أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
العلم عندما يتحول إلى قفاز للهيمنة الأجنبية..
21 مايو 2014
ثابت أمين عواد

أهمية هذا الكتاب تكمن فى معارف وخبرات كاتبه د. محمد اشرف البيومى أستاذ الكيمياء الفيزيائية والذى عمل أستاذا بجامعة الإسكندرية، وجامعة ولاية ميتشيجان الأمريكية لمدة تزيد علي40 عاما ، ولعل صفته الأكاديمية فى كل من مصر والولايات المتحدة تضيء للقارئ الطريق فى طرقات ومدارات البحث العلمى


وغياهب التقدم العلمى المنشود الذى يحمل وجهين هما "حلم الدول النامية"، "وأداة الدول الكبرى للهيمنة"، حيث تتخفى نوايا الدول العظمى للسيطرة وفرض إرادتها على دول العالم الثالث وراء النهضة والتقدم والمشروعات العلمية ولافتات البحث العلمى ..الا أنها فى حقيقتها مثل "حصان طروادة" الذى يخفى فى باطنه من أطماع واحتكار وسيطرة على البلاد والعباد عكس مظهره.


أيضا تتركز أهمية الكتاب فى تناوله لـ "مشروع مصر القومى للنهضة العلمية" ونقده للمشروع ومراميه، حيث طالب مؤلف الكتاب بضرورة إخضاع أى مشروع علمى للمناقشة والتقييم الشامل قبل قبوله والتصفيق له دون دراية أو معرفة بتفاصيله وأهدافه، واستعرض، الأستاذ بجامعة "ميتشيجان" مشروع د. زويل كحالة للبحث والمقارنة حيث عمل الدكتور بيومى قريبا من د. زويل وكان أستاذا له وتبناه فى خطواته العلمية المبكرة هناك، ويشير المؤلف إلى بعدا مهما فى توظيف العلم لخدمة الهيمنة من خلال دور مستشارى الرئيس الأمريكى للبحث العلمى ومهامهم حيث إن المهمة الأساسية للرئيس الأمريكى هى العمل على رعاية المصالح الأمريكية والحفاظ على رفاهية المواطن الأمريكى وبالتالى فان ذلك يستدعى الاعتماد على مستشارين ينفذون ما يتطلب من مهام تكفل استمرار الهيمنة الأمريكية على دول العالم الثالث والنامي، وان تظل أسواق الدول مستودعا لمنتجاتها، ومواطنو تلك الدول هم المستهلكون للمنتجات الأمريكية.



يتناول المؤلف فى الجزء الأول من الكتاب تعريفا بالموضوع، ومعرفته بالدكتور زويل واهتمامه المبكر بمستقبل البحث العلمى بمصر، ومقاومة علماء مصريين لمشاريع هيمنة سابقة فى مجال العلم، ثم عرض د. بيومى لتساؤلات محورية والإجابة لها.



أما الجزء الثانى فيعرض ملامح حول الاقتصاد السياسى للعلم وايضا للعلم كأداة للإمبريالية لتعميق التبعية واغتيال المعرفة، وفى الجزءين الثالث والرابع يعرض تساؤلات محددة حول مشروع زويل وخطورته على مستقبل البحث العلمى بمصر وتربصه بجامعة النيل وواجب العلميين .



طرح المؤلف 5 اسئلة حول النهضة وقضية الهيمنة، الاول: هل تريد قوى الهيمنة الممثلة فى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها, بما فى ذلك الكيان الصهيوني, أن تكون هناك نهضة حقيقية فى دول العالم الثالث وفى مصر بالذات لدورها المحورى الكامن فى العالم العربى والمنطقة المحيطة؟ وبمعنى آخر، هل من مصلحة هذه القوى أن تصبح مصر متقدمة فى مجالات تصنيع أساسية أو تحقق اكتفاءً ذاتيا فى السلع الإستراتيجية الغذائية والصناعية التقليدية مثل السيارات، والحديثة مثل المنتجات الالكترونية والدوائية والأدوات الصحية؟



والسؤال الثانى : هل تشجع هذه القوى نهضة علمية تقود وتغذى هذه التنمية المستقلة ؟ وبالتالى هل تقف هذه القوى العاتية عقبة فى طريق أى محاولات جادة فى طريق التنمية المستقلة المعتمدة على قاعدة وطنية علمية ؟ اما السؤال الثالث شمل: هل تخطط هذه القوى لإجهاض محاولات محلية لإقامة قاعدة وطنية علمية نشيطة أوأى برنامج تنموى طموح.. ولماذا؟، أما الرابع فقد اهتم بطرح استفسار فحواه : هل يعقل ان تسير عملية النهضة المفترضة دون قيادة ومساهمة حقيقية وواسعة من قبل العلميين المحليين، والسؤال الخامس: من الذى يحدد أولويات البحث العلمى فى مصر أو أى بلد آخر؟



