أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
الاتحاد الخليجى .. شعوبا لا حكومات !
13 نوفمبر 2015
فرحـات حسـام الديـن

لم يستطع مجلس التعاون الخليجى لدول الخليج العربية بعد 34 عاما من نشأته و35 قمة دورية و18 قمة تشاورية لقادته و240 اجتماعا لمجلسه الوزارى


وأكثر من 25 عاما على غزو العراق الكويت وتحريرها، ان يحقق الاتحاد بين دوله تنفيذا لما نص عليه نظامه الاساسى فى مادته الرابعة بأن هدف مجلس التعاون هو تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء فى جميع الميادين وصولا لوحدتها،.


وقد جاءت مبادرة خادم الحرمين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز التى طرحها فى القمة الخليجية الـ 32 بالرياض عام 2011، بالانتقال بالمجلس من مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد تتويجا لما قطعه المجلس من تعاون وانطلاقا من رغبة حقيقية فى ان تصبح دول المجلس دولة موحدة وقوية فى مجالات السياسة الخارجية والاقتصاد والدفاع والأمن، تحقق الوحدة بين شعوبها، قادرة على تحويل قوتها من نفط وطاقة وصناديق سيادية واستثمارات مالية الى قوة صلبة تمنع كل من يحاول النيل منها.



وعلى الرغم من ان هذه المبادرة قد باركها قادة التعاون الخليجى ولاقت منهم فى البداية ترحيبا فإن أيا منهم لم يعلن موقفا رسميا منها، لاسيما أن لكل دولة رأيها وتصورها وموقفها الخاص من مفهوم الاتحاد القائم على تقديرها لمصالحها الاستراتيجية، فمشكلة الاتحاد الخليجى تكمن فى التفاصيل وما إذا كان فيدراليا او كونفيدراليا او على غرار الاتحاد الاوروبي، كما ان هناك عددا من العوائق والعقبات حالت دون قيامه فى مقدمتها هاجس الاستقلال والسيادة، حيث عارضت سلطنة عمان صراحة وعلانية منذ البداية، فكرة تحويل مجلس التعاون الى اتحاد وأكدت على لسان أحد مسئوليها أنها لن تنضم الى الاتحاد حال قيامه وسربت معلومات عن تهديدها بالانسحاب من مجلس التعاون فى حال طرح موضوع الاتحاد للنقاش فى قمم خليجية اخري، بينما ابدى بعض النخب فى الكويت شيئا من التحفظ على فكرة الاتحاد باعتبار ان الكويت قطعت بتجربتها البرلمانية المتميزة شوطا كبيرا على طريق الديمقراطية غير مسبوق فى دول التعاون، كما ابدى بعض النخب بدولة الامارات بعضا من التردد باعتبار ان الامارات قطعت شوطا كبيرا فى الانفتاح على الثقافات والأنظمة والحضارات الاخرى (دبى نموذجا) لم تعهده الدول الخليجية المتحفظة، ولن يتم التراجع عنه، بينما رأت قطر ان الاتحاد سيكون اقتصاديا وفقا لمقولة صاحب مبادرة الاتحاد حينذاك بأن الاقتصاد سيكون بمثابة حجر الاساس للاتحاد الخليجي، ولم تعد فكرة الاتحاد تتصدر الأولويات منذ القمة الخليجية بالكويت عام 2013 وتعثرت مناقشتها بعد ان قرر القادة تأجيلها وإخضاعها لمزيد من الدراسة حيث قال حينئذ الراحل الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية: «إن الاتحاد الخليجى سوف يستغرق وقتا» .



إلا ان الدعوة لقيام هذا الاتحاد قد تجددت أخيرا عبر الصحافة والميديا الخليجية مع تصاعد التدخل والمد الايرانى فى العراق واليمن وسوريا ولبنان حيث تأكد ذلك بوضوح فى تصريحات رسمية معلنة لعدد من القادة الايرانيين، بأن عواصم تلك الدول باتت فى قبضة ايران وهيمنتها، وان دولا خليجية وعربية فى طريقها الى ذلك قريبا، حيث تعمل ايران على بسط هيمنتها على منطقة الخليج وذلك بوضعها بين فكى كماشة ايرانية، فبعد هيمنتها على العراق شمالا سعت وتسعى جنوبا اليمن جنوب السعودية مستخدمة ومتحالفة فى ذلك مع الحوثيين (وقد افسدت السعودية هذا المشروع بشن عاصفة الحزم)، كما تحاول ايران زعزعة الاستقرار فى دول التعاون وشن حرب دعائية لإفشال قيام الاتحاد الخليجى بالزعم بأن الهدف منه هو هيمنة السعودية على دول الخليج.



فهل تدفع التحديات والظروف الصعبة التى تمر بها منطقة الخليج والمنطقة العربية والتى يتعرض لها الأمن القومى الخليجى والعربى للخطر الى توصل قادة التعاون الخليجى الى اتفاق بشأن قيام الاتحاد الخليجي؟ الجواب نعم ولكن ذلك لن يتأتى إلا بإعادة طرح فكرة الاتحاد للدراسة الجادة وبمشاركة شعبية عبر الاستفتاءات ومناقشات المجالس النيابية والتشريعية والنقابات والاتحادات النوعية والجمعيات الأهلية حتى يأتى الاتحاد الذى يتم اختياره والموافقة عليه شعبيا قبل اقراره من القادة اتحادا بين الشعوب لا اتحادا بين الحكومات فقط!.