أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
الإعلام ومواجهة التزييف الإخوانى بالخارج
5 أكتوبر 2015
د. حسن أبو طالب


الإعلام هو نقطة ضعف مصر الآن، صوتنا لا يصل بالشكل الكامل لكل دول العالم وهذا يحتاج إلى تكلفة كبيرة»، هذه كلمات الرئيس السيسى أمام مجموعة من الإعلاميين الذين رافقوه فى زيارته الأخيرة إلى نيويورك للمشاركة فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. والكلمات واضحة تماما وتضع النقاط على الحروف ـ كما يُقال ـ فى واحدة من أهم القضايا التى تواجه مصر الآن وهى أن صورتها للأسف الشديد محل تعريض وتشويه نتيجة الحرب الإعلامية الهجومية التى يشنها التنظيم الدولى للإخوان سواء فى الفضاء الالكترونى أو فى مجالات العمل العام فى العديد من بلدان العالم خاصة الكبري، وهى حرب تتكلف الكثير من الأموال ووراءها أجهزة دولية كبرى ومجموعات عمل منتشرون فى أكثر من بلد، مدفوعة بوهم كسر النظام المصرى واستعادته مرة أخرى إلى نفوذ الجماعة والتنظيم.


ومن حيث المبدأ ليس أمام مصر إلا طريق واحد وهو المواجهة وعدم القبول بالهزيمة أو التراجع أو التردد. فصورة مصر فى الخارج مكون مهم ورئيسى لا يمكن التضحية به أو اعتباره ترفا لا لزوم له. وكما هو معروف لدى أهل الإعلام المتخصصين أن بناء الصورة مرتبط أولا وأخيرا بما يجرى على الأرض، فالوقائع هى عناصر الصورة، ويأتى معها تفسير هذه الوقائع وتحليلها بما يدعم الصورة التى يجب بناؤها وتشكيلها فى أذهان المتلقي. وهنا يأتى دور الإعلام القوى والواعى والكفؤ. وأتصور أن تجربتنا فى العامين الماضيين تثبت أهمية تغيير الواقع كخطوة أولي، والمؤكد أن صورة مصر الآن أفضل نسبيا مما كانت عليه بعد 30 يونيو مباشرة وما تلاها من أحداث. ومع ذلك فهى ليست الصورة التى ترضينا والتى نسعى إليها. وإذا كانت مصر الآن تجاوزت فكرة الحرب الأهلية التى روج لها تنظيم الإخوان الارهابي، واستعادت مساحة كبيرة من الاستقرار السياسي، وأعطت مؤشرات مهمة على إرادة المصريين فى الانجاز كما عبر عن ذلك مشروع قناة السويس الجديدة والمشروعات القومية الكبرى واستراتيجية التنمية حتى 2030، فإن القدرة على توظيف كل هذه التطورات الكبرى والايجابية فى مواجهة عملية التشويه الاخوانى فى الخارج هى نقطة الضعف الكبرى التى يتحمل الإعلام المصرى بكل مكوناته وبحالته الغارقة فى المحلية والانكفاء على الذات نصيبا كبيرا، ولكنه ليس وحده المسئول عن مثل هذا التراجع فى الخارج، فهناك مؤسسات أخرى هى بحكم دورها ووظيفتها مسئولة أيضا عن مواجهة التشويه الخارجى ومسئولة عن تصحيح الصورة المصرية ووضع الحقائق أولا بأول أمام كل الجهات المعنية والتى تؤثر فى صنع القرار جنبا إلى جنب التأثير فى الرأى العام المحلى فى بلدانها. ومن هذه المؤسسات وزارة الخارجية والهيئة العامة للاستعلامات ومراكز البحوث والدراسات والمؤسسات الثقافية المعنية بالتواصل مع الخارج والمؤسسات الإعلامية خاصة أقسامها الموجهة إلى الخارج باللغات الحية إن وجدت، إضافة إلى منظمات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية والأكاديميين فى الجامعات، حتى رجال الأعمال الكبار عليهم دور ومسئولية لتصحيح صورة بلدهم بما يتناسب مع طبيعة المواجهة المصيرية المفروضة علينا.



