رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الاقتصاد.. و«قوة الجحيم»

رشا عبدالوهاب
الدولار الأمريكى - الاقتصاد الأمريكى

سادت نغمة التشاؤم المفرط على آفاق التوقعات الاقتصادية لعام 2023، فالعام الحالى سيكون أكثر قسوة من سابقه كما حذر صندوق النقد الدولى إلا أن الناجى الوحيد من الأزمة الاقتصادية العالمية سيكون الولايات المتحدة. وذكرت كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد أن ثلث العالم سيعانى من الركود، بينما أشار البنك الدولى إلى أن تباطؤ النمو سيؤثر على 95% من الاقتصادات المتقدمة و70% من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية وسط مخاوف من ارتفاع معدلات الفقر. وعلى الجهة الأخرى من المحيط الأطلنطى، كان التفاؤل سيد الموقف، فقد جاء سبتمبر الماضى ليرفع معنويات الإدارة الأمريكية بسبب بيانات الوظائف. وكانت رسالة الرئيس الأمريكى جو بايدن فى بداية يناير الحالى إلى الأمريكيين: «نحن البلد الوحيد فى العالم الذى خرج من الأزمة أقوى». فالاستثمارات العامة والخاصة بقيمة 3,5 تريليون دولار فى التصنيع والتكنولوجيا دعمت الاقتصاد الأمريكى وعززت آفاق الشركات ودعمت العمال الأمريكيين. وعزز تقرير سبتمبرمن قوة بايدن الذى وصف الاقتصاد الأمريكى بأنه «قوى كالجحيم». ولكن هذا لا يمنع أن الولايات المتحدة تواجه تباطؤا اقتصاديا. ولكنها أيضا فى حد ذاتها المعضلة للعالم كله.

ففى عام 1998، قال آلان جرينسبان رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى لمدة خمس سنوات، إنه «ليس من المعقول أن تظل الولايات المتحدة واحة الرخاء غير متأثرة بعالم يعانى من ضغوط متزايدة بشكل كبير»، إلا أن الواقع أكد أن واشنطن تمسك بتلابيب الاقتصاد العالمى وتتحكم فيه بشكل سلبى. فتصميم مجلس الاحتياطى الفيدرالى على سحق التضخم فى الداخل عن طريق رفع أسعار الفائدة ألحق ضررا عميقا فى الدول الأخرى، مما تسبب فى ارتفاع الأسعار وتضخيم حجم مدفوعات الديون وزيادة مخاطر حدوث ركود عميق. هذه الزيادات المتتالية فى أسعار الفائدة أدت إلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكى، العملة الأساسية للتجارة والمعاملات العالمية، وهو ما تسبب فى اضطرابات اقتصادية فى كل من الدول الغنية والفقيرة على حد سواء.


ففى بريطانيا ومعظم أنحاء القارة الأوروبية، تسبب ارتفاع قيمة الدولار فى تغذية التضخم الحاد. وفى سبتمبر الماضى، تراجعت قيمة الجنيه الإسترلينى أمام الدولار إلى أدنى مستوياتها، حيث رفض المستثمرون خطط الحكومة البريطانية لخفض الضرائب والإنفاق. كما قامت الصين، التى تسيطر بشدة على عملتها بتثبيت «الرنمينبى» عند أدنى مستوى له فى عامين.

وجعل رفع أمريكا لأسعار الفائدة جعل الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين من خلال ضمان عائد أفضل، وهذا بدوره يعنى أنهم يستثمرون أقل فى الأسواق الناشئة، مما يفرض مزيدا من الضغوط على تلك الاقتصادات. وكثيرا ما يتردد صدى القرارات السياسية التى تتخذ فى واشنطن على نطاق واسع، والولايات المتحدة قوة عظمى تمتلك أكبر اقتصاد فى العالم واحتياطيات ضخمة من النفط والغاز الطبيعى، وعندما يتعلق الأمر بالتمويل والتجارة العالميين، فإن تأثيرها ضخم للغاية. ويرجع ذلك إلى أن الدولار هو العملة الاحتياطية فى العالم التى تستخدمها الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية بغض النظر عن مكان وجودها، فى أغلب الأحيان لتسعير السلع وتسوية الحسابات. ووفقا لدراسة أجراها صندوق النقد الدولى، فإن 40% من المعاملات فى العالم تتم بالدولار.


ووصلت قيمة الدولار مقارنة بالعملات الرئيسية الأخرى مثل اليورو والين اليابانى إلى أعلى مستوياتها منذ عقود. وأحد الأسباب الرئيسية وراء وصول الأوضاع إلى هذه النقطة، هو سلسلة الأزمات التى هزت العالم، مثل جائحة كورونا وخنق سلاسل التوريد والحرب الروسية فى أوكرانيا والكوارث المناخية التى عرقلت إمدادات الغذاء والطاقة فى العالم. ومع أن الاقتصاد الأمريكى يواجه مخاطر عالية من الركود إلا أنه يواصل إظهار نقاط قوة ملحوظة لا سيما فى سوق العمل. وليست قوة الدولار العامل الوحيد فى الأزمة الاقتصادية فى العالم، فهناك سياسات أمريكية مثل قانون «خفض التضخم الأمريكى» الذى أزعج الحلفاء الأوروبيون، حيث اعتبروه بمثابة إعلان حرب تجارية على الاتحاد الأوروبى. ويمنح القانون تسهيلات لبيع البضائع المصنوعة فى الولايات المتحدة بينما يرى فيه الأوروبيون إجراء حمائيا معاديا للتجارة الحرة والمنافسة. بالإضافة إلى صراع واشنطن الاقتصادى مع العملاق الصينى والدب الروسى الذى أرهق العالم، والتدخلات الأمريكية فى أوكرانيا التى تهدد بإطالة أمد الحرب التى تعتبر السبب الرئيسى وراء معاناة عشرات الملايين حول العالم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق