل مجتمع هؤلاء اللاجئين الآن ممزقا. وإذا فكرنا حول مخيمات اللاجئين اليوم فهى مناطق محصورة داخل ميدان المعركة.



{ هل مساعدة هؤلاء اللاجئين تتطلب المال فقط، أم هناك طرق أفضل لتحسين ظروفهم على المدى الطويل؟



{{ الطريق الوحيد لتحسين ظروفهم هو الحلول السياسية، هذه هى الملاحظة الحزينة التى نخرج بها تكرارا. وهذا ليس فقط للاجئين الفلسطينيين ولكن أيضا للسوريين. وبما أن تركيزنا على اللاجئين الفلسطينيين، نرى عاماً بعد عام وشهرا بعد شهر أنه سيكون هناك أجيال أخرى مصابة بالإحباط، حيث إن الأسباب الرئيسية لم تتغير من خلال تحرك سياسي، ففى فلسطين قضية احتلال وحصار يجب أن تحل. لايمكن أن تعيش فى غزة لـ10 سنوات تحت الحصار إلا وتصاب بالإحباط لعدم القدرة على الحركة، فلايوجد حرية أو فرص للعمل. أهم شئ أن يكون المجتمع الدولى جادا فى حل هذه القضايا سياسيا. نرى أن التحرك العسكرى لايجلب حلاً، ونعلم أن التحرك الإنسانى ليس كافيا، وهذا هو وقت التحرك السياسي. الأنروا ستستمر فى لعب دورها المهم حتى تحقق ذلك، ولكن علينا دعوة القوى الكبرى والفاعلين لممارسة نفوذهم من أجل حل سياسي.



{ ما  الدول الملتزمة بحصتها فى دعم الأنروا، وما التى توجه لها اللوم؟



{{ أكبر متبرع منفرد هو الولايات المتحدة التى طالما التزمت فى دعمها على مدار الأعوام. الاتحاد الأوروبى هو ثانى أكبر  متبرع، يليه السعودية، ثم المملكة المتحدة، ثم السويد، النرويج، ألمانيا، سويسرا، اليابان وأيضا الإمارات والكويت من بين كبار المتبرعين. هذه هى الدول التى نشعر أنهم شركاء أقوياء ومحل ثقة. نحن بالطبع نرى إمكانيات متنامية فى العالم العربي. المانحون العرب ودول الخليج، خاصة السعودية والإمارات والكويت. السعودية والإمارات تحديدا كان يركزون بشكل قوى تاريخيا على إعادة الإعمار. والثلاث دول قدمت المساعدة خلال الصيف المنصرم. ما نريده الآن؛ أن نراهم يدعمون البرنامج التعليمى لنا وهو أمر مهم للغاية للاجئين الفلسطينيين. وفى السياق العربى والشرق أوسطي، نعتقد أنه علينا تحسين علاقات الأنروا مع قطر وتركيا.



{ هل توجه اللوم لقطر وتركيا؟



{{ قطر أعطتنا مالا للتعليم فى الماضي، ولكن أعتقد أن هناك إمكانية أكبر لكلانا للعمل معا. تركيا الشئ ذاته، أعتقد أن الأنروا لم تبذل جهدا كافيا مع تركيا. ومن بين الدول الأخرى التى نخطط للتركيز عليها: روسيا، الصين، كوريا الجنوبية، إندونيسيا، وماليزيا.



{ أزمة تمويل المدارس فى مخيمات اللاجئين، هل تم حلها؟



{{ نعم تم حلها للعام الحالي. لدينا نحو 700 مدرسة فى المنطقة بأكملها، وفريق تعليمى مكون من 22ألف فرد، فضلا عن 500 ألف طالب وطالبة. الأمر يحاكى دولة توفر تعليماً ورعاية طبية لهؤلاء الصغار. ونحن نخشى للغاية أنه بسبب حجم العجز الذى يقدر ب100 مليون دولار، لن نكون قادرين على بدء عمل المدارس فى موعده. وهذا خلق الكثير من القلق للأردن ولبنان وفلسطين وسوريا. فهذه الدول خشيت من انعدام الاستقرار الذى سيحدث لو أن نصف مليون طفل لم يعد بقدرتهم الذهاب إلى المدرسة. لذلك نحن منخرطون بنشاط مع مجتمع المانحين، فعلينا ايجاد حلول فى المستقبل لزيادة استقرار أنشطتنا.



{ بعض الأصوات اليهودية تدعو إلى إلغاء الأنروا وتوجيه مواردها للمفوضية العليا لشئون اللاجئين، ماذا تقول لهم؟



{{ لو أن الناس تعتقد أنه بإزاحة  الأنروا بعيدا ستختفى قضية اللاجئين الفلسطينيين، فهذا وهم. لا أحد يعتقد أنه حتى لو اختفت الأنروا سيختفى معها شعور الفلسطينيين بالظلم. قضية الظلم داخل كل فلسطينى أجبر على ترك منزله. أعتقد أنه من الأفضل لمن يتمنون ذلك أن يعملوا مع الأنروا عن كثب لإيجاد حل وبالتحديد للقضايا السياسية. عادة ما أتساءل، هل الانروا هى التى تطيل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتمنع الوصول لحل؟! السياسة هى التى تمنع الحل.. السياسة والناس الذين يريدون صرف الانتباه عن عجزهم لإيجاد حل، أعتقد أنه من الأفضل التركيز على القضايا الحقيقية.