تكتسب القمة الحادية عشرة لمجموعة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى والتى ستعقد فى مصر الخميس المقبل أهمية كبيرة خاصة مع تزايد التحديات العالمية والإقليمية، حيث تبرز أهمية تضامن هذه المجموعة كقوة إسلامية مؤثرة قادرة على تحقيق التوازن فى النظام العالمى وخدمة مصالح الدول الإسلامية والدول النامية.
والحقيقة أن المجموعة التى تسلمت مصر رئاستها فى مايو الماضي، وتستمر حتى نهاية العام المقبل، تمتلك الإمكانات لتصبح قوة إسلامية مؤثرة على الساحة الدولية، شريطة أن تعزز التعاون والتضامن بين أعضائها، عبر توحيد الجهود واستثمار الموارد المشتركة، وحينها يمكن لهذه المجموعة أن تسهم فى تحقيق التوازن فى النظام العالمي، وتعزيز احترام المجتمعات الإسلامية، وخدمة مصالح الدول النامية والاقتصادات الناشئة، ونتيجة لهذا فإن التضامن بين أعضاء المجموعة يتحول ليكون ضرورة لتحقيق هذه الأهداف الطموحة وليس خياراً.
فمجموعة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى (D-8)، والتى تأسست عام 1997هى منظمة دولية تسعى إلى تعزيز التعاون بين 8 دول إسلامية نامية هى مصر، وبنجلاديش، وإندونيسيا، وإيران، وماليزيا، ونيجيريا، وباكستان، وتركيا؛ بهدف تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وتقوية العلاقات لتحقيق قوة جماعية تستطيع مواجهة التحديات المشتركة، فالدول الأعضاء تمتلك إمكانات كبيرة تشمل الموارد الطبيعية، والقوى العاملة، والموقع الجغرافى الاستراتيجي، ما يجعلها قادرة على التأثير فى الاقتصاد والسياسة العالمية إذا ما وحدت جهودها. كما أن التضامن بين هذه الدول يخلق منصة لعرض القضايا التى تهم الدول الإسلامية، مثل تعزيز العدالة الاقتصادية، ومحاربة الفقر، وتقليل التبعية للدول الكبرى، ما يؤدى إلى خلق توازن عالمى يخدم مصالحها.
والحقيقة أنه إذا تم استثمار قدرات دول المجموعة بشكل فعال، يمكن أن تتحول إلى قوة محركة ومؤثرة فى النظام العالمي. وهذه الإمكانات تشمل الموارد الطبيعية حيث تمتلك بعض دول المجموعة ثروات نفطية وغازية ضخمة (مثل إيران ونيجيريا)، إضافة إلى موارد زراعية هائلة (مثل بنجلاديش وإندونيسيا). كما تمتلك المجموعة القوة البشرية الهائلة فالدول الأعضاء مجتمعة تمتلك أكثر من مليار نسمة، ما يوفر سوقًا كبيرة وفرصًا هائلة للنمو الاقتصادي. أيضاً فى مجال التكنولوجيا والصناعة تمتلك دول مثل ماليزيا وتركيا صناعات متقدمة وتكنولوجيا يمكن نقلها وتطويرها بالتعاون مع باقى الأعضاء. وهنا نرى أنه من خلال استغلال هذه الموارد، يمكن للمجموعة أن تصبح لاعبًا رئيسيًا فى التجارة الدولية، ومصدرًا رئيسيًا للطاقة والغذاء، وبالتالى تؤثر على صنع القرار العالمي.
وتلعب المجموعة دورًا مهمًا فى خدمة مصالح الدول النامية والاقتصادات الناشئة، من خلال تعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى بين أعضائها وتقليل الاعتماد على الأسواق الدولية الكبرى. كما تحظى المجموعة بفرصة حقيقية للتقليل من التبعية للدول الصناعية الكبرى ويقوى الاقتصادات المحلية عن طريق زيادة التجارة البينية داخل الدول الأعضاء، وتطوير التكنولوجيا المحلية ونقل المعرفة وتسريع الابتكار. والأهم هنا مع التطورات السياسية العالمية هو توحيد المواقف السياسية تجاه القضايا الدولية، مما يمنحها نفوذًا أكبر فى المنتديات العالمية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، وهنا تبرز أهمية تلقى رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتى دعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، للمشاركة فى أعمال القمة والتى سيخصص الجزء الأكبر منها لبحث معالجة الاوضاع الانسانية فى كل من لبنان وغزة وايضاً لمسألة اعادة الإعمار بحسب سفير مصر لدى لبنان علاء موسى.
ولأن المجموعة صوتً قويً للدول الإسلامية على الساحة الدولية، فيمكنها أيضاً تقديم صورة إيجابية عن الإسلام كقوة حضارية تسعى للسلام والتنمية، مما يعزز احترام العالم لتلك الدول. علاوة على ذلك، يمكن للمجموعة أن تعمل على حل القضايا التى تؤثر على تلك الدول عالميًا، مثل مكافحة الإسلاموفوبيا وتعزيز التعليم والتنمية فى المجتمعات الإسلامية.
وفى النهاية فإن منظمة الدول الثمانى النامية منصة مهمة للتعاون الاقتصادى والتنمية المستدامة بين الدول الأعضاء. وعلى الرغم من التحديات التى تواجهها، فإنها تمتلك إمكانات هائلة لتعزيز النمو الاقتصادى وتحقيق الفائدة المشتركة. يتطلب تحقيق هذه الأهداف المزيد من التنسيق والاستفادة من الإمكانات المشتركة، مما يسهم فى تحسين أوضاع شعوب الدول الأعضاء وتقوية حضورها على الساحة الدولية.
رابط دائم: