رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

إمام الغلابة
الشيخ جاد الحق
إمام الأزهر ومفتى الديار الذى رفض مصافحة الرئيس الإسرائيلى

المنصورة . إبراهيم العشماوى

تبرع بقيمة جائزة الملك فيصل لبناء مستشفى فى قريته وإشترى أرضا لبناء مجمع شامل يضم مسجدا وحضانة ومستوصفاً ودار تحفيظ قرآن

كان يخجل من تقبيل الشعراوي ليده رغم أنه يكبره بست سنوات
وأوصاه بالصلاة عليه بعد وفاته

من أشهر مواقف الإمام رفض التطبيع مع إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس ورفض وثائق غربية تبيح الشذوذ والإجهاض

من أقواله : مكنوا علماء الأزهر من منابر المساجد ولن يجرؤ مدع أو جاهل على الصعود إليها




مائة سنة تمر اليوم على مولد الإمام الصالح جاد الحق على جاد الحق ،عندما تطأ قدماك قرية بطرة التابعة لمركز طلخا والتي تبعد عن المنصورة بحوالي 17 كم يذكر بالشيخ الجليل جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الشريف ومفتى الديار المصرية المولود في 5 أبريل 1917 والذى دفن تحت تراب نفس البلدة في 15 مارس 1996.

......................................................

الطرق المعبدة والمعهد الديني الكبير لكل المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية والمستشفى ومشروع المياه والصرف الصحي والكهرباء والمجمع الشامل الذي بناه من ماله الخاص ، غير أن رائحة الشيخ تشمها بسهولة في أنفاس أهل القرية الذين يترحمون بحرقة على شيخهم متذكرين بساطته وتواضعه وحبه للجميع وزهده في الدنيا ، ويمزجون ذلك بكثير من الفخر بانتسابه إلى بطرة التي تعتبر من أكبر قرى الدقهلية سكانا .

بجوار مجمع الشيخ جاد الحق توجد فيلا صغيرة لأولاد الشيخ، علي ومدحت وأسامة الذى قال أنه يأتي أحدهم إليها في شهر رمضان ويزور أقاربه على مدار العام ويقوم على حراستها رجل كهل ، وفي المجمع قال محمد شعبان خادم المسجد الذي بناه الشيخ ولم يسعفه الوقت لافتتاحه رسميا أنه يحتوي على مسجد وحضانة ودار مناسبات ومستوصف طبي خيري ودار لتحفيظ القرآن الكريم ومكتبة حيث باع ما ورثه من أبيه لشراء أرض المجمع الذي يشمل كذلك ضريحه . ويضيف شعبان : اسم الشيخ جاد الحق محفور في القلوب والوجدان ولا يمكن أن ينساه أهل بطرة ، فقد كان إلى جانب حبه ووفائه لبلده منصفا يسأل دائما كل من يريد منه خدمة أن تكون مصلحة عامة وأن ترضى الله ورسوله ولا تكون على حساب مصالح الغير .

في بيت الإمام

أما الشيخ عبد القادر جاد الحق نجل شقيق الشيخ جاد الحق ومأذون القرية فيؤكد أن عمه كان أمة وعلما عاش بالقرآن ومات به ، ووهب نفسه للدعوة ورفعة الأزهر الشريف ولم يكن يخشى في الله لومة لائم . ويضيف الشيخ عبد القادر : عشت مع عمي في «بيت» العيلة الكبير ولمست صلته للرحم منذ نعومة أظافري ، كان قليل الكلام كثير التفكر مستمعا جيدا متقد الذهن ذكيا حيث كان الأول على طلاب الأزهر وإستقبله الملك فاروق ومنحه وسام التفوق ، وعند وجوده في القرية تنصب المجالس ويتزاحم الناس لعرض مشاكلهم عليه ولا يتبرم أبدا منها ، وعندما كنت أرافقه حتى محطة القطار أو موقف السيارات يحتفي به الناس في كل مكان ينزل به .

وللشيخ عبد القادر مواقف مع عمه منها عندما طلب منه أن يساعده في تمديد إعارته للسعودية بعد انتهائها فقال له «ليس جيدا أن يأخذ إبن جاد الحق حق غيره» ورفض الطلب ، مشيرا إلى أن الشيخ تبرع بقيمة جائزة الملك فيصل العالمية لبناء مستشفى في قريته ، وعندما جاءت منحة من الكويت رصدها لبناء معهد ديني كبير ورفض أن يطلق اسمه عليه، لكن أهل القرية بعد وفاته غيروا اسم المعهد لتخليد الشيخ .

