أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
التنمية المسـتدامة .. ضغوط الأغنياء علـى الفقراء!
14 مايو 2015
المنامة : سامى كمال

رغم أن التنمية وتحديدا استدامتها أو استمرارها، هي أمر مهم ومطلوب، ورغم أنها المفتاح الحقيقي للتطور في أي مجتمع من المجتمعات البشرية، وللتقدم الاقتصادي الذي يصل إلى الرفاهية والرخاء، إلا أنها تحولت بدورها إلى وسيلة للضغط من الدول الغنية والمتقدمة على الدول النامية ومن بينها بطبيعة الحال الدول الأكثر فقرا، والتي لا تملك أي وسيلة للضغط على الطرف الآخر، وهي إحدى صور الصراع المستمر بين الطرفين او ما اصطلح على تسميته الشمال والجنوب.


هذا الصراع أو "الحرب المفترضة" بدأت بوادرها واضحة في المنتدى العربي للتنمية المستدامة الذي شهدته البحرين الأسبوع الماضي على مدى ثلاثة أيام، برعاية رئيس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، ومشاركة الوزراء العرب المعنيين بالتنمية المستدامة وأكثر من 200 مسئول بالدول العربية والدامعة العربية والمنظمات الاقليمية والدولية.




وكان واضحا أيضا بل ومعلنا، أن هذا المنتدى يأتي استعدادا للمشاركة العربية في المؤتمر الدولي للتنمية المستدامة والذي سيعقد في نيويورك خلال شهر سبتمبر المقبل، بالتزامن مع الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أكدت "وثيقة البحرين"، التي أصدرها المنتدى في ختام أعماله وتضمنت التوصيات التي سيتم رفعها لمؤتمر نيويورك، على أهمية الدور الوطني في التنمية المستدامة، وضرورة إصلاح المنظومة التجارية العالمية، وضمان مشاركة فاعلة فيها لجميع الدول العربية وخاصة الأقل نموا.


كما أكدت الوثيقة على أهمية الاستقرار لتحقيق التنمية المستدامة في ضوء ما تشهده المنطقة من ازدياد ظاهرة التطرف وتنامي الإرهاب ونشوب النزاعات وما ترتب عليه من تدهور للوضع الإنساني والنزوح القسري وازدياد عدد اللاجئين في المنطقة العربية، وأهمية حشد جميع الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمواجهة ما تشهده المنطقة العربية من ازدياد في معدلات الفقر في بعض دولها، فى اطار الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة.


وشددت على تعزيز التكامل العربي الاقتصادي والحرص على أن تكون للاتفاقيات التجارية الحرة بما فيها الاتحاد الجمركي العربي، تأثيرات إيجابية على التنمية المستدامة، وأكدت على الحاجة إلى توسيع مشاركة كل أطراف المجتمع في العملية التنموية بما يعزز العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة، ويدعم مشاركة المرأة والشباب والأشخاص ذوي الاعاقة والمسنّين والنازحين واللاجئين والفئات المهمشّة من أجل تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة.


وقد نبه رئيس وزراء البحرين الامير خليفة بن سلمان آل خليفة، خلال لقائه الوزراء المشاركين في المنتدى، إلى أن الاوضاع الحالية التي تمر بها الامة العربية تحتم علينا جميعا ان نجتمع وان نبحث معا ما قدمناه وما سوف نقدمه الى شعوبنا، ومساندة بعضنا البعض، وان نضع ايدينا في ايدى المنظمات العالمية لمساندتنا في تنمية بلداننا.


وشدد في الوقت نفسه على أن ما تمر به الأمة العربية من تحديات ومخاطر يجب ألا يكون عائقا في طريقها نحو التنمية المستدامة، وإنما دافعا ومحفزا للبحث عن أفكار وتصورات غير تقليدية يمكن من خلالها الانتقال نحو المستقبل الأفضل الذي يلبي طموحات شعوبنا وأجيالنا القادمة في التنمية والأمن والاستقرار والسلام.


أما الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي والتي شاركت في المنتدى بوصفها رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشئون الاجتماعية  العرب، فقد  قالت لـ  "الاهرام"، ان الدول العربية ستوجه رسائل مهمة إلى المؤتمر الدولي للتنمية المستدامة الذي سيعقد بنيويورك في سبتمبر المقبل، أهمها انه لا تنمية مستدامة بدون تحقيق الاستقرار والأمن والقضاء على الارهاب.  كما أكدت أن الدول العربية ستشدد ضمن أولوياتها التي ستطرحها أمام المجتمع الدولي، على أن التنمية المستدامة في المنطقة العربية تحتاج الى تمويل ومساندة دولية، الى جانب التزام الحكومات الوطنية، وان تكون آلية مراجعة وتقييم تنفيذ اهداف التنمية المستدامة آليات وطنية تأخذ في الاعتبار التحديات الاقليمية والوطنية وظروف كل دولة.


وقد بدا لافتا خلال المنتدى تحذير الدكتورة نجلاء الأهواني وزيرة التعاون الدولي مما تتضمنه الاتفاقيات الثنائية التي تتعلق بما  يسمى "حماية الاستثمارات"، من فقرات تنص على لجوء المستثمر الأجنبي إلى التحكيم الدولي وخصوصا مركز التحكيم في واشنطن "أكسيد" ICSID.


)وقالت الأهواني لـ "الأهرام" ان "التحكيم الدولي"، كارثة فرضت علينا، وتتيح لأي مستثمر أجنبي، أو حتى مصري يحمل جنسية أجنبية، اللجوء إلى هذا التحكيم. وأكدت أن مصر على سبيل المثال، تتحمل أموالا طائلة كتعويضات لمن يلجأ من المستثمرين إلى التحكيم الدولي.


وهكذا يظل "الهاجس" من الضغوط ومحاولات فرض قرارات أو توجهات على الدول العربية التي تصنف بأنها من الدول النامية وتندرج ضمن مصطلح "الجنوب"، مهيمنا على اللقاءات القادمة التي تجمع العرب أو الدول النامية بالقوى الدولية أو تلك المتقدمة. ولا يقتصر هذا الهاجس على التنمية المستدامة، وإنما يمتد ليشمل العديد من الجوانب الأخرى السياسية والاقتصادية. وهو هاجس لن ينتهى أو تتبدد معه المخاوف مادامت سياسات الهيمنة ومحاولات فرض النفوذ من الأطراف الأقوى، مستمرة!