أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
«القرصان المبتسم».. بطل أسطورى أم نصاب عالمى؟
29 أغسطس 2015
دينا عمارة
الابتسامة تعلو وجه دلاج رغم القاء القبض علية

فيما يعرفه المجتمع العربي بأنه "الرجل الصالح" الذي أنفق الأموال على فقراء فلسطين وأفريقيا والجزائر، يعرفه المجتمع الغربى بأنه "المجرم" الذي سرق مليارات الدولارات من أجل رفاهيته وحياته الخاصة, إنه الجزائرى حمزة بن دلاج واحد من أخطر 10 قراصنة الإنترنت فى العالم والذى جُندت من أجل القبض عليه أقوى أجهزة الاستخبارات العالمية.



فى الأونة الأخيرة ضجت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعى بخبر خاطئ عن الحكم بالإعدام على "الهاكر" الجزائري حمزة بن دلاج، الشاب الملقب بـ "القرصان المبتسم", والذى يتواجد حاليا فى سجن جورجيا بالولايات المتحدة الأمريكية بعد اعتقاله فى العاصمة التايلندية بانكوك فى يناير عام 2013. ونشرت وسائل الاعلام أخبارا جعلت من القرصان بطلا، وتحدثت عن تاريخ طويل فى القرصنة، لا يبدو أنه حقيقي بحسب مختصين في الموضوع. إلى ذلك، تباينت ردود أفعال رواد مواقع التواصل الإجتماعي بين من جعله بطلا أسطوريا لاختراقه حسابات مالية في البنوك الأمريكية، وبين من قال إنه لص سارق ونصاب عالمي.



فمن هو ذلك الشاب الذى أذهل جهاز الـ إف بى أى, وما حقيقة صفقة إسرائيل للإفراج عنه, وهل بالفعل ستقوم الولايات المتحدة بإعدامه؟



انطلق الجزائري حمزة بن دلاج قبل أن يتعد العشرين عاما إلى عالم "القرصنة الإلكترونية" ليصبح وهو في الثالثة والعشرين واحدا من أخطر "الهاكرز" فى العالم, فهو مهندس كمبيوتر تخرج عام 2008 من جامعة باب الزوار للعلوم والتكنولوجيا، دراسته لهذا التخصص مع دهائه الخارق مكنه بسهولة من معرفة دهاليز البرمجيات والقرصنة، أدواته بسيطة, مجرد حاسوب "لاب توب" وهاتفى نقال مجهزين باتصال مع قمر صناعى، وكانت النتيجة التى أذهلت أعتى الحكومات، وهى قرصنة 217 بنكا - وهو لم يتعد السابعة والعشرين من العمر- منهم العشرات من البنوك الماليزية بثروة قدرت بـ 3.4 مليار دولار، ويقول المراقبون أن أضعف حصيلة كان يخرج بها حمزة من عملية القرصنة الإلكترونية كانت 10 ملايين دولار, وتقول مواقع جزائرية أن حمزة أخذ أكثر من 4 مليارات دولار منها، ما يعادل ميزانيات دول فقيرة، وزع أكثر من 280 مليون دولار على جمعيات خيرية فى فلسطين والباقي ساعد به الكثير فى دول أفريقية فقيرة, ولم يقف نشاط بن دلاج عند هذا الحد بل قام أيضا بالهجوم على أكثر من 8000 موقع فرنسى والتسبب فى غلقها, كذلك قرصن مواقع قنصليات أوروبية ووزع تأشيرات بالمجان على أصدقائه الجزائريين للسفر إليها، بن دلاج قام أيضا بمهاجمة العديد من المواقع الإسرائيلية وتمكن بسهولة من اختراق وتسريب العديد من المعلومات السرية الخاصة بجيش الاحتلال للمقاومة الفلسطينية، وذلك بحسب وسائل إعلامية مختلفة.



لكن بعض المتخصصين بأمن المعلومات نفوا كل الأخبار المتداولة بشأن بن دلاج، وأكدوا أنها كاذبة مؤكدين أن القرصان الجزائري قام بتطوير فيروس معلوماتي أضر بالملايين وأنه لم يقم بتحويل الملايين للجمعيات كما يدعي البعض مؤكدين أن وسائل الاعلام، وبهدف السبق الصحفى، جعلت من حمزة الرجل الحديدى وأن لا صحة لأرقام الاختراقات المنسوبة له، بل شرعوا فى القول إنه كان يصرف أمواله على حياة الترف والبذخ التى يهواها.



حمزة المتزوج من فتاة ماليزية اشتهر بابتسامته العريضة التى قابل بها العديد من المواقف، ولعل أبرزها موقف القبض عليه في تايلاند, حيث تمكن جهاز الإنتربول الدولي من القبض على الشاب الجزائري خلال إجازة بصحبة عائلته في بلدة "نسايبه" بماليزيا عن طريق مراسلة سرية بين الـ"أف بي أي" وسلطات بانكوك والتى كانت تراقب تحركات بن دلاج بدقة، وتم ترحيله إلى الولايات المتحدة الأمريكية, بعدها رفعت البنوك الأمريكية التي تكبدت خسائر مذهلة جراء قرصنة بن دلاج أكثر من 225 قضية سطو ضده. غير أنه مع كل هذه القضايا تؤكد سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر جون بولاشيك أن إمكانية إعدام بن دلاج غير صحيحة، فرغم أن الجرائم الإلكترونية قضية حيوية تمس بالأمن القومي الأمريكى، إلا أن عقوبة الإعدام غير واردة فى مثل هذه الجرائم بالنسبة للقانون الأمريكى، فأخطر "الهاكرز" لم يحاكموا إلا بالسجن فى الولايات المتحدة الأمريكية.



أما بالنسبة لحقيقة الصفقة بينه وبين إسرائيل فقد روج بعض المغردين على مواقع التواصل الإجتماعى لقصة لا يعرف مدى صحتها- تقول إن هناك عرضا تلقاه بن دلاج من إسرائيل لتجنيده للعمل لصالحها ومساعدتها في تحصين مواقعها الحساسة بعد توالي الهجمات الإلكترونية وقرصنة مواقع عدة كوزارة الدفاع والخارجية وموقع الكنيست, وذلك مقابل التوسط للإفراج عنه لدى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن يقال إن بن دلاج رفض هذا العرض عدة مرات قائلا إنه يفضل أن يقضي حياته كاملة في السجن على أن يساعد القتلة والمجرمين على حد قوله-, مضيفا أنه لو كان طليقا لساند الفلسطينيين في هزيمة عدوهم وشارك القراصنة فرحتهم.



وسائل الإعلام ذكرت أيضا أن بن دلاج رفض التعامل مع الحكومة الأمريكية في عدة عروض متعلقة بمساعدتهم في الحفاظ علي المواقع الخاصة بهم من الاختراق، وكما يقول المتابعون: "عقل ذهبى لن تتركه C.I.A يذهب من دون أن تستفيد من عبقريته المذهلة".



وتظل قضية حمزة بن دلاج خلافية, فقد رأى فيها البعض نوعا من السخرية من مؤسسات مالية كبري وأجهزة أمن عالمية بل ونظام مالى إستطاع شاب صغير إذلاله والتلاعب به, بينما يرى أخرون أن ما يظهر علي هذا الشاب الجزائرى هو إبتسامة الرضا على وجه مقاتل استخدم سلاحا غير تقليدى ولكنه بالطبع مؤلم ومؤثر.