أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
قصص
«حكايتى عجيبة» .. أسطورة بشر ترويها الحيوانات!
4 نوفمبر 2015
محمد شعير

كيف نكتب كتابة صحفية عابرة.. عن مجموعة قصصية باهرة؟!.. أليس من الأجدى أن ننقل النص كما هو؟.. ولكن كيف؟.. اذن لا مفر.. ولا ضير.. فالصحافة جسر بين البشر.. يعبر المبدع نصفه.. فى انتظار من يقابله.. لعل القارئ يقرر خوض الرحلة.. بنفسه وعلى حريته.


على أى حال، فى الاستهلال، اقرأ أولا هذه الكلمات، من قصة "زوال..!!"، ضمن المجموعة القصصية التى تحمل عنوان "ضمير مستعمل للبيع"، للأديب والكاتب الصحفى الليبى فوزى الحداد، الصادرة عن "الدار للنشر والتوزيع".فى بداية القصة يقول الكاتب: "تتخاطفه الجموع.. تشده من كل ناحية.. نظر مندهشا ذاهلا.. وبدا أنه لم يفهم بعد!!.. رغم أنه طالما كان بين الجموع.. يخاطبها فتهتف له.. يشير بيديه فتزداد هتافا حد الجنون..!!". لكن بطل القصة، الذى مسح جبهته بيده الملطخة بدمه، صرخ فى من حوله قائلا: "حرام عليكم.."، فجاءه الرد المزلزل على الفور: "أنت تعرف الحرام أنت؟.. أنت تعرف الحرام أنت؟". وأخيرا تنتهى القصة، أو مشهد الزوال، بقول الكاتب: "غامت الرؤية وعم الضباب عينيه.. فيما أخذت غيمة خريفية تنقشع مفسحة المجال لنور الشمس الذى غمر المكان".


وهكذا، ربما لا يحتاج القارئ حتى الى استحضار معنى التاريخ المدون فى نهاية قصة "زوال..!!"، وهو 20 أكتوبر 2011، ليعرف أن الكلمات السابقة ترصد "مشهد زوال" العقيد الراحل معمر القذافى بعد القبض عليه، دون الاشارة له صراحة، لكن السؤال هو.. هل انقشعت تلك الغيمة الخريفية بالفعل أو غمر نور الشمس المكان؟!



السؤال لنا، لكن الاجابة بالطبع ملك للقارئ، يصل اليها بنفسه وعلى حريته، الا أنه قد يستشعر ملمحا لاجابة الكاتب ذاته، الذى أعقب هذه القصة بأخرى تحت عنوان "أسطورة لكل الأزمنة"، وهى مكونة من 6 أجزاء منفصلة، حصلت الأجزاء الخمسة الأولى منها على المركز الأول فى مسابقة نجلاء محرم للقصة القصيرة عام 2005، لكن الكاتب قرر على ما يبدو أن يضيف اليها فيما بعد جزءا سادسا، هو آخر نصوص المجموعة القصصية بالكامل، ربما للتعبير عما جرى.. بعد الزوال!



وعلى أى حال، تبدأ جميع أجزاء "الأسطورة"، بمقدمة ثابتة، هى: "حكايتى عجيبة.. بدأت قبل آلاف السنين، عصور غابرة مرت، وأنا كما أنا، خضت كل الأزمنة، رأيت أطيافا من ملايين البشر، ومزقت آلاف الصفحات من سفر التاريخ، وقلبت موازين السماء".والراوى، فى جميع الأجزاء يستيقظ ليجد نفسه كائنا مختلفا، فهو فأر يتسلل فى الدهاليز المظلمة، وينقل أسرار البيوت، اختاره الفئران لشجاعته ليضع جرسا فى رقبة قط شرس لمعرفة مكانه، فراح ليعطى الجرس للقط، مرشدا عن تفاصيل المؤامرة وقادتها، وهو قملة تعيش فى فراش الملك وتتغذى على دمه فى أمان وحذر، حتى اطمأنت وأخذها اللهو، فيزورها برغوث وينكشف أمرها، ليعدمها الخدم "قصعا"، وهو كلب اختار الهرب من المدينة رغم وفرة العظام والشراب، لا لشئ الا لأن شيخ الكلاب كان يجرم النباح!



وفى الجزء الأخير، المضاف غالبا بعد "الزوال"، أصبح الراوى قردا. استغل الاختفاء المفاجئ للأسد من الغابة، فصار بقليل من المكر حاكما. سعى الى تدعيم أركان الحكم الرشيد، فقطع رأس حمامة غنت فى الفضاء، وفرض على نسلها اطعام الثعلب المسكين أبد الدهر. برزت جماعة من الطيور والحملان تطلب شيوع ثقافة التسامح بين أجناس الغابة، فشوى بعضهم، وفرق جمعهم. أعلى من شأن القرود وجعل لهم الكلمة العليا، سعى لاقناع الجميع بأنهم سلالة نقية تنحدر من سلالات ملكية، بل اقترح البعض انشاء رابطة عالمية لهم، للتبشير بعودة السلالة الملكية فى حكم العالم.



مضى كل شئ كما خطط له القرد تماما، حتى سرت "شائعة خبيثة" بقرب عودة الأسد. هاجت الحيوانات ضده وعلا صوتها. طالبت بعزله ثم غدت تطلب رأسه. لم يجد بدا من أن يهرب صاغرا.. وعندما هدأ كل شئ لم يأت الأسد.. حقا إنها حكاية عجيبة!



الكتاب:"ضمير مستعمل للبيع"



المؤلف: فوزى الحداد



الناشر: الدار للنشر والتوزيع



2015