أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
مصر إلى أين ؟
3 أكتوبر 2015
عبدالغفار شكر


بعد ثلاثة أشهر سوف يكتمل البنيان السياسى لمصر بانتخاب مجلس النواب وكان قد تم قبلها الاستفتاء على الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية. وتأتى أهمية الدستور الجديد فيما تضمنه من أسس وقواعد تحكم العلاقات بين الشعب والدولة فضلا عن العلاقات بين مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية وهناك تساؤلات عديدة من المواطنين حول مستقبل البلاد وإلى أين تسير وقد أصبح الآن ممكنا للشعب أن يحكم على أداء هذه المؤسسات وهل يساعد هذا على تحقيق أهداف ثورة 25 يناير التى بلورها الشعب فى تحركه الثورى فى الفترة من 25 يناير إلى 11فبراير عندما نجحت الجماهير فى إجبار رئيس الجمهورية على التخلى عن الحكم وما تبع ذلك من صراعات حسمها الإخوان المسلمون عندما فرضوا ان تتم الانتخابات البرلمانية أولا وأن يصاغ الدستور ثانيا من خلال جمعية تأسيسية يحوز تيار الإسلام السياسى على أغلبيتها وقد نتج عن ذلك وثيقة دستورية تفتح الباب أمام دولة ذات طابع دينى أشبه بدولة ولاية الفقيه واكتملت صورة المشهد السياسى حين ذاك بانتخاب مرشح الإخوان المسلمين رئيسا للجمهورية وتأكد للشعب خلال عام من حكم الإخوان المسلمين أن الوضع يبتعد كثيرا عن أهداف ثورة 25 يناير فتصاعدت الأصوات مطالبة بالتغيير لاستعادة الثورة وانتفض الشعب فى 30 يونيو وما قبلها للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة يستعيدون من خلالها ثورتهم. وتؤكد هذه التطورات حقيقة أساسية لم يفهم الكثيرون وقتها أنها عامل حاسم فى مصير البلاد هذه الحقيقة هى أن الثورة تأتى فى الحقيقة نتيجة لتحرك الشعب مؤكدا انه لم يعد يقبل أن يحكم كما كان يحكم وان ما كان يجرى فى الأربعين سنة السابقة لعام 2011 لم يعد مقبولا من الشعب ان يستمر سواء فى أساليب الحكم او توجهاته وما شهدته هذه الفترة من استبداد وتزوير للانتخابات فى كل المجالات وهيمنة مباحث أمن الدولة على الحياة السياسية وتم تحجيم المجتمع المدنى وتوقف الحكم عن تطوير الاقتصاد المصرى فى اتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية. وعندما تنتهى انتخابات مجلس النواب وتتضح طبيعة تكوينه وكيفية ادائه مسئولياته ومدى تلبيتها لاحتياجات الشعب واهدافه التى اعلنها يوم 25 يناير وهى عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية. وسوف يتحدد موقف الشعب على ضوء ممارسات مجلس النواب لمسئولياته وعلى رأسها أهداف ثورة 25 يناير التى لم تكن مجرد هتافات يرددها الشباب ومعهم ملايين المصريين بل كانت تعبيرا حقيقيا عن رؤية الشعب المصرى لمستقبل مصر والذى يتطلع إلى أن يكون هذا المستقبل فى إطار نظام سياسى جديد يحترم الحريات ويحقق العدالة الاجتماعية ويوفر الحماية لكل مواطن من أى مساس بكرامته ويتحقق ذلك أولا بإعطاء مجلس النواب الأولوية فى نشاطه لتفعيل الدستور الجديد بإصدار القوانين المكملة للدستور والتى ستترجم المبادئ المنصوص عليها فيه من خلال قوانين تلتزم بها السلطة التنفيذية وإصدار العديد من القوانين التى قامت منظمات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية بصياغتها فى السنوات الماضية لتكتمل الصورة بتشكيل الحكومة وبرنامجها الذى ستتقدم به إلى مجلس النواب للحصول على ثقته وهل يلبى هذا البرنامج أهداف الثورة واحتياجات الشعب . وسيتأكد يومها أن الحقيقة الأسياسية التى تحكم البلاد منذ 25يناير والتى أشرنا إليها سابقا أن الشعب المصرى لن يقبل أن يحكم كما كان يحكم من قبل وإذا كان الشعب يراقب الآن تطور الوضع السياسى الجديد فإنه قد اثبت وعيه بمتطلبات المرحلة ، يكفى فى هذا ما قام به من تمويل قناة السويس الجديدة بأكثر من 60 مليار جنيه وانه على استعداد لمساندة الحكم بشرط إلتزامه بما نادى به الشعب من أهداف ومطالب وما ورد فى الدستور من أحكام سواء فى مجال الحريات أو الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية فإذا ما تبين له ان مجلس النواب والحكومة لا يعملان فى اتجاه تحقيق مطالبه فإنه رغم غلق المجال السياسى امامه الأن لن يقبل بأى سياسات تعود به إلى مرحلة سابقة . من هنا تأتى أهمية أن يحسن المواطنون انتخاب نوابهم وأن يكون معيار تفضيل مرشح على آخر هو موقفه فى الفترات السابقة وإذا كان البعض يتخوف من عودة قيادات الحزب الوطنى إلى السلطة من خلال عضوية مجلس النواب فإن الأمر بيد الشعب وهو المسئول عن نتائج الانتخابات بأن يدقق فى اختيار المرشحين الذين يثق فى قدرتهم على التعبير عنه وتلبية مطالبه. ورغم اننا نعلم منذ الآن ان المال السياسى سوف يلعب دورا كبيرا فى حسم نتائج الانتخابات كما نعلم أن العصبيات العائلية سوف يكون لها دور فى انتخاب النواب إلا اننا نثق فى وعى هذا الشعب الذى أنهى حكم مبارك السلطوى وحكم الإخوان المسلمين الرجعى ويستطيع بالفعل أن ينتخب لعضوية مجلس النواب شخصيات تتسم بالنزاهة والكفاءة والمصداقية. إننا بصدد اختبار بالغ الأهمية لمستقبل مصر سوف تتضح أبعاده من خلال تشكيل مجلس النواب وممارساته وليعلم الجميع ما ذكرناه من قبل أن هذا الشعب لن يقبل أن يحكم كما كان يحكم من قبل. وإنه يبحث عن حياة أفضل وهو قادر على تحقيق ذلك مهما كانت الصعوبات ومهما كان التشويش الذى يمارسه البعض.