لعبت الأقدار دورا كبيرا فى تحول الرئيس عبد الفتاح السيسى من الحياة العسكرية التى لازمته على مدار ما يقرب من 45 عاما إلى الحياة السياسية بسبب الظروف والأحداث العصيبة التى مرت بها مصر خلال عام 2013، حيث لم يكن أمامه خيار حين وضعت مسئولية الوطن نصب عينيه، وبات وقتها الرجل الوحيد القادر على إنقاذ مصر من محنتها بعد أن استدعاه الشعب المصرى لإنقاذه من ظلام جماعة الإخوان.
صعود الرئيس السيسى للحياة السياسية بدأ يتضح بعد تعيينه وزيرا للدفاع فى أغسطس 2012 ، حيث لم تكن قبلها شخصيته معروفة لدى قطاع كبير من المصريين ، إلا أنها بدأت تتضح من خلال الرسائل التى كان يبعث بها عبر اللقاءات التى كان يعقدها فى محاولة لرأب الصدع بين جماعة الإخوان ومختلف الأحزاب والقوى السياسية، والتى باءت بالفشل نظرا لتعنت الجماعة وانفرادها بالحكم.
وكان من أبرز هذه المحاولات اللقاء الشهير الذى حاول تنظيمه بدار الدفاع الجوى ليجمع جماعة الإخوان مع القوى والأحزاب السياسية على طاولة واحدة لوضع مصلحة البلاد قبل أى شيء آخر، إلا أن المحاولة باءت بالفشل فى اللحظات الأخيرة نظرا لتجاهل الرئيس المعزول محمد مرسى وجماعته لهذه المصالحة وإصرارهم على إقصاء جميع القوى السياسية عن المشهد آنذاك.
كما كشف الرئيس السيسى أن محاولاته لإنقاذ البلاد لم تتوقف خلال فترة حكم جماعة الإخوان، حيث قدم لهم النصيحة العديد من المرات بضرورة التراجع عن أسلوب الحكم الذى أثار عداوة جميع القوى والأحزاب السياسية بل أيضا شرائح الشعب المصرى كافة، بل وصل الأمر كما أعلن فيما بعد عن تهديد قيادات داخل الجماعة باستقطاب المئات من العناصر الجهادية من خارج مصر لقتال المصريين فى حالة الخروج عما أطلقوا عليه مسمى "الشرعية".
ولعل أبرز مواقفه السياسية التاريخية هو إعلانه عن خارطة المستقبل فى الثالث من يوليو 2013، التى أنهت حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، استجابة لملايين المصريين التى خرجت فى 30 يونيو لترفض حكم جماعة الإخوان المسلمين، وبعد أن أمهل السيسى فى بيان الأول من يوليو القوى السياسية 48 ساعة للخروج من المأزق السياسى وتجنيب البلاد مخاطر الانقسام والفرقة وعدم الاستجابة لمطالب الشعب.
ولم تأت خبرة الرئيس السيسى فى إدارة الأمور العسكرية والسياسية من فراغ، حيث بدأت نشأته العسكرية بالتحاقه بالمدرسة الثانوية العسكرية منذ الخامسة عشرة من عمره لينتقل بعدها ، ابن حى الجمالية العريق الذى تربى فيه على التنوع الدينى والثقافي، إلى الكلية الحربية والتى تخرج منها فى إبريل عام 1977.
وقد التحق السيسى بعد تخرجه بسلاح المشاه، كما شغل عددا من المناصب العسكرية المهمة، تضمنت شغله منصب رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع، وقائد كتيبة مشاه ميكانيكى ، وملحق دفاع بالمملكة العربية السعودية، وقائد لواء مشاه ميكانيكي، وقائد فرقة مشاة ميكانيكى (الفرقة الثانية).
كما شغل منصب رئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، وقائد المنطقة الشمالية العسكرية، ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وصولا إلى فريق أول والقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى فى 12 أغسطس 2012، ثم تمت ترقيته إلى رتبة المشير فى 27 يناير 2014.
وخلال تاريخه العسكرى الحافل، حصل الرئيس السيسى على عدد من الدرجات العلمية والعسكرية، حيث حصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 1987، كما حصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان البريطانية "كامبرلي" عام 1992، وكذلك حصل على دورة مشاه أساسية من الولايات المتحدة الأمريكية، وزمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 2003، وزمالة كلية الحرب العليا الأمريكية عام 2006.
وشهدت رحلة السيسى العسكرية حصوله على العديد من الميداليات والأوسمة، منها ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة 1998، ونوط الواجب العسكرى من الطبقة الثانية 2005، ونوط الخدمة الممتازة 2007، وميدالية 25 يناير 2012 ، ونوط الواجب العسكرى من الطبقة الأولى 2012.