أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
قصَّتان
31 يوليو 2015
صلاح عبد السَّيد

(1) خرج ولم يعد
الإسم : حسَّان حسَّان
الأوصاف :
طويل القامة فى أحيان.
أسمر فى أحيان.
له رأس فى أحيان.





وعينان إحداهما ـ اليمنى ـ تغلق فى النهار.



وأنف عظمىّ تطلُّ منه شعيرات كالأحراش.



وقصبة هوائية تجرى فيها تفاحة آدم من غير كلام.



وبطن يحدث زغورة فى النهار.. وفى الليل كركبة وصرخات.



ويحسُّ البرد فى الصيف ينخر فى العظام.



له ضلعان ناقصان..



وإصبعُُ زائدة..



وأذنان مفرطحتان تنسدُّ إحداهما ـ اليسرى ـ بفعل الشمع ـ فى الشتاء..



يرتدى جلبابا على اللَّحم بلا سروال.



ويجرُّ برطوشة تجرُّ طينا وقشَّا وأعواداً خضراء.



يغسَّل الأموات..



ويمشى فى الجنازات..



ويسلِّك ترنشات الجامع..



ويستحم فى البحر ـ النهر ـ ويغسل جلبابه فيه.. ويرتديه.. حتى يجف على لحمه.. من الهواء.



يصلىِّ الصبح ولا يصلِّى باقى الصلوات.



يأكل إن صادفه أكل..



ويتنفَّس إن صادفه هواء.



يبكى بلا سبب..



ومرَّة ضحك.. فهبت ضحكته مثل إجهاشة البكاء.



يقتسم اللُّقيمات مع القطة ويكلِّمها.. فترمى القطة نفسها عليه : أحبّك ياحسِّان.



يقيل عثرة الحمار إذا ماتعثر.. ويمسح فوق ظهره.. على الجراح.



يقبِّل يد المرأة العجوز الوحيدة ويقول لها : ياأمىِّ.. فتقول له : سعدت ياولد الزمان.



ينام فى ظلِّ السَّواقى المهجورة.. وتحت الأشجار.. وفى جوار الجامع المغلق..



وعلى حافة الترعة.. وفى المصلاَّة.



لا أحد يعرف له عُمراً.. ولا عنوانا.



حسَّان حسَّان تاه وهو الصغير من أمِّه وأبيه فى ليلة المولد الكبيرة.. فى المدينة الواسعة.. وابتلعه الزحام.



حسَّان حسَّان لم يعد يذكر معالم أبيه..



ذابت معالم أبيه منه.. فى عفرة الزحام.



لكنَّه.. تبقَّى له.. من أمِّه عينان.



وهَّاجتان.



تشاغلانه فى المدى البعيد.. وتبرقان.



فيجرى من خلفهما..



فتجريان.



حسَّان حسَّان يطوِّف من أجلهما فى البلاد.



يدوس الزرع.. ويخوض فى الماء.



ويخبُّ فى لهب الصحراء.



يصرخ :



ياأمُّ..



ياالعينان.



على من يجده أن يصرخ :



ياأمُّ..



يا العينان.



 



(2) تبادليَّة



 



وهكذا وجدتنى أجرى..



ومن خلفى قدمان كبيرتان مفلطحتان تجريان.



فأوغل فى الجرى..



فتوغل القدمان الكبيرتان المفلطحتان من خلفى..



فأقفز فوق الترع والمصارف..



فتقفز القدمان الكبيرتان المفلطحتان من خلفى.



فأشقُّ فى الصحراء..



فتشقُّ القدمان الكبيرتان المفلطحتان من خلفى..



فأطير ـ فى الحلم ـ إلى السَّماء..



فتطير القدمان الكبيرتان المفلطحتان ـ فى الحلم ـ من خلفى.



منذ متى وهاتان القدمان الكبيرتان المفلطحتان من خلفى ؟!.



منذ جاءت الدنيا وجئت.. وهاتان القدمان الكبيرتان المفلطحتان من خلفى.



أيتها القدمان الكبيرتان المفلطحتان من خلفى..



لماذا تجريان ؟!.



ولماذا أجرى ؟!



واستدارت قدماى الكبيرتان المفلطحتان من أمامى تجريان..



فاستدرت من خلفهما أجرى.