رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نجاحات وتحديات كوب 27

فى مؤتمر شهد العالم أجمع على تميز تنظيمه، أسدل الستار، الأحد الماضى، على قمة المناخ 27 فى شرم الشيخ، بعدما قامت مصر، الدولة المضيفة، بأداء رائع كممثلة للدول الإفريقية وحاملة همومها وهواجسها، باعتبارها اقل الدول المسببة للتغير المناخى وأكثرها تضررا منه، بالإضافة إلى التنظيم الجيد والمبادرات المتنوعة، نجحت الدبلوماسية المصرية، التى كان لها دور بارز فى هذا المؤتمر، فى إدارة الخلافات بين الدول الأطراف وإبقاء الباب مواربا بخصوص المواضيع الشائكة التى لم تستطع الأطراف الاتفاق بخصوصها.

من اهم نجاحات الإدارة المصرية - وهو ما يمكن اعتباره أيضا انتصارا للمجتمع المدنى والعمل الجماعى بين البلدان النامية - إدخال الخسائر والأضرار بندا فى جدول الأعمال، وصولا الى الاتفاق على إنشاء صندوق لتعويض الخسائر والأضرار، ليشكل بذلك اختراقا تاريخيا، طالبت به البلدان النامية على مدى ما يقارب عقدين. لكن لم يحدد المؤتمر آلية واضحة لكيفية عمل هذا الصندوق، وتحديد الدول الممولة والمستفيدة وحجم التمويل من قبل كل دولة.وستحدد التفاصيل العملية لهذا الصندوق لاحقا بهدف إقرارها فى مؤتمر الأطراف المقبل فى دولة الإمارات.

نجح المؤتمر، أيضا، فى تضمين ملف المياه، للمرة الأولى، كوسيلة لمكافحة تغير المناخ. ما يعنى إدخال المياه فى القطاعات المستحقة للتمويل المناخى كجزء من سياسات التخفيف والتكيف.كما نجحت إدارة المؤتمر فى تضمين تطوير الطاقة المتجددة والنووية، للمرة الأولى، فى وثائق المؤتمر. وتضمن البيان الختامى إصلاح المؤسسات المالية الدولية، مما من شأنه مساعدة البلدان النامية على الاستثمار فى مصادر الطاقة المتجددة. لكن غابت مناقشة بعض التفاصيل المهمة، ومنها تحديد التغييرات التى سيتم تنفيذها والمنظور الزمنى المتعلق بها.

اعتبرت زيادة التمويل لبرامج التكيف أولوية للرئاسة المصرية، لأنها أبرز ما يهدد القارة الإفريقية والدول النامية. وقد حقق المؤتمر، بهذا الخصوص، تقدما فى الاعتراف بوجوب زيادة التمويل المخصص للتكيف، لكن هذا اقتصر، فى الغالب، على إعادة توزيع لبنود الميزانيات. واذا كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هى من بين أكثر المناطق تأثرا بتغير المناخ، فهى تتلقى حاليا أدنى قدر من الموارد المخصصة لمواجهة الاحتباس الحرارى بمبلغ يقارب 16 مليار دولار فى السنة، فى حين تبلغ احتياجات التمويل نحو 186 مليار دولار.

لاشك فى ان كوب27عقد فى ظل أحداث مناخية قاسية شهدها جميع دول العالم وأزمة طاقة أثارتها الحرب الروسية الأوكرانية. وبقدر ما كان سقف الطموحات عاليا، فإن ما تم تحقيقه من نتائج لم يكن مرضياً، وربما كان مخيبا فى بعض الجوانب، خاصة فى ظل عدم التقدم على مستوى التزامات الدول تجاه التغير المناخى والاحترار. أقر المشاركون إعلانا ختاميا يدعو إلى خفض «سريع» لانبعاثات الغازات الدفيئة، لكن دون تحديد أهداف جديدة مقارنة بقمة جلاسجو. لم يسجل المؤتمر أى تحسن وطموح لتقليل انبعاثات الكربون، ولم تتضمن الوثيقة الختامية أى إشارة عن التخفيض التدريجى لاستخدام الفحم أو التخلص التدريجى من جميع أنواع الوقود الأحفورى.

يبدو ان العالم فى هذا المؤتمر، كما غيره من المؤتمرات، بدا مهتما أكثر بالتخفيف من العواقب وليس، على الإطلاق، إيقاف الأسباب. وقد نددت دول كثيرة بما اعتبرته تراجعا فى الأهداف المحددة خلال القمم السابقة، ولا سيما التراجع نظريا عن هدف حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية. فمع تجاهل البيان الختامى أى دعوة الدول للتقدم بخطط جديدة لخفض الانبعاثات بحلول عام 2030، يجعل من الصعب رؤية كيفية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.

تفيد الأمم المتحدة بأنها تسمح بأفضل الحالات بحصر الاحترار بـ2.4 درجة مئوية فى نهاية القرن الحالى، لكن مع وتيرة الانبعاثات الحالية قد ترتفع الحرارة 2.8 درجة مئوية وهو مستوى كارثى. ومع بلوغ الاحترار حوالى 1.2 درجة مئوية حتى الآن، تزايدت بشكل ملحوظ التداعيات الكارثية للتغير المناخى، من حرائق وفيضانات وجفاف طال كل دول العالم بسبب مواسم ربيع وصيف شديدة الحرارة، مما ينذر بمستقبل حياة اسوأ على كوكب الارض. على مدى ثلاثة عقود، أظهر النظام السياسى الدولى عجزه فى التعامل مع مشكلة المناخ التى تهدد مستقبل البشرية. وأظهر مؤتمر شرم الشيخ أن السياسات التى تنتهجها الدول الصناعية حول القضايا المناخية هى سياسات باتت متجاوزة بالنظر لحجم التحديات المطروحة، ومع ذلك تبقى شعوب العالم على أمل فى تحقيق اختراقات وحلول حاسمة فى القادم من المؤتمرات.


لمزيد من مقالات وفاء صندى

رابط دائم: