أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
عمره 23 عاما ولا ينطق بكلمة واحدة
رءوف قاهر التوحد بالقرآن الكريم
31 مارس 2015
هيثم ماهر – هدير الزهار
رءوف يعمل على جهاز التابلت

فى طريقنا إليه دار بخلدنا أسئلة كثيرة.. كيف سنحاور شابا «توحديا» لا ينطق بكلمة واحدة؟ وكيف حفظ القرآن الكريم سماعيا فقط باستخدام الكمبيوتر؟ ومن الذى دله إلى استخدم الماوس فى الوصول للسورة التى يريدها مستخدما البرنامج الناطق؟



ولماذا طور من إمكاناته التكنولوجية شيئا فشيئا حتى وصل حاليا إلى استخدام التابلت والانترنت؟ أنه رءوف محمد - ٢3 عاما «قاهر التوحد» بحفظه للقرآن الكريم, الذى صدمنا عندما التقينا به وبأسرته من قدراته الكبيرة فى التأقلم مع حياته التى اختارها لنفسه وأحبها وتعايش معها بمساعدة والدايه. فالبداية كانت من خلال اتصال تليفونى بيننا وبين والدته (نادية عبد الرازق) التى شرحت لنا تفاصيل حياته التى يعيشها فى عالم لا يعرف عنه أحدا شئ.



فمثل كل أم تمنت هى وزوجها أن يرزقهما الله بطفل واحد يمنحونهما كل ما لديهما من حب وحنان, فرزقهما الله بالطفل «رءوف» لكن القدر لم يمنحهما الفرحة كاملة بل صدمتهما كبيرة حينما علما أن طفلهما طفلا توحديا ليس هذا فحسب بل أنه يعانى أعلى درجات التوحد, لكن بعد تداركهما الصدمة أيقنا أن هذا اختبار من عند الله لهما, فقررا أن يتعاملا معه على أنه إنسان طبيعى, وألا ينجبا طفلا آخر يشاركهما حبهما لـ «رءوف».



حفظ القرآن متعته الأساسية



«لم نفعل مثلما تفعل بعض الأسر التى تخفى أولادهم الذين يعانون من التوحد, وكأنهم وصمة عار, لكننا كنا نصطحب رءوف معنا فى كل المناسبات العامة والخاصة التى نحضرها» .. هكذا بدأت نادية عبد الرازق «والدة رءوف» كلامها معنا عنه حيث قالت بدأت أنا ووالده بعد علمنا بإصابته بمرض التوحد أن نحاول اكتشاف نقاط القوة الموجودة لكى ننميها, ففى البداية وجدنا أنه يحب اللعب بـ»البلاى ستيشن» حتى أتقنها تماما بل تفوق على أقرانه الأسوياء, وبعد ذلك لاحظنا حبه لسماع القرآن الكريم بل وبدأ يبحث فى التليفزيون بنفسه عن قنوات القرآن, ويصل إليها بمفرده دون مساعده أحد, ويظل أمامها لساعات طويلة حتى أصبحت هى عالمه الذى رسمه لنفسه وأصبحت متعته الأساسية, وهو ما ساعده فى بادئ الأمر على حفظ القرآن الكريم.



بعد ذلك بدأ رءوف يراقب والده وهو يستخدم جهاز الكمبيوتر الخاص به, وبدأ يتعلم استخدام الكمبيوتر بمفرده عندما وجدنا استجابته السريعة لاستخدام الكمبيوتر, فقد قمنا بشراء جهاز كمبيوتر خاص به ووضعنا عليه القرآن الكريم كاملا بأصوات كبار المقرئين أمثال محمود خليل الحصرى و الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ السديسي, وعدد من الأدعية للشيخ محمد متولى الشعراوى, ومن هنا بدأ يشغل الكمبيوتر بمفرده ويستمع للقرآن الكريم حتى أتم حفظه كاملا حيث إنه يحفظ سماعيا وعند سؤاله عن أى أيه يستخدم الماوس الخاص بالكمبيوتر لاستحضار السورة التى بها نفس الأية ويقوم الحاسب ناطقا بالنيابة عنه لأنه لا يتكلم نهائيا, ثم قمنا بشراء «تابلت» خاص به يستخدمه فى حفظ القرآن الكريم.



تكريم إلهى



أضافت نادية: شعرت بالفخر الشديد عندما تم تكريم رءوف فى المسابقة العالمية للقرآن الكريم, التى أقامتها وزارة الأوقاف حيث حصل فيها على جائزة من الوزارة فى حفظ القرآن, كما تم تكريمه أيضا فى مسابقة دبى الدولية للقرآن الكريم يومها شعرت أننى أملك الدنيا كلها, وأنه تكريم ألهيا أراد الله أن يعوض صبرنا به.



الدمج المجتمعي



واختتمت نادية كلامها قائله: بعد مرور 23 سنة, هى عدد سنوات رءوف, تحملنا الكثير والكثير أنا ووالده من أجله, لكن الله كافئنا بأن أنعم علينا بطفل حفظ القرآن كاملا, قد يكون شفيعا لنا يوم القيامة, وسببا فى دخولنا الجنة, لذا يجب على كل أسرة طفلها مصاب بالتوحد أن تعامله مثل الأطفال الأسوياء وأن تسعى جاهدة لاكتشاف نقاط القوة لدى هذا الطفل التوحدى بحيث يكون نافعا لنفسه ولمجتمعه, أنصح إلى ضرورة أخذ «كورسات « فى كيفية التعامل معه, وهو ما أفادنى كثيرا فى حياتي, فمن خلال هذه الكورسات تعلمت ضرورة دمجه مجتمعيا لذا قمت بعمل عضوية له فى ثلاثة أندية رياضية فى محاولة لمساعدته لتكوين صداقات مع الآخرين وهو ما تم بالفعل وأصبح له صداقات متعددة فى مختلف مناحى الحياة الاجتماعية.