وعن علاقات الشيخ الأسرية يؤكد الشيخ عبد القادر أن عمه كان حنونا عطوفا، ولا يتدخل فى الشئون العملية لأبنائه إلا بالنصح فقط، ولا يتدخل فى قضاء مصالحهم فى الأمور المتعلقة بمؤسسات الدولة، ولم يستغل منصبه كشيخ للأزهر فى تحقيق مكاسب شخصية له أو لأولاده، وكان الإمام الراحل بارا بأهله ودائم التردد على زيارتهم فى مسقط رأسه .

مسيرة مميزة

تلقى الشيخ جاد الحق تعليمه الأولى في كتاب القرية فى كتاب الشيخ سيد البهنساوى فحفظ القرآن، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم الْتحق بالمعهد الأحمدي بطنطا، وأنهى المرحلة الابتدائية به، وانتقل إلى المرحلة الثانوية، واستكملها في القاهرة في معهدها الديني بالدَرَّاسَة، وبعد اجتيازه لها التحق بكلية الشريعة، وتخرَّج فيها سنة 1944، حاصلاً على الشهادة العالمية، ثم نالَ تخصص القضاء بعد عامين من الدراسة، وكان الأزهر يعطي لمن يحصل على العالمية في الشريعة أن يتخصص في القضاء لمدة عامين ، وفى الإجازات التى كان يقضيها فى القرية يؤم الناس فى صلاتهم ويلقى عليهم دروساً دينية ما بين المغرب والعشاء .

ثم عُيِّن أمينًا للفتوى بدار الإفتاء المصرية 1953 ثم عاد إلى المحاكم الشرعية قاضيًا في سنة 1954 ، وانتقل إلى المحاكم المدنية 1956 وعين مستشار بمحاكم الاستئناف 1976، قبل أن يعين مفتيًا للديار المصرية أغسطس 1978. وعين جاد الحق وزيرًا للأوقاف في يناير 1982، وظلَّ بها شهورًا قليلة ، اختير بعدها شيخًا للجامع الأزهر في 17 مارس 1982 واستمر في المنصب حتى وفاته . مع نهاية حقبة الخمسينيات استأجر الشيخ جاد الحق على جاد الحق شقة فى حى المنيل بالقاهرة وتقع فى الدور الرابع متواضعة الأثاث بها مكتب عبارة عن منضدة قديمة أكل الزمان منها وشرب ولم يغيرها الإمام طوال 40 سنة وفوقها صاغ الإمام الأكبر كل ما صدر عن الأزهر من بيانات للمسلمين بضرورة توحيد الجهود والصفوف , ومن فوقها صدرت أعظم فتاوى وأقوى حوارات سياسية .

ورغم كثرة المناصب التى تولاها إلا أنها لم تغير فيه شيئاً لا فى طباعه ولا فى تعاملاته مع الناس , ولم تختلف حالته المالية فى أيامه الأخيرة عن تلك التى كانت فى بداية حياته العملية , ففى كلتا الحالتين كان موظفاً يتقاضى راتبه من الدولة دون مكافآت أو حوافز ، كما لم يكن يحصل على أية أموال تأتيه مقابل أبحاثه وكتبه القيمة فقد كان يجعلها في سبيل الله .

علاقته بالشعراوى

وقد جمعت الشيخ جاد الحق علاقة وطيدة بالإمام محمد متولي الشعراوي، حتى إن الأخير كان دومًا يقبل يديه فور رؤيته، رغم فارق السن بينهما، والذي يصل إلى 6 سنوات، الأمر الذي كان يسبب لـلشيخ جاد الحق حرجًا، حيث لم يخجل الشعراوي من فعل ذلك حتى أمام كاميرات التليفزيون، على مرأى ومسمع من الجميع.

وأوصى الشيخ جاد الحق بأن يصلي عليه الشيخ الشعراوي وهذا ما حدث بالفعل، حيث تحامل الشعراوي على نفسه وبكى على قبره . ونعاه بقوله « تعلمنا منه ألا نعصرن الدين بل ندين العصر، فعصرنة الدين تعنى أنه غير كامل حاشا لله».

مواقف شجاعة

للشيخ جاد الحق مواقف وصفت بأنها شجاعة منها تصديه لرغبة دول الغرب فى استصدار قانون من الامم المتحدة بشأن تدويل الحرمين الشريفين وأفتى بأن هذا الأمر لا تجيزه شريعة ولا يبيحه قانون وإنما هذا أمر يخص المسلمين وحدهم دون غيرهم . كما رفض مقررات مؤتمر للسكان تبيح الشذوذ والإجهاض ، وبفضل شجاعته أصدر بيانا من الأزهر الشريف بإسم المسلمين وبصفته إماماً لهم تراجع الكونجرس الأمريكى عن تأييد قرار الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون بشأن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وإعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل .

