أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
انتقــام الابـــن الضـــال
6 يونيو 2015
قنا ـ أسامة الهوارى:

ترك نفسه فريسة لوحش الانتقام، وفي لحظه تخلي عن أحلامه التي تعبأت بها رأسه وخمدت عواطفه وتلاشت عنها الإنسانية، ورحل عقله وانطلق كريح غادر يتنازعه الغدر والنيل من قسوة أبيه، وقرر أن يدمر قلاع كل الأفراح من حوله، وأن يقضي باقي سنوات عمره في مماشي الزمن السحيق، ومن هواجس الانتقام عرف الجريمة وتلطخت يداه بدماء شقيقته الطفلة وزوجة أبيه الشابة



بطل المأساة اب زرع الكراهية في قلب ابنه، وحصد الغدر والانتقام، وبدلا من أن يكون القدوة والمثل ضرب جذور زوجته وأسرته في الجحيم، وارتووا بدماء عناده وجبروته، وأجبرهم علي العيش في أكفان المرارة والضياع حتي حاصرهم الهلاك من كل جانب، وخط بيديه شهادة اغتيال أحلام زوجته وأبنائه الأربعة، فلم يكتف بتجريعهم مرارة الجوع رغم ثرائه لإقامته الدائمة سنوات طوال في البلد العربي الشقيق، بل قرر إذلالهم ووضع رقابهم أسفل حذاء زوجته الثانية، التي اعتادت الأمر والنهي واستحوذت علي الأموال والأطيان، وعندما حاولت زرع الأشواك في طريق الزوجة الأولي وأبنائها وسقحهم علي اعتاب القهر رفض الابن الأكبر الخنوع لسطوة زوجة الأب وقتلها ومعها ابنتها الطفلة "شقيقته" بمساعدة زميله لينتظر حبل المشنقة يلتف حول رقبته ويجني الأب ثمار الكراهية التي بثها في نفوس أسرته.



"عاد الابن الضال في محافظة قنا لكي ينتقم من قسوة أبيه معه ومع والدته،  لينتهي الأمر بذبح الابن الضال لزوجة أبيه الثانية  وطفلتها "شقيقته" بدم بارد ويفلت شقيقه الأصغر من بين يديه  بعدما تجرد من إنسانيته في لحظات ليخفي  جريمته البشعة خشية افتضاح أمره، وهو يستولي علي النقود من داخل خزينة أبيه، ويترك المنزل بعد أن ترك زوجة أبيه وشقيقته غارقين في دمائهما، ومشعلا النار داخل الشقة، ظنا منه اختفاء معالم الجريمة غير أن حذاءه كان سببا في كشفه وضبطه مع صديقه، الذي عاونه في  الجريمة البشعة التي هزت أرجاء مدينة قنا.



البداية جاءت ببلاغ  تلقاه اللواء عادل عبدالعظيم أيوب مساعد وزير الداخلية مدير أمن قنا من أهالي شارع الميناء النهري  بنشوب حريق بعقار حسين طاهر مدني ووجود طفل صغير يصرخ في شرفة إحدي الشقق،  انتقلت علي الفور القوات التي عثرت علي جثة لسيدة مذبوحة وغارقة في دمائها بصالة الشقة،  وانتقل اللواء هشام خطاب مدير ادارة البحث الجنائي، والعقيدان أيمن فتحي رئيس المباحث الجنائية، وأشرف كثبة  رئيس إدارة التحريات، وتمكنوا من إنقاذ الطفل حمزة ذات الست سنوات،  والذي ظل متشبثا بالشرفة محاولا الفرار من ألسنة النيران، وتم العثور علي جثة ربة المنزل مذبوحة بجرح غائر في الرقبة في صالة الشقة، وداخل غرفة الأطفال عثر علي طفلتها  حفصة  4سنوات مذبوحة بذات الطريقة علي سريرها. فجأة وحال قيام فريق البحث والمعمل الجنائي بالفحص دخل شاب يبكي وينوح اختي حفصة مين قتلها، عاوز أعرف مين قتلها، ليتبين أنه شقيقها من أبيها ويدعي "طاهر"،  لم تمر دموع طاهر علي فريق البحث مرور الكرام ليبادره النقيب أحمد شكري معاون أول مباحث بندر قنا قائلا، أنت كنت فين وقت الحادث؟



ليجيبه دون تردد في المنزل، وكنت سهران مع صديقي حسام، علي الفور اقتاده إلي منزله لفحص المنزل بحجة استجواب باقي أفراد العائلة من الزوجة الثانية، وكان هناك شك في هذا الشاب وابن الزوج. فالكلمات السريعة التي جمعها فريق البحث، وعلي رأسه المقدم حسن حافظ  رئيس مباحث بندر قنا جاءت بأن المجني عليها ربة منزل ودائمة الخلاف مع ابناء زوجها المسافر، وتم العثور علي "تيشيرت وبنطلون وجورب" كانت داخل بانيو حمام شقة طاهر وأخوته، وعند سؤاله قال إنها ملابسه،  وترك فريق البحث شقة طاهر بعد جمع مايلزم من معلومات عن طبيعة الخلافات، والتي حكي طاهر خلافاته هو وأشقائه وأمه مع أبيه الذي يعمل بالخارج وكيف أنه تزوج من أخري منذ فترة، وانه بعد أن أعطاه شقة، وقام بتجهيزها للزواج طلب منه أن يتركها، ولم ينس طاهر أن يذرف دموعه علي شقيقته، وكيف أن أباه هو سبب بعدهم عن أشقائه،  التي تبين فيما بعد أنها دموع التماسيح. 



توصل فريق البحث إلي آثار لأقدام شخصين في شرفة "بلكونة"  الشقة  لتكون تلك الآثار هي  أول الخيط  في كشف الجريمة، وهي أن ابن الزوج الذي دخل خلال عمل "طاهر" شوهد مع دقات الرابعة فجرا في محيط العقار الذي تسكن فيه زوجة أبيه واشقاؤه وكان برفقة شاب آخر وتم القبض عليه، وصرخ اسألوا حسام كنت سهران معه، وحكي حسام صديق طاهر تفاصيل الجريمة، وقال أنا صديق طاهر، وسبق أن ضمنته في قرض في البنك، وعندما امتنع عن السداد ذهبت إليه مرارا لكي أطالبه بسداد القرض حتي لا أكون ضحية عدم التزامه بالسداد للبنك، وكان طاهر دائم الخلافات مع أبيه بسبب رفض والده الذي يعمل بالخارج  أن يساعده بالأموال، وطلب مني أن أساعده لكي يسدد القرض ويعطيني ما يعوضني،  وقال "طاهر هو من قتل زوجة أبيه وقتل شقيقته وذبحهم أمامي "، حيث التقيت به، وقال لي إن والده يضع خزينة مليئة بالأموال داخل منزل زوجته الثانية، وأنهم سيتسللون فجرا  إلي المنزل لفتح  الخزينة لأنه يعرف مكان المفاتيح، وصعدنا إلي العقار وقفزنا إلي بلكونة الشقة وقمنا بفتح بابها، وفجأة وجدنا زوجة أبو طاهر تقف أمامنا، وما أن كادت تصرخ حتي أمسك بها طاهر كاتما صوتها، وبسرعة طلب مني أن أذهب للمطبخ لكي أجلب سكينا، ورفضت أن أجيب طاهر، فطلب مني أن أمسك زوجة أبيه التي كان قد أسقطها علي الأرض، وافقته فهرول طاهر إلي المطبخ،  ثم جاء وطلب مني بسرعة أن أذهب إلي الخزينة لفتحها، وأرشدني عن مكان المفتاح، كانت "حفصة "  أخت طاهر قد هبت من نومها ووجدها طاهر أمامه، فذبح أمها أمامها وقبل أن تصرخ شقيقته ذهب إلي غرفتها وقام بذبحها و فتحت الخزنة وعثرت علي سلاح، وبداخلها مبلغ 500 جنية واسورتين ذهب وقراط لزوجة والد طاهر وحلق يخص حفصة الطفلة الصغيرة وبعض العطور، جمعت كل ذلك، وقرر طاهر أن نشعل النار بالشقة، وتركنا النار مشتعلة، ونسي طاهر شقيقه حمزة الذي كان نائما وخرجنا من الشقه فجرا.



صرخ الجاني والدي هو المسئول. مستقبلنا ضاع. وذهب الابن الضال وصديقه إلي القسم لينتظرا المصير الأسود الذي ينتظرهما.