انترنت الأشياء" مجال جديد ظهر خلال السنوات الماضية واصبح جزءاً من حياتنا اليومية، فمن خلال "المستشعرات" يمكنك تنفيذ العديد من المهام ليس فقط فى نفس الوقت ولكن ايضا يمكنك تنفيذها عن بعد اصبح من الممكن أن يراقب الطبيب المؤشرات الصحية للمريض دون الحاجة للانتقال إلى المستشفى.. ولم يعد المزارع بحاجة للوقوف ساعات طويلة داخل حقله ليتابع محصوله .. فبفضل الأبحاث التى اجرتها اثنتان من الباحثات الشابات استطاعا أن ينفذا برامج تعتمد على هذه التقنية الحديثة فى مجالى الزراعة والصحة وكذلك فتح الآفاق امام العديد من المجالات الأخرى التى يمكن أن تستغل هذه التقنية.
...................................................................................
الدكتورة نشوى البندارى الاستاذ المساعد بكلية الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات، بالاكاديمية العربية للعلوم والنقل البحرى، ومدير المركز الصينى العربى لنقل التكنولوجيا واحدة من الباحثات الشابات اللاتى عملن على دمج علوم الحاسب الآلى وتطويعها فى خدمة الانسان فى مختلف التخصصات.
فاستطاعت على مدار ثلاث سنوات أن تصمم برنامجا متخصصا فى مجال الزراعة، يمكن من خلاله مراقبة وتقييم الأثار المناخية على المحاصيل الزراعية، والذى قد يساعدة صغار ومتوسطو المزارعين على تحديد التوقيت الأمثل للحصاد وتجنب انتشار الاصابات بين المحاصيل.
وكانت البندارى قد تخصصت فى مجال شبكات الاستشعار اللاسلكية وأجرت ابحاثا ما بعد الدكتوراه فى مجال تعلم الآلة واستطاعت أن تدمج بين مجال انترنت "الأشياء" أو المستشعرات التى يمكنها جمع البيانات من البيئة المحيطة ونقلها للحاسب الألى ليقوم بتحليلها مما يساعد على اتخاذ القرارات المناسبة المتعلقة بالرى أو التسميد.
فالجهاز الذى صممته بالفعل يستطيع أن يجمع البيانات المتعلقة بالحرارة والرطوبة داخل الصوب الزراعية ويتخذ القرار المناسب المتعلق بالرى فعلى سبيل المثال إذا رصدت المستشعرات قلة رطوبة التربة يتم تشغيل مضخات المياه بشكل اتوماتيكى.
وطورت البندارى من البرنامج بإضافة ما يعرف بتكنولوجيا "معالجة الصور" والذى يتيح للجهاز مراقبة النباتات منذ بداية الزراعة وحتى ظهور الثمار حيث يرتبط نمو الثمار فى هذه المرحلة النهائية بدرجة حرارة الجو وترتبط الاصابة بالآفات برطوبة الجو وهذان المعاملان يحتاجان للمراقبة المستمرة للسيطرة على الاصابات حيث يستطيع المزارع أن يتنبه لها فور ظهورها ويتخد الاجراءات المناسبه لانقاذ المحصول كما يحدد الجهاز الوقت الأمثل لحصاد المحاصيل وبخاصة تلك المخصصة للتصدير والتى تتطلب شروطا معينة متعلقة بدرجة النضج مثل الفراولة وبهذه الآلية يستطيع الجهاز أن يتنبأ بموعد الحصاد المناسب .
وترى البندارى أن الجهاز يمكنه أن يمثل على المدى الطويل اهمية كبيرة لصغار المزارعين الذين لا يملكون الخبرة الكافية ويحتاجون دوما للمرشد الزراعى الذى قد يحتاج لوقت طويل وتكلفة كبيرة ليقدم لهم النصح والارشاد اللازم وبخاصة اذا كان موقع الصوبة بعيدا. وكانت البندارى قد حصلت على جائزة "السكوا" من اليونسكو عام ٢٠١٤ عن البحث الذى أعدته عن هذا الجهاز وحصلت فى عام ٢٠١٥ على منحة مخصصة من اليونسكو ايضا لاستكمال ابحاثه فى هذا المجال تحت عنوان " منحة لوريال يونسكو المرأة من أجل العلم " وتقول :" الجهاز يتطور بسرعة كبيرة ونصمم الآن تطبيقا على الهواتف الذاكية يتيح للمزارع مراقبة محصوله بشكل لحظى ليس فقط فى مراحل النمو و لكن ايضا فى مراحل الفرز و التعبئة.. وبالرغم من العروض الأجنبية التى تلقيتها لتنفيذ الجهاز والبرنامج فى الاسواق العالمية فإننا فى انتظار الشريك المصرى لتنفيذه لما سيكون له من اثر كبير فى زيادة العائد للمزارع وتحقيق الأمن الغذائي"
وبالتوازى مع مجال الزراعة تعمل الباحثة الشابة على تطويع "انترنت الأشياء" والمستشعرات فى مجال ابحاث امراض كبار السن وبخاصة مرض "الزهايمر" والشلل الرعاش" للتنبؤ بمراحل تطور المرض عن طريق مراقبة الصوت والكتابة.
ولان انترنت "الأشياء" المعتمد على المستشعرات وبياناتها الضخمة المتغيرة بشكل دائم لا يمكن أن يعتمد على شبكات عادية أو اتصال تقليدى قامت الباحثة بسمة مصطفى المدرس المساعد بكلية الحاسبات والمعلومات جامعة القاهرة بتسجيل رساله الدكتوراة الخاصة بها فى جامعة القاهرة وجامعة مونبيلييه الفرنسية عن استخدام بحوث العمليات والنماذج الرياضية فى مراقبة انترنت الاشياء وهو البحث الذى حصل ايضا على منحة "لوريال يونسكو المرأة من أجل العلم عام ٢٠١٧"، وتوضح الباحثة الشابه تفاصيل دراستها قائلة :"اتاح التطور الهائل فى مجال انترنت الاشياء اتصال العديد من الأجهزة الصغيرة ببعضها البعض و بشبكة الانترنت مكونين شبكاتهم الخاصة والتى قد تضم آلاف الاجهزة التى تجمع عددا غير محدود من المعلومات ولكى نحقق الاستفاده القصوى من هذا التطور لا يمكن أن نعمل على شبكات تحمل نسبة خطأ وبخاصة اذا كانت القرارات المعتمده على تلك المعلومات متعلقة بصحة الانسان ولذلك اعمل على تطوير خوارزميات فعالة توفر اتصال المليارات من الأجهزة الذكية بالإنترنت دون الحاجة المستمرة لتدخل البشر وأجهزة الكمبيوتر فى الإتصال "
حيث يمكن للبرنامج الذى تعمل عليه الباحثة أن يراقب شبكة الانترنت بشكل دائم وأن يتنبأ بالاخطاء أو الأعطال التى قد تحدث ويعمل على معالجة الاتصال بشكل سريع وتشير بسمة مصطفى إلى أن هذه المراقبة يمكنها أن تطبق فى العديد من المجالات منها تحسين نوعية الحياة و الرعاية الصحية للمرضى و للمسنين وذلك عن طريق رصد صحتهم عن بعد من خلال الأجهزة الذكية المتصلة بأجسادهم وبالتالى يتم إخطار المستشفيات تلقائيا فى حالة الطوارئ باستخدام الامكانيات التكنولوجية لشبكات انترنت الأشياء.
رابط دائم: