أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
تقليب فى أوراق قديمة
27 فبراير 2015
صفاء الليثى

أحلى بالشنب..سمعت صوت الكلب ينبح فعرفت أنهما قد وصلا. خرجت وتطلعت من شرفة سلم البيت حيث الحديقة خارجه وتأملتها، فتاة ريفية بعينين مذعورتين تحدق النظر في أنا التي أرتجف من رد فعلها وخوفي من أن تكرهني، تكره ابنة العم القاهرية التي تحتاجها لكي تخدمها والطفل .


انشغلت كل منهما بالأخرى ونسيتا الرجل والد القاهرية وعم الريفية،نسيتاه تماما في الوقت الذي استكان فيه الكلب وكف عن النباح مستريحا للطفلة الفتاة،يتشممها ويهز لها ذيله .في المنزل أخذت أخدمهما، قدمت طعاما بالغت في العناية به احتفاء بأبي.كانت تأكل بأناة ونظرها لأسفل. تركنا أبي وأوصى كلا منا بالأخرى .. كان الطفل نائما وعندما صحا حملته بين ذراعيها، فبادرتها بتركه في سريره» حتى لا يتعود على الشيل « تضايقت لعدم لباقتي وحاولت تبرير منعها من حمله. استمر المنع واستمرت اعتذاراتي وتبريراتي واستمر ندمي طوال فترة تواجدها حتىأصابني إحباط شديد فتركت لها حرية التصرف كاملة، منشغلة بهمي الأكبر بالغائب الذي لا أجده بجانبي عندما أحتاجه .ذات مرة وأنا بالشرفة الداخلية أتأمل المنظر الطبيعي المقابل لبيتي ضحكت قائلة « أنت بشنب .. ليكي شنب زي الرجالة « تركتها تضحك بشدة ودخلت.. تأملت نفسي في المرآة ونادرا ما أفعل كانت شعيرات رفيعة سوداء فوق فمي،وشعيرات أخرى أكثر سمكا ظاهرة بوضوح فوق ذقني .. فكرت هل هذا سبب ابتعاده عني، عدت إليها « بتعرفي تعملي حلاوة ؟» كانت قد أحضرت بكرة الخيط ودفعتني على مقعد وأخذت تعمل بهمة في إزالة الشعر، تتوقف لحظة تريني الشعيرات التي تعلق بالخيط مستنكرة وموبخة . كنت أتأوه وأطلب منهاالكف وهي تعدل رأسي وتعمل بهمة.






ظل وجهي يؤلمني واحمرت بشرتي، وضعت عليها قليلا من الكريم ، أما هي فقد غرزت إصبعها وأخرجت قطعة كبيرة أخذت تدلك بها يديها ووجهها ثم أكملت بتدليك ساقيها.





في الليل انتظرت أن يلحظ شيئا، ولكنه سأل وهو يلوي شفتيه: « أنت عاملة حاجة في وشك ! منظرك غريب جدا « لم أرد .. وحمدت الله لاستيقاظ الطفل لأنشغل به، بينما هي تشاهد فيلما في التليفزيون بتركيز عال جدا وتضحك وهو يتبرم لضحكها ثم ينام.





في الصباح والطفل نائم تأملتني ونحن في الشرفة وقالت وهي تكتم ضحكها أن شكلي أحلى بالشنب . أصبحنا صديقتين. سألتني يوما لم لا أرتدي الفستان الذي استقبلتها به أول يوم، قالت إن شكلي كان جميلا به .





حتى الآن لا أزيل شعيرات وجهي إلا نادرا ، وأهتم دائما بوضع الروج ،و لاتهمني نظرات الاندهاش، وهم يتأملون سيدة تضع طبقة خفيفة من الروج فوق شفاه فوقها شعيرات خفيفة سوداء تعطي الوجه انطباعا صبيانيا. أبتسم وأنا أرى وجهي يشبه وجهها، حمدية ابنة عمي الريفية .





 محاكمة





رأيت فيما يرى النائم نسخة منى فى السجن، كنت أبكى وأقول إن أولادى قد أوحشونى.





كان السجن مفتوحا على الشارع، فقط قضبان حديدية على الباب، وأولادى قريبون يلعبون وهم صغار مثلما كانوا منذ سنوات. الكبير كانت نسخة كبيرة منه تراقب المشهد عن بعد، نسختى وراء القضبان وصورته وهو يلعب مع إخوته الصغار.





استجابوا لبكائى وأخذونى إلى المحاكمة، كان على أن أقفز من فوق سطح بناء غير واضح يرتفع لثلاثة أدوارإلى شارع جانبى به سور يرتفع لدور واحد. كان على أن أقفز الدورين ثم أسير على حافة السور حتى ألحق المحاكمة المنعقدة والتى يصلنى صوتها حيث مكانى ، وعلى جانب السور قهوة بلدية يجلس عليها أناس يدخنون ويشربون الشاى رأيتهم قبل أن أقفز وحمدت الله أننى أرتدى البنطلون ، فكيف لى أن أقفز من فوق وأنا بالفستان فأنكشف أمامهم.





دخلت مبنى المحاكمة ووجدت الرجل يريد اصحابى ولكننى كنت فى حالة شديدة من الإعياء، كدت أسقط فسندنى زميل يُحاكم مثلى والناس تقول أنتم السياسيون مرفهون وسيخرجونكم أما نحن ! . سرت مع الزميل وهو يسندنى من ذراعى، كان رجلا أسمر لا أعرفه من قبل، وكنت ألمح حقيبتى على كرسى وصوتى لا يطلع لكى أطلب أن آخذها معى، نظر زميلى إلى الحقيبة وقال ستتأخرين عن المحاكمة.





دخلنا حجرة ووجدت قاض يعمل على الكومبيوتر يتأكد من تهمنا، وبجواره صورعليها كتابات مثل إعلانات السينما، ابتسم لنا مطمئنا، ثم أعلن براءتنا .





جاءت زميلة واصطحبتنى إلى مبنى مثل الفرن وقالت لن يبقى لنا شيء. وأخذت رغيفا كبيرا، وأنا تذكرت كيسين كبيرين مليئين بالخبز تركتهما بالخارج، سألتها عن الأكياس، أريد أن آخذهما لأطفالى. وهى قالت خذى من هذا الآن. ولكنى تركتها وخرجت، عن بعد وجدت ابنى الأكبر ينتظرنى والشبورة تغمر الصورة، كان فى سن أكبر مما هو عليه بالفعل، ويرتدى ملابس الجيش وبالطوا متسعا جدا عليه، طمأننى وجوده فسرت على مهل ونسيت أمر الخبز والأكياس والرجل الذى تركنى لما سندنى ذلك الزميل.