رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

وداعا للتجارة مقابل السلام

رحاب جودة خليفة
خط «نورد ستريم2»

شكّلت العمليات العسكرية الروسية على أوكرانيا لحظة فارقة فى تاريخ أوروبا كلها، وعلى رأسها ألمانيا. ولأن روسيا تعد الشريك التجارى الأكبر لبرلين، حيث وصل حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى نحو 50 مليار دولار حتى عام 2021، فيبدو أن الموقف الألمانى الداعم لأوكرانيا قد يؤثر بشكل سلبى على اقتصادها سواء على المدى القريب أو البعيد، حيث يمثل الموقف الألمانى وداعا لصيغة التجارة مع الروس مقابل السلام. مبدئيا، ستتأثر الصناعة الألمانية التى تعتمد على الغاز الروسى الرخيص لتوفير 50% من احتياجاتها من الطاقة. ولذلك فإن توقف خط «نورد ستريم2» الذى أقرته برلين أخيرا، سيحرم ألمانيا من أرباح كبيرة كانت ستحصل عليها نتيجة مرور الغاز الروسى فى أراضيها، بل إن نائب رئيس الوزراء الروسى ألكسندر نوفاك حذر من أن روسيا قد تقطع إمدادات الغاز عبر خط «نورد ستريم 1» إلى ألمانيا. وبالفعل كشفت برلين أن منشآت تخزين الغاز ممتلئة بنسبة تصل إلى41% من سعتها، ما يعنى أنها أقل بشكل واضح من العام الماضى. والمشكلة أيضا أنه لا توجد دولة واحدة من كبار مصدرى الغاز يمكنها تعويض هذا الحجم من الغاز الطبيعى المسال، لأن معظم الشحنات محجوزة فى عقود طويلة الأجل فى الغالب لمشترين آسيويين، كما أن قدرات التسييل وسفن الشحن المتاحة لديها لن تسعفاها فى تلبية الطلب الطارئ. وحذر رئيس غرفة التجارة الألمانية-الروسية، ماتياس شيب من أن «الأزمة تسببت فى صدمة للجميع، حتى بالنسبة لذوى الخبرة والمحنكين فى التعامل مع الأزمات، وأدى إلى إعادة عقود من التعاون الاقتصادى الناجح إلى الوراء». وكانت الغرفة قد شكت بالفعل من تراجع عدد الشركات الألمانية فى روسيا بعد العقوبات المفروضة على روسيا فى 2014. ووفقا لبيانات الغرفة، انخفض عدد الشركات الألمانية فى روسيا بنسبة 8% فى عام 2021 مقارنة بالعام الذى يسبقه، ونظرا للظروف الحالية فإن الاتجاه نحو مغادرة روسيا وسحب رأس المال منها يمكن أن يتسارع بشكل كبير. ووفقا لرئيس قسم التجارة الخارجية فى غرفة الصناعة والتجارة الألمانية فولكر تراير فإنه لم يعد من الممكن تحقيق نسبة النمو التى كانت متوقعة حتى الآن للصادرات فى 2022 والتى كانت مقدرة بـ6% خاصة أن اندلاع الأزمة كانت تسبقه مشاكل واختناقات عالمية فى التوريد والتى تفاقمت الآن، إضافة إلى توقف لحركة الإنتاج فى مصانع سيارات ألمانية بسبب نقص أجزاء مهمة يتم شراؤها من موردين فى أوكرانيا. وأكثر ما يخيف ألمانيا أن روسيا بدأت تتجه بشكل متزايد نحو آسيا، وبالتالى فإن الصين من الرابحين الاقتصاديين من هذا النزاع. وهناك أيضا تهديدات من جانب سياسيين روس رفيعى المستوى بتأميم ممتلكات الشركات الغربية بهدف خلق فرص عمل فى الشركات المملوكة للدولة، كما أشار من قبل الرئيس الروسى السابق والنائب الحالى لرئيس مجلس الأمن القومى الروسى دميترى ميدفيديف.

ولتعويض هذه الخسائر، أعلن وزير الاقتصاد الألمانى عن مجموعة من الإجراءات المبدئية منها تخصيص بعض المساعدات للشركات الألمانية الموجودة فى روسيا، مؤكدا أن الاقتصاد الألمانى مازال يقف على أرض صلبة فى مواجهة الأزمات. لكن إلى متى ستدوم صلاحية الحلول المؤقتة؟.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق