لم يكن لبنان بالرغم من أهميته بالشرق الأوسط فى دائرة اهتمام السياسة الروسية ومن قبلها السوفيتية عدا رعاية ودعم الكنيسة الأرثوذكسية فى لبنان وبعض التعاون فى مجال التعليم،حتى توسعت العلاقات شيئا ما بعد تأسيس الزعيم الدرزى الراحل كمال جنبلاط للحزب التقدمى الإشتراكي، إذ أن الإهتمام السوفيتى ومن بعده الروسى كان منصبا على سوريا بصفتها القومية الكبيرة.
وبينما كان لبنان ساحة مفتوحة للتدخل والنفوذ الأمريكى والفرنسي،كان الدور الروسى فى لبنان ينمو ببطء السلحفاة،ومع الوجود العسكرى الروسى فعليا على الأرض فى سوريا برز الدور الروسى فى لبنان لدرجة أن السفير الروسى أصبح يماثل فى أهميته السفير الأمريكى إن لم يكن يفوقه أهمية بعد دخول الدب الروسى لمعترك السياسة والحرب فى سوريا..
السفير الروسى فى لبنان الكسندر زاسبكين أصبح محل إهتمام محطات التليفزيون والصحف فى لبنان خاصة وأنه يتحدث العربية بطلاقة ،حيث يتحدث عن الدور الروسى فى المنطقة وخاصة سوريا ،مؤكدا دعم روسيا لحلفائها دون النظر لرضا الآخرين أوسخطهم.
وكانت صحيفة «الديار» اللبنانية قد نقلت عن مصادر أمنية قولها عن وجود مخطط لخطف السفير الروسى فى لبنان ألكسندر زاسبكين، وأن عناصر من داعش تراقب السفير وتحركاته وأوقات وصوله إلى السفارة وخروجه منها، لأنها ستقوم إما بعمل انتحارى ضد موكبه أو ستسعى إلى خطفه.
وتلقى حزب كان على علاقة تاريخية مع الإتحاد السوفيتى تحذيراً شديد اللهجة من قبل السفارة الروسية فى بيروت ، الأمر الذى دفعه إلى الغاء مظاهرة كان يعد لها بالقرب من السفارة احتجاجا على التدخل العسكرى الروسى فى سوريا.
وبينما أقام وليد جنبلاط غداء تكريم منذ شهرللسفير الأمريكى فى لبنان ديفيد هيل بمناسبة انتهاء مهامه فى لبنان، أقام رئيس حزب التوحيد العربى الوزير الدرزى الأسبق وئام وهاب المتحالف مع الأسد غداء تكريماً للسفير الروسى فى لبنان الكسندر زاسبكين تقدير لمواقف وقرارات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.
وشكل غداء جنبلاط الدبلوماسى مناسبة من قبل عدة مشاركين فيه لاستيضاح السفير هيل عن مستقبل المنطقة، ومستقبل الدروز فى ظل ما يواجهون من تهديدات وتحديات فى كل من ادلب والسويداء بسوريا، وقد استفاض يومها رئيس الهيئة الروحية ورئيس مؤسسات العرفان الدرزية الشيخ على عز الدين فى استيضاح الدبلوماسى الأمريكي، عن الدور الأمريكى من زاوية صلته بالأزمة السورية ومصير أبناء طائفة الموحدين الدروز فى ضوء ما يواجهون من مخاطر.
أما تكريم الوزير الأسبق وهاب للدبلوماسى الروسى زاسبكين، فكان أبعد من الحسابات الداخلية درزيا بين جنبلاط ووهاب، خاصة فى ظل مشاركة ممثلين عن كل وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامى الجميل والقنصل المصرى العام فى لبنان شريف البحراوى بالرغم من التباين الواضح بين هؤلاء مع سياسة وهاب كحليف لروسيا، والاسد وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، حيث أكد وهاب علنا أن القلق الذى كان يخيم على طائفة الموحدين الدروز، لم يعد موجوداً، فبعد قرار الرئيس بوتين ودخوله العسكرى الى سوريا،باتت السويداء - معقل الدروز فى سوريا- فى أمان، بحيث باتت السويداء حسب المراقبين، محيدة حالياً وفى حماية الوجود العسكرى الروسي.
وبينما غادر السفير الأمريكى موقعه فى بيروت دون قدوم سفير أمريكى جديد ،يستمر السفير الروسى الكسندر زاسبكين فى تقدمه فى ظل حالة انكفاء أمريكية،بحيث ستكون كفة الميزان حالياً مرجحة لصالح روسيا وحلفائها فى سوريا.
ويثق زاسبكين بعدالة القضية فى سوريا، قائلا خلال غداء تكريمه لدى الوزير وهاب :إننا نسعى الى إعادة التوافق فى المجتمع العربى وتثبيت مبدأ العيش المشترك فى دول تضمن حريات وحقوق الإنسان والمساواة من دون تمييز طائفى أو إثني.مؤكدا أن روسيا ماضية فى حربها فى سوريا، وسوف تتعاون مع الجميع الذين يقفون ضد التطرف والإرهاب والغطرسة حتى النصر وإحلال السلام فى سوريا، وعندها سوف يكون شعب لبنان مرتاحاً ويعيش من دون قلق وبسلامة وبرفاهية. من هنا، فإن مصلحة لبنان تكمن فى الانتصار فى سوريا، ولبنان شريك فى هذه الحرب على الإرهاب، وما الإشادة بالجيش اللبنانى وقوى الأمن سوى تأكيد روسى علنى لذلك.
وبالرغم من إحتمال فقدان الروس لحليفهم التاريخى فى لبنان - الحزب التقدمى الإشتراكى بزعامة جنبلاط - إلا أنهم يكتسبون حلفاء جددا متمثلين فى فريق 8آذار الذى يتحالف مع بشار الأسد وإيران ،مما قد يسرع بعملية إنتخاب رئيس لبنانى ويجعل مرشح 8آذار للرئاسة العماد ميشال عون الأقرب إلى قصر بعبدا ولو كان على جناح السوخوى الروسية.