رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

صحوة عسكرية فى مواجهة «القيصر»

شريف سمير
بوتن

إذا ذُكرت «الحرب العالمية»، نهض العالم واقفا أمام الجيش الألمانى مستعيدا فى ذهنه سطوته المخيفة تحت قيادة زعيم النازية أدولف هتلر الذى راوده حلم اجتياح الكرة الأرضية، وتحول إلى «بقعة سوداء» فى التاريخ الألمانى فعاش الجيش الألمانى عقودا يسعى للتكفير عنها رافعا شعار السلام.

وبمجرد أن بدأت روسيا عمليتها العسكرية فى أوكرانيا، بدأت ألمانيا تتخلى نوعا ما عن «خيار السلام» الذى ترسخ منذ أكثر من 75 عاما، ودعمته المستشارة السابقة أنجيلا ميركل طوال فترة ولايتها. وصار على خليفتها أولاف شولتس عبء تجديد المجد العسكرى الألمانى بعد أن وضعته الأقدار تحت نصل «سكين بوتين» البارد.


شولتس

وتعاملت ألمانيا مع الموقف بهدوء ورغبة فى التفاوض وتغليب صوت الدبلوماسية، غير أن تطورات العملية الروسية وحيلة «القيصر بوتين» لشراء سكوت برلين بورقة الغاز وأنبوب «نورد ستريم ٢» أرغمت ألمانيا على الرد عمليا واتخاذ إجراء أكثر إيجابية حفاظا على كرامتها وكبريائها التاريخى. ومن ثم قررت ألمانيا إعادة هيكلة السياسة الأمنية، وتخصيص 100 مليار يورو دعما للجيش الألمانى وفقا لما أعلنه شولتس أمام البرلمان منذ أيام قليلة، مشيرا إلى أن الاستثمارت العسكرية تتركز على اقتناء طائرات «إف ــ ٣٥» المتطورة، وسفن مجهزة وجنود مدربين على أعلى مستوى. ومنذ نهاية الحرب الباردة، حرص الجيش الألمانى على تقليص معداته العسكرية لضمان حالة السلم المنشودة فى ربوع القارة البيضاء، حتى اندلاع الأزمة الأوكرانية لتتغير الاستراتيجية الأمنية على أجندة أوروبا بأسرها وليس ألمانيا وحدها. وبحلول منتصف مارس الحالى تستقبل ميزانية الدفاع الألمانية ١٠٠ مليار يورو لترتفع إلى ٢ ٪ من إجمالى الناتج المحلى، ولكى يصبح الجيش الألمانى على أهبة الاستعداد لأى سيناريوهات عسكرية محتملة، ومخيفة. وبدورها، رأت كلوديا ميجور، التى ترأس مجموعة أبحاث السياسات الأمنية فى معهد برلين للشئون الدولية والأمنية أن أبرز مشكلة واجهت الجيش الألمانى هى عدم القدرة على التخطيط طويل الأمد نتيجة تقلص وتغير الميزانية عبر السنوات الماضية، موضحة أن فكرة الصندوق الخاص لدعم ألمانيا عسكريا تكمن فى ضمان التمويل طويل الأجل لمشروعات المعدات الاستراتيجية الكبرى. ومن ضمن الصفقات التى فتحت ألمانيا خزائنها لاستيعابها الحصول على الطائرات المقاتلة، فضلا عن تحديث نظام صواريخ باتريوت المضاد للطائرات. ولأن القائمة العسكرية مكتظة بالطلبات الملحة، فقد حذر خبير السياسة الخارجية فى الاتحاد المسيحى الديمقراطى رودريش كيسفيتر من التسرع فى إبرام الصفقات دون تخطيط أو دراسة متأنية، وقال «بدون تحديد الأولويات أو أساس لاستراتيجية الأمن القومى التى أعلنتها الحكومة، سننفق الكثير من الأموال دون جدوى».. وأشار إلى بند شديد الأهمية فى خطة التسليح متمثلا فى إعادة التجنيد الإجبارى الذى تم تعليقه فى عهد ميركل منذ عام 2011. ويعنى تفكير القيادات العسكرية فى هذا الاتجاه أن الدولة الألمانية أصبحت مهمومة بتطوير قواتها المسلحة من كل الزوايا بلا أى ثغرة أمنية لتتربع مجددا على عرش «جيوش العالم». ولن يستطيع الجيش الألمانى التفرغ للحشد العسكرى أمام التهديدات الروسية إلا بغطاء اقتصادى ومظلة سياسية توفران له مهمة المواجهة دون مشقة أو مخاطرة. ولذلك أعلن شولتس أن ألمانيا تعتزم بناء محطتين للغاز المسال لضرورة تحرير بلاده من أغلال «بوتين»، وعدم اعتمادها الكبير على الغاز الروسى بحثا عن الاستقلال التام. فى الماضى، كان «هتلر» يرسم طريقا للاحتلال وإعلان الحرب على كل دول العالم بأذرع «الجنود الألمان».. بينما أحفاده اليوم يستعينون بنفس الأذرع بغرض الدفاع عن الوجود وحماية «السلام».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق