أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
اندساس إرهابيين بين اللاجئين..هاجس يؤرق ألمانيا!
24 سبتمبر 2015
مازن حسان

انتشرت فى الأيام الماضية على مواقع التواصل الاجتماعى فى ألمانيا صورة للاجئ عربى شاب يبتسم بود مرتديا قميصا كتب عليه «شكرا لكم» بالخط العريض وقد التقطت له الصورة مع مجموعة من بين آلاف اللاجئين السوريين القادمين من المجر عبر النمسا



والذين فتحت ألمانيا أبوابها لهم على مصراعيها منذ أسابيع قليلة قبل ان تتدارك الحكومة الالمانية خطأها وتعيد الرقابة على حدودها مرة أخري. وقد أثارت صورة الشاب جدلا واسعا هنا لأنها تحمل تصريحا يقول فيه انه كان معارضا للحكومة السورية، غير ان صورة اخرى بجانبها لنفس الشاب بزى قتالى وهو يحمل مدفعا رشاشا تظهره قبل عامين وهو يحارب فى صفوف داعش! وبغض النظر عن صحة او خطأ ما تنشره هذه المواقع فإنها تعكس هذه الأيام الهاجس الأمنى الذى ينتاب قطاعا كبيرا من الألمان لا يعارض مساعدة اللاجئين السوريين وايوائهم ولكنه يخشى من تسرب إرهابيين او مقاتلين متطرفين بين هؤلاء الوافدين إلى المجتمع الالماني.



وقد اعتبر وزير الداخلية الألمانى دى ميزيير قرار بلاده بإعادة الرقابة على حدودها مع النمسا وإيقاف العمل مؤقتا بإتفاقية شنجن ضروريا ليس فقط لوقف إندفاع طوفان اللاجئين السوريين والعراقيين وتنظيم دخولهم والتصدى لمحاولات الكثيرين من جنسيات أخرى دخول المانيا مدعين انهم لاجئين سوريين وإنما برره أيضا بالهاجس الأمنيّ! إذ ان الدخول العشوائى للآلاف كما حدث منذ أسابيع فى جنوب ألمانيا على الحدود مع النمسا ينطوى على خطر كبير على امن البلاد، وقد تسبب القرار الذى اتخذته المستشارة انجيلا ميركل بدافع إنسانى فى زيادة إقبال اللاجئين السوريين على ألمانيا بشكل غير متوقع مما اربك الحسابات الألمانية وفاق قدرة الولايات على استيعاب هؤلاء فضلا عن القلق الذى اثاره لدى الاجهزة الأمنية هنا من دخول أشخاص يهددون أمن ألمانيا..



ورغم أن المسؤلين الألمان يتجنبون قدر الإمكان تغذية هذه المخاوف لدى المواطنين ويؤكدون انهم يتحرون عن كل اللاجئين الوافدين إلا ان ذلك لا يمنع تسلل «أشخاص يمثلون تهديدا» كما حدث منذ أيام فى ولاية براندنبورج المحيطة ببرلين حيث يحقق مكتب مكافحة الجريمة الاتحادى مع لاجئ سورى بتهمة الإرهاب. ووفقا للتقارير الإعلامية الألمانية فإن هذا اللاجئ روى للاجئين آخرين معه فى نفس دار الإيواء كيف انه كان يقاتل فى صفوف تنظيم داعش ويقتل من أجله!وقد قام لاجئون آخرون بتسجيل ما قاله سرا مما دفع السلطات الألمانية لاحتجازه والتحقيق معه.وفى ولاية بادن فورتمبورج اكتشفت الشرطة أيضا بين اللاجئين الوافدين مغربيا متطرفا يحمل هوية مزورة ومطلوب دوليا بناء على مذكرة توقيف من إسبانيا، وهو متهم بدعم تنظيم داعش من خلال تجنيد الشباب للانضمام إليه وتسفيرهم للعراق وسوريا، كما هدد على مواقع التواصل الاجتماعى بتنفيذ اعتداءات فى إسبانيا، وقد سلمته ألمانيا للسلطات الإسبانية.



