طوال تاريخها، وعلى مر العصور، تعرضت مصر لأزمات عديدة، لكنها استطاعت فى كل مرة الخروج بسلام،
وربما أقوى مما كانت، والفضل يعود إلى عوامل وأسباب عديدة، تتعلق وترتبط بكل أزمة وكل مرحلة، لكن القاسم المشترك هو ما يمكن وصفه بـ«وحدة النسيج المجتمعي».
وفى تاريخنا المعاصر، كان هناك اختباران هما الأشد خطورة وتأثيرا على مصر.. الأول «نكسة 1967»، حين فقدت مصر قوتها العسكرية فى معركة ظالمة لجيشها الباسل، لكن الشعب المصرى أعلن التحدى والإصرار على الصمود، تمهيدا للانتصار بدءا من يومى 9 و10 يونيو 1967، الأمر وقتها ربما تجاوز التمسك بزعيم، إلى معنى أكبر هو رفض تحويل خسارة معركة حربية، إلى هزيمة أمة.. وهكذا وخلال فترة لا تزيد على السنتين استعادت مصر قوتها، وعادت لساحة المعركة واستمرت حتى انتصرت فى أكتوبر 1973، كانت قوة المجتمع وتماسكه هما القاعدة الرئيسية والأساس الصلب لرفض الهزيمة وتحويل المحنة إلى فرصة أخرى للنجاح، تكللت بانتصار عظيم.
أما الاختبار الثاني، فهو فترة حكم الإخوان.. حيث شعر المصريون بأن هويتهم مهددة، وتاريخهم وجغرافيتهم يتعرضان لمحاولة نزع للجذور، فتمسكوا بأكثر من 7 آلاف عام تشكل تاريخهم المكتوب، وجغرافيتهم الثابتة والمتماسكة، وانتصرت إرادة الشعب يومى 30 يونيو و3 يوليو عام 2013.
الآن مصر تمر باختبار جديد.. ربما تكون فرصة أخرى كى يثبت المصريون مجددا قوتهم وتماسكهم ووحدتهم، فى مواجهة تحديات بالغة الصعوبة والتعقيد.. وهو تحد قد يكون الأخطر على الإطلاق، ذلك أن التطورات والأوضاع والظروف الإقليمية والدولية، تضع على عاتق المصريين، مهمة إنقاذ المنطقة وليس أنفسهم ودولتهم، ووحدتهم وهويتهم وسيادتهم فقط..
المصريون فى اختبار جديد.. ولاشك سيعبرونه بالتماسك والاتحاد والعمل، فهم قادرون على كتابة سطر جديد فى مجلدات التاريخ والحضارة التى شهدت لهم على الدوام، بفضل «وحدة النسيج الاجتماعي».