يقول المؤلف: يجرى الآن حديث مكثف فى الصحف والقنوات التليفزيونية حول جامعة النيل ومشروع مصر القومى للنهضة العلمية الذى أطلق عليه "مشروع زويل"، ورغم أهمية موضوع جامعة النيل والنزاع حوله - والذى حسمه القضاء والقرار الرئاسى - فان مسالة المشروع القومى العلمى بمصر والتى تشابكت مع مشروع جامعة النيل هى أهم وأخطر كثيراً من تشابكات قضية هنا او هناك.. يستطرد الكاتب: أذكر أن د. أحمد زويل وهو أحد تلاميذنا من دفعة 1967 بكلية العلوم ، جامعة الإسكندرية وكان يعتبرنى لفترة طويلة متبنيةالعلمي" mentor" كما كان يردد كثيراً، وهذا صحيح، كما أعرف عن قرب العديد من مواضيع أبحاثه المنشورة بما فى ذلك ما عبر عنه فى مصر ببحوث "الفمتو ثانية"، وأقر دون تردد يستطرد المؤلف- أنه قام ببحوث مميزة فى هذا المجال هو وتلاميذه، بعد ذلك ببضع سنوات حصل زويل على جائزة وولف الإسرائيلية من الكيان الصهيونى نفسه الذى اغتال أ.د. يحى المشد أستاذ الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية سابقا لدوره الرائد فى إنشاء المفاعل النووى العراقى الذى دمره الكيان الصهيوني..



شعار "التعاون العلمي"



يتحدث المؤلف د. بيومي، عن إدراك العلماء لمرامى وأهداف مبادرات ومشروعات النهضة قائلا: قد يظن البعض أن العلميين المصريين لم يتنبهوا منذ البداية لمحاولات إجهاض بلورة قاعدة علمية وطنية بمصر رغم أنها جاءت دائما فى ثوب "نهضة علمية"، فكما جاء فى دراسات عديدة فى مجال الاقتصاد السياسى للمعرفة ،والصحة ،والعلم، لم تمر محاولات الهيمنة الأجنبية المستترة فى ثياب العلم دون مقاومة أو دون فضح أهدافها.



وحول علاقة د. زويل البحثية مع المؤسسة المانحة لجائزته من إسرائيل يشير "المؤلف" أستاذ الكيمياء الفيزيائية إلى انه مع تسلم زويل الجائزة بابتسامة تنم عن سعادته .. لم يتذكر أن المؤسسة الصهيونية التى منحته الجائزة هى نفسها التى اغتالت عالما مصريا مرموقا من جامعة الإسكندرية التى تخرج منها وهو د. يحى المشد، ويتساءل: هل ساهم زويل بصفته مستشارا علميا فى برنامج نوتيلاس " Nautilus" (كما أكد الراحل اللواء صلاح سليم)؟ ويقسر المؤلف ان هذا البرنامج كان يهدف إلى إسقاط صواريخ الكاتيوشا التى تستخدمها المقاومة اللبنانية والفلسطينية باستخدام الليزر الكيميائية وبالتحديد "الليزر المنبعث من الديوتيريوم فلورايد المثار كيميائيا"، ويشرف على البرنامج شركةTRW" " الواقعة بباسادينا مقر معهد كاليفورنيا التكنولوجى الذى يعمل به زويل.



التربص بجامعة النيل



ويكشف د. بيومى عن علاقة عالم آخر يعمل فى مدينة زويل قائلا: من المدهش أن أحد الباحثين بمدينة زويل هو د. عمرو الزنط الذى كان يدرس بجامعة "تكنيون- معهد اسرائيل للتكنولوجيا"، وتخصص فى موضوع تكوين وتطوير المجرات و هو أيضا عضو فى جمعية السلام القاهرية. ويشير المؤلف الى ان الزنط تحدث فى خطاب منشور على موقع "Haaretz.com" فى أكتوبر 2003عن الجوانب الايجابية لهيرتزل مؤسس الصهيونية السياسية، وهى الحداثة والكوزموبوليتانية (العالمية) والانسانية، نعم قال الانسانية ! التعليق للمؤلف.



يتساءل المؤلف: لماذا التربص بجامعة تحديدا؟، ويجيب: لأن جامعة النيل جامعة بحثية غير هادفة للربح تأسست كأول جامعة بحثية فى مصر وهى بداية لاقامة كيان علمى مصرى يعتمد على البحوث التطبيقية بادر بانشائها العالم الدكتور ابراهيم بدران سنة 2003.. وأخيرا، يطالب د. بيومي، بمحاسبة المسئولين قانونيا وإعلاميا على قراراتهم غير المسئولة حتى لا تتكرر المأساة، وطالب بضرورة تقييم ممنهج وعلمى لمشاريع قائمة.. أما واجب العلميين الملح الآن يقول مؤلف الكتاب- هو إنقاذ جامعة النيل ومساعدة اساتذتها وباحثيها وطلبتها على تعويض مافات واصلاح ماحطمته الاغراض الذاتية واسترجاع حقوقها كاملة.



الكتاب: "العلم كأداة للهيمنة الأمريكية مشروع زويل نموذجا"



المؤلف الدكتور محمد أشرف البيومى



الناشر الدار العربية للنشر



الصفحات 45 صفحة