أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
تركيا وعقوبة تجاوز الخط الأحمر مع «ناتو»!!
31 أغسطس 2015
‎طارق الشيخ

لعبت منظومة صواريخ الدفاع الجوى طراز باتريوت دورا مهما كأداة من أدوات تنفيذ أهداف السياسة الخارجية لحلف شمال الأطلنطى «ناتو» تجاه تركيا ـ العضو بالناتوـ تحديدا وتجاه أطراف الصراع التركى ـ الكردى ـ السورى ـ الداعشى من جانب آخر.


فقد تم سحب بطاريات صواريخ باتريوت الخاصة بـ»ناتو»المخصصة لحماية الحدود الجنوبية لتركيا عندما وقع التضارب بين مصالح الحلف من جانب والمصالح والسياسات التركية من جانب آخر. فشرعت الدول المشاركة فى إنهاء مهامها وسحب بطارياتها. بدأ الأمر بهولندا ثم تبعتها ألمانيا والولايات المتحدة.


فبعد يوم واحد فقط من إعلان ألمانيا إنهاء وجود قواتها العسكرية على الأراضى التركية قررت الولايات المتحدة سحب منظومة الصواريخ طراز»باتريوت» من الأراضى التركية أيضا، ما أثار تساؤلات واسعة فى تركيا حول دلالات تلك الخطوة وبدائل أنقرة فى الدفاع عن نفسها فى وجه أى هجوم خارجى.



ففى عام 2012 لجأت تركيا إلى حلفائها فى حلف شمال الأطلنطى «ناتو» لمساعدتها فى حماية حدودها بعد أن سقطت قذائف انطلقت من الأراضى السورية على مناطقها الحدودية فى أكتوبر 2012 ما أدى إلى حدوث خسائر فى الأرواح والممتلكات بالقرى التركية فى تلك المنطقة. وقد وفرت الولايات المتحدة وهولندا وألمانيا ست بطاريات باتريوت نشرتها على طول الحدود التركية مع سوريا بداية من عام 2013 وعندما أنهت هولندا مهمتها فى عام 2015 دخلت إسبانيا كبديل لها.



وقد أعلنت ألمانيا فى شهر اغسطس 2015 أنها ستسحب مطلع العام المقبل بطاريتى صواريخ باتريوت اللتين سبق أن نشرتهما فى تركيا والجنود (250 فردا) الذين تشارك بهم فى المنظومة.



وقد لقى هذا القرار الإشادة من أعضاء في البرلمان من الائتلاف الحاكم والمعارضة. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير فى تصريحات صحفية «إن ألمانيا سوف تظل ملتزمة تجاه أمن تركيا»، وهذا الالتزام يشمل جهد الحكومة الألمانية فى التوصل لـ»حل سياسى» للأزمة السورية وكذلك فى تحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط من خلال مهمة التدريب التى يقوم بها الجيش الألمانى فى شمال العراق».



ولكن بعيدا عن العبارات الدبلوماسية البراقة نبهت وسائل الإعلام الألمانية إلى أن السبب الرسمى لإنهاء المهمة هو تراجع التهديد الذى تتعرض له تركيا ـ عضو ناتو - من خطر هجمات صاروخية من جانب الجيش السورى. ولكن فى واقع الأمر فإن قرار إنهاء المهمة أتى بعد انتقادات من مسئولين ألمان لحملة الرئيس التركى رجب طيب اردوغان العسكرية ضد الأكراد وإعلانه أن عملية السلام التى بدأها مع حزب العمال الكردستانى فى عام 2012 قد انتهت فعليا.



وأثنى حزبا الخضر واليسار المعارضان على قرار الحكومة بإنهاء مشاركة الجيش الألمانى فى مهمة باتريوت بتركيا، حيث قالت كلاوديا روت القيادية فى حزب الخضر ونائبة رئيس البوندستاج «هذه خطوة صحيحة وضرورية تجاه شريك «ناتو» اردوغان (الرئيس التركى) الذى يخرج أكثر وأكثر من تحت السيطرة» فى إشارة منها إلى موقفه من حزب العمال الكردستانى. أما سفيم داجدالين، عضو كتلة حزب اليسار المعارض، فطالبت علاوة على إنهاء مهمة باتريوت بـ «وقف فورى لتصدير الأسلحة إلى تركيا».



وفى تصريحات لوسائل الإعلام الألمانية قال رودريش كيزيفتار، خبير السياسة الخارجية لدى حزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى، وعضو لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان الألمانى، ورئيس «رابطة جنود الاحتياط» فى الجيش الألمانى : «يعيش فى ألمانيا ثلاثة ملايين تركى ومئات الآلاف من الأكراد. ما يهمنا هنا هو ألا نحول المشكلات السياسية الداخلية لتركيا إلى مشكلات لنا نحن فى ألمانيا. لذا يجب علينا أن نوضح أكثر لتركيا أن ما يقومون به هناك هو استغلال لحلف «ناتو». ولا يجب علينا السماح بذلك».



وأضاف قائلايجب علينا أن نوضح لتركيا بأن وجودنا هناك هو بهدف المساعدة على مكافحة «داعش». ولسنا فى أى حال من الأحوال أداة فى يد الأتراك يستعملونها فى معركتهم ضد الأكراد أو ضد جزء من السياسة الداخلية التركية. لأن حدوث ذلك يعنى مخالفة أهداف مهمة الوحدة العسكرية الألمانية. لكن المشكلة لا ترتبط بالجيش الألمانى، بل بالحكومة التركية التى خلقت المشكلة، بعد أن واصلت حربها ضد حزب العمال الكردستانى تحت ستار مكافحة «داعش». وهذه الطريقة التى تعمل بها غير مقبولة. كما أننا كحليف لا نقبل لتركيا أن تتعامل معنا على ذلك النحو. فالأمر يتعلق هنا، بتوحيد كل القوى ضد «داعش»، ونحن لسنا جزءا من إستراتيجية تستغلها تركيا لحل مشكلاتها مع الأكراد. ويبدو أنها تريد حل تلك المشكلات معهم بالقوة».



ودعا ينس ستولتنبرج أمين عام حلف «ناتو» تركيا إلى مواصلة البحث عن حل سياسى مع الأكراد، مؤكدا فى الوقت نفسه حقها فى الدفاع عن نفسها ضد هجمات حزب العمال الكردستانى و»عدم حاجتها لمساعدة من الحلف..لكن من المهم أن تكون الإجراءت المتخذة متناسبة، ولا تسفر عن تصعيد الأزمة ودون أي سبب» مضيفا بأنه لا يجب أن تعيق أى هجمات إرهابية البحث عن حل سياسى مع الأكراد.