كل هؤلاء مسئولون عن تصحيح الصورة المصرية وعن مواجهة التشويه وعن رصد وفضح الجهات المعادية لمصر. ومن الواضح أنه لا يوجد رابط بين حركة هذه المؤسسات فيما يتعلق بمواجهة التشويه لصورة مصر. وصحيح هناك اجتهادات تحدث بين حين وآخر، من قبيل قيام بعض رجال الأعمال بتمويل حملة دعائية إعلامية فى بلد يزوره الرئيس ترصد بعض الوقائع الايجابية التى تجرى فى الداخل وترد على الكثير من الإساءات والأكاذيب التى تبرع فيها الجماعة الارهابية، ولكنها تظل اجتهادات مؤقتة ويزول تأثيرها بمجرد الانتهاء منها.



وإذا كنا نبحث عن سياسة طويلة المدى لمواجهة الحرب الإعلامية التى تمثل أحد أهم الاذرع فيما يعرف الآن بحروب الجيل الرابع التى تعتمد على نشر الاشاعات الكاذبة وقلب الحقائق وتقديم صور مغلوطة ومشوهة عن التطورات الداخلية فى البلدان المستهدفة وإثارة البلبلة فيها وزرع الانقسامات والتأثير على التماسك الداخلى للمجتمع المستهدف، فإن إعلام الدولة أو ما يعرف بإعلام المجتمع والخدمة العامة هو الجهة الأكثر مناسبة للقيام بدور فعال فى هذه المواجهة دون تجاهل الأدوار التى يجب أن تقوم بها المؤسسات الأخرى السابقة الإشارة إليها.وتبدو المعضلة الأكبر هى فى إعادة تأهيل هذا النوع من الإعلام العام سواء المؤسسات الصحفية أو الإعلام التليفزيونى والفضائى تحديدا. وهو أمر يتطلب خطة إنقاذ وإعادة هيكلة متعددة المستويات والمراحل أيا كانت تكلفتها وصولا إلى إعلام مؤثر وفعال وقادر على المواجهة. ودون هذه الخطط الطموح لاعادة الهيكلة الشاملة مهنيا وإداريا وماليا والتى قد تستمر ثلاثة أو خمسة أعوام ستظل المشكلة والشكوى من ضعف الإعلام وغياب دوره أمرا معتادا. وإذا تصورنا نوعا من التكامل المدروس بين إعلام الدولة والإعلام الخاص فى هذا الصدد فمن المؤكد أن المحصلة ستكون لمصلحة الوطن بلا جدال.



إن تكاملا بين الموارد المالية لبعض المؤسسات الإعلامية الخاصة وكوادر وبنية أساسية لإعلام الدولة من أجل إقامة قناة فضائية تعمل وفقا للمعايير المهنية العالمية وتكون موجهة باللغة الانجليزية ثم الفرنسية وربما لاحقا الروسية والصينية، فمن المؤكد أن تحييد التشويه وتقديم صورة واقعية ومهنية واحترافية عما يجرى فى مصر سيكون عملا إيجابيا بكل المقاييس. على أن يساند ذلك مواقع الكترونية باللغات الحية تعمل بأعلى التقنيات وترد بالوقائع وبالصور والأحداث أولا بأول على كل ما تقوم به المواقع المشبوهة والتحريضية والإرهابية.



إن كسب معركة الرأى العام فى البلدان الكبرى صانعة القرار فى العالم يعد شرطا مهما فى العالم المعاصر الذى تتداخل فيه المجتمعات بشكل غير مسبوق، وتلعب فيه وسائل الاتصال التقليدية والحديثة دورا مؤثرا فى تحديد توجهات العلاقات بين الدول. ومصر التى تتجه الآن لكى تكون عضوا غير دائم لمدة عامين فى مجلس الأمن الدولي، سيكون عليها عبء كبير فى الوصول إلى شرائح متعددة من العالم لشرح ما تقوم به من أجل سلام العالم وأمنه واستقراره، ومن الصعب تصور أى نجاح فى هذا المسعى وهناك من يستحوذ على اهتمام بعض هذه الشرائح ويُزيف الحقائق المصرية أمامها. يشار إلى أن الجالية المصرية فى الخارج تستطيع عبر شبكات التواصل الاجتماعى أن تسمع صوتها للجميع وتشرح لهم كل شىء.