وتعقيبا على هذه الوقائع تؤكد وزارة الداخلية الألمانية ان تسلل الارهابيين لالمانيا إذا تم يكون بشكل فردى وليست عملية منظمة ممنهجة، وتحقق إجراءات تسجيل اللاجئين على الحدود وتصويرهم واخذ بصماتهم ثم مضاهاة هذه البيانات بقوائم الإرهابيين والمقاتلين والمسجلين فى نظام المعلومات الإستخباراتى على المستوى المحلى والأوروبى والدولى درجة عالية من الأمن، إلا أن هانز جيورج ماسن رئيس جهاز حماية الدستور فى ألمانيا يحذر مع ذلك من العيش فى أوهام الأمن المطلق! وبقول لابد ان نعترف انه بين اللاجئين القادمين الينا كثيرون شاركوا فى القتال فى سوريا وهناك من قد يمثلون خطرا علينا. ويشير ماسن بشكل غير مباشر إلى ان طريق الوصول إلى المانيا برا صار الآن سهلا من تركيا الى اليونان عبر مقدونيا وصريبا والمجر إلى النمسا او عبر كرواتيا إلى النمسا، كما انه من السهل تزوير جواز السفر السورى بمبلغ زهيد وتقديمه كهوية عند تقديم طلب اللجوء فى المانيا. فى حين أنه حتى وقت قريب كان طريق الهجرة الرئيسى للسوريين عبر البحر المتوسط بقوارب متهالكة وهو ما قلل من احتمال إندساس إرهابيين للقيام بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر.



وبالإضافة إلى تسلل إرهابيين ودواعش بين اللاجئين يحذر الخبراء الاجتماعيين والأمنيين فى ألمانيا من خطر آخر. فالشباب السورى القادم رغم ان غالبيته مر بتجارب أليمة وجاء فارا من إرهاب داعش إلا انه قد يصبح فريسة سهلة لمتطرفين من نوع آخر موجود فى المانيا وهى الجماعات السلفية والتى تراقبها السلطات الالمانية عن كثب خاصة نشاطها فى تجنيد الشباب المسلم وإرساله إلى سوريا للقتال! وقد حذر رئيس جهاز حماية الدستور مؤخرا من ان هذه الجماعات السلفية المتطرفة تستغل حالة الإحباط التى يعانى منها لاجئون كثيرون هنا من تجاربهم المؤلمة أوبسبب عدم التأقلم على المجتمع الجديد عليهم او فى انتظار البت فى طلبات لجوئهم والسماح لهم بالعمل فتجتذبهم هذه الجماعات إليها وتروج لأفكارها المتطرفة بينهم. وقد لوحظ الآن مثلا مع حلول عيد الاضحى نشاطا مكثفا للسلفيين المتشددين فى ولايتى بافاريا وشمال الراين وستفاليا لإجتذاب شباب اللاجئين السوريين من خلال جمع التبرعات لهم وتوزيع المصاحف عليهم فى دور الإيواء ودعوتهم لمساجدهم وهى انشطة قد تكون طبيعية بين المسلمين لولا الخلفيات المتطرفة التى تروجها هذه الجماعات وتجنيدها عشرات الشباب الألمانى للقتال فى سوريا.



وفقا لتوقعات الحكومة الألمانية قد يصل عدد اللاجئين الذين ستستقبلهم ألمانيا خلال عام 2015 قرابة الثمانمائة ألف لاجئ يتوقع أن يكون خمسهم تقريبا من السوريين والعراقيين، ويواجه المجتمع الالمانى تحديات هائلة لادماجهم فيه وفى سوق العمل الألمانية فى مقدمتها تعليمهم اللغة الألمانية التى بدونها لا ينجح أحد فى ألمانيا، فضلا عن توفير الخدمات الرئيسية من مسكن وملبس وغذاء ورعاية صحية. وينظر كثير من الألمان بعين من الشك لسياسة الحكومة فى التعامل مع هذا التحدى ، فبجانب الأعباء المالية لهذه العملية التى ستفوق العشرة مليارات يورو فى العام المقبل سيبقى الهاجس الأمنى مسيطرا ليس فقط على الألمان بل على الجاليات العربية والمسلمة ايضا التى تأمل ان يتقبل الوافدون الجدد قواعد الحياة هنا ويتأقلمون عليها فى اسرع وقت.