ورفض الأمام الأكبر رفضاً قاطعاً لقاء الرئيس الإسرائيلى عيزرا وايزمان خلال زيارته للقاهرة، مما سبب حرجاً شديداً للحكومة المصرية ، وكانت قضية القدس تشغل حيزاً كبيراً من عقل وقلب الإمام جاد الحق، وكان يذكر بها في كل المواقف والمناسبات مؤكداً أن القدس ستظل عربية إسلامية إلي قيام الساعة رغم أنف الإسرائيليين . ورفض الإمام الراحل سياسة التطبيع مع إسرائيل طالما ما زالت تحتل الأراضى العربية . ورفض زيارة المسلمين للقدس بعدما أفتي بعض العلماء بجواز ذلك بعد عقد اتفاقية أوسلو عام 1993م بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية ، وعلى أثر هذا النداء القوي دعا البابا شنودة الثالث بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية في مصر هو الآخر المسيحيين لعدم زيارة القدس .

وعندما نشبت حرب إبادة المسلمين في البوسنة كان هو أول من أعلن أنها حرب إبادة صليبية في المقام الأول ، ونادى بعقد مؤتمر إسلامي في الجامع الأزهر لمناصرة شعب البوسنة والهرسك .

كما رد علي من اتهم الأزهر وعلماءه بالتقصير في مواجهة الإرهاب والتطرف بقوله: «مكنوا علماء الأزهر من منابر المساجد عندها لن يجرؤ أمير أو غفير، أو أي مدع علي الإسلام أن يعلو المنبر , عندها لن يسمع عامة الناس وصفوتهم للجهلاء أن يخطبوا فيهم ويعلموهم، ودعا الإمام الراحل بضرورة قيام علماء الأزهر الشريف بمحاورة الشباب المتطرف الذي يفهم الإسلام فهماً خاطئاً . ورأى أن من بيده الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو المتفقه والعالم بأمور دينه ومع ذلك فليس من حقه فرض رأيه تحت دعوة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأن القتل وترويع الآمنين لم يكن أبداً علامة من علامات الصحوة الإسلامية، بل إنه يتنافى مع تعاليم الدين الحنيف.

عصر ذهبي للمعاهد

فى عهده انتشرت آلاف المعاهد الأزهرية في داخل مصر فحين تولي الإمام الراحل مشيخة الأزهر عام 1982م كان عدد المعاهد الأزهرية لا يزيد على 600 معهد, وبلغت عدد تلك المعاهد في عهده 6 آلاف معهد وبضع مئات, فقد زرع الإمام الراحل المعاهد الأزهرية في قري مصر . وقد ساعده فكره المستنير على تطوير الأزهر وأنشأ 25 فرعًا بالمحافظات للجنة الفتوى الرئيسية وذلك لخدمة المواطنين الذين يلجأون إليها للاستفسار عن أمور دينهم . ولم يقف جهد الإمام الراحل علي نشر المعاهد الأزهرية في مصر, بل حرص علي انتشارها في شتي بقاع العالم الإسلامي, فأنشأ معاهد أزهرية تخضع لإشراف الأزهر في تنزانيا وكينيا والصومال وجنوب إفريقيا وتشاد ونيجيريا والمالاديف وجزر القمر وغيرها من البلدان الإسلامية ، كما فتح باب الأزهر واسعا أمام الطلاب الوافدين وزاد من المنح الدراسية لهم حتي يعودوا لأوطانهم دعاة للإسلام.

مؤلفات

من مؤلفات الشيخ جاد الحق : الفقه الإسلامي مرونته وتطوره ، وبحوث فتاوى إسلامية في قضايا معاصرة في خمسة مجلدات من بين 11 مجلدا لم تستكمل طباعتها حتى الآن ، ورسالة في الاجتهاد وشروطه. رسالة في القضاء في الإسلام. ، مختارات من الفتاوى والبحوث ، أحكام الشريعة الإسلامية في مسائل طبية عن الأمراض النسائية مع القرآن الكريم. ، النبي في القرآن الكريم. ، هذا بيان للناس في جزءين، بحوث وفتاوى إسلامية في قضايا معاصرة في أربعة مجلدات ضخمة ، فضلا عن عشرات الأبحاث الفقهية التي اشترك بها في مؤتمرات علمية داخل مصر وخارجها.

وقال الكاتب الصحفي أحمد بهجت عن الشيخ جاد الحق : « كان يجهر بما يعتقد أنه الحق وكانت له مواقفه الشجاعة في كثير من القضايا ورغم تواضعه وسماحته وهدوئه كان عند اللزوم صلباً في الحق ولا يتزحزح عنه قيد أنملة . ووصفه مصطفى أمين بأنه رجل يصمد دفاعاً عن الإسلام الصحيح ويؤمن بالحرية، ويرى أن الإسلام هو الديمقراطية، والديمقراطية هي الإسلام ، ويؤكد أن الإسلام الحقيقي هو حقوق الإنسان وأنه دين لا يعرف الاستبداد ويرفض الطغيان ويقاوم حكم الفرد .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق