سواء السنية او المسيحية ،وكما يطالبون بنزع سلاح حزب الله ليكون حزبا سياسيا فقط مثل بقية التيارات السياسية اللبنانية التى انخرطت فى العمل السياسى بعد اتفاق الطائف أوائل التسعينيات وسلمت سلاحها للجيش اللبنانى ،يطالبون أيضا بتفكيك سرايا المقاومة حتى لاتثير الرعب بين الناس ،أما المؤيدون فيؤكدون أن عناصرسرايا المقاومة هم المفاجأة القادمة التى يحضرها السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله لمواجهة إسرائيل فى أى حرب قادمة معها .فكيف نشأت السرايا، ومن ينضم إليها وماالمهام المنوطة بها ،ومن يقودها ،ومن ينفق عليها؟
فى عام 1997 اغتالت إسرائيل هادى ابن السيد حسن نصر الله ، وخلال واجب العزاء طلب مجموعة من الشبان على الأمين العام لحزب الله أن يفتح المجال أمام من يريدون الالتحاق بالمقاومة من غير الشيعة، واستجاب الحزب فورا ، وبدأ عمل السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الاسرائيلى فى 14مارس 1997 بأول عملية ضد الاحتلال عند مواقع حداثا – برعشيت – السويداء،وتكررت العمليات ضد الاحتلال حتى وصلت الى ما يقارب 400 عملية.
وأكد نصر الله حينها أن هذا التشكيل سيبقى منفصلاً عن الحزب الجاهز لتقديم كل دعم بغية قيام السرايا بأعمال عسكرية وأمنية فى المناطق اللبنانية المحتلة،وذلك دون الالتزام بالضوابط التفصيلية التى يلتزم بها مقاتلو الحزب، لأن لدى مقاتلى الحزب ضوابط شرعية ودينية، أما عنصر السرايا، فله الحرية المطلقة، من الناحيتين الاجتماعية والدينية.
وبعد انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000ظلت السرايا نشطة أمنيا وعسكريا ،وشاركت فى حرب يوليو عام 2006، إلى جانب عناصر حزب الله من الشيعة. بعدها استطاع حزب الله تجنيد عدد كبير من الشباب المسيحيين والدروز والسنّة داخل القرى الممتدة على طول السلسلة الشرقية حتى شبعا والعرقوب مقابل رواتب مغرية. وبالرغم من ندرة المعلومات التى تتحدث عن سرايا المقاومة فإنه يتردد أن الشاب المسيحى والدرزى فى سرايا المقاومة يتقاضى راتب ألف دولارشهريا، فيما السنّى يتقاضى مابين 1200 و1500 دولار شهرياً،وقد التقيت شخصيا شابا من سرايا المقاومة، وهو فلسطينى سنى يعيش فى صيدا ،ويؤكد أن العمل بالسرايا أفضل كثيرا من أى عمل آخر، وهو مؤمن بما يفعل ويعيش جهوزية دائمة على مدى الساعة لتنفيذ مايطلب منه،مع ملاحظة أن الراتب بالجيش اللبنانى لايصل إلى راتب العنصر فى سرايا المقاومة.
ويحاط قائد سرايا المقاومة بسرية تامة، ولا أحد يعرف اسمه ،وهو معروف فقط باسم الحاج،ويقود عمله فى ظل السرية التى تحيط بسرايا المقاومة.
ولأن حزب الله أخذ على عاتقه مهمة المقاومة دون بقية التيارات السياسية اللبنانية فقد خاض حرب يوليو 2006 ضد إسرائيل، وبعد انتهاء الحرب وخروج الحزب منها منتصرا معنويا ، تغيرت نظرة الحزب الى السرايا ، وقرر التوسع فى السرايا لما تتمتع به من سرية على المستويين الشعبى والسياسى بحيث تغطى المناطق التى لاتشهد وجودا فعليا للحزب، سواء بالمدن أو القرى والمناطق الحدودية بطول لبنان وعرضها ،فالسرايا موجودة فى صيدا حيث الأغلبية السنية فى الجنوب وحيث الممر الحيوى للحزب إلى جنوب لبنان لمواجهة إسرائيل ،وكذلك توجد سرايا المقاومة فى طرابلس حيث الأغلبية السنية فى الشمال ،وفى صيدا ساهمت سرايا المقاومة فى القضاء على ظاهرة الشيخ السلفى المتشدد أحمد الأسير وصديقه المطرب المعتزل فضل شاكر فيما يعرف بأحداث عبرا فى 2013 حيث واجه الجيش، وبمساعدة السرايا مناصرى الأسير وهرب الأسير وفضل شاكر،كما ساهمت السرايا فى إنهاء الوضع الأمنى المتأزم فى طرابلس حيث يوجد المتشددون السنة ،وسيطر الجيش على طرابلس، وقضى على المربعات الأمنية التى هددت حياة الناس لمدة عامين. وبالرغم من أن حزب الله كان ينفى أنه يشارك الجيش فى القضاء على الظواهر السنية المتشددة ضد الجيش وقوى الأمن اللبنانى ،إلا ان السرايا كانت حاضرة وبقوة حسب التقارير الأمنية، وأقوال الساسة اللبنانيين المعارضين لحزب الله،وقد لجأ حزب الله إلى النفى دائما حتى لاتحدث فتنة سنية شيعية بعد مشاركة الحزب الفعلية فى الحرب داخل سوريا لصالح النظام السورى ،وهو الأمر الذى اعتبره معارضوه ضد أهل السنة فى سوريا.
ومع تزايد حدة المعارك بين حزب الله من جهة والنصرة وداعش من جهة ثانية داخل سوريا ،وانتشار صفوة عناصره فى الداخل السورى، وعلى الحدود بين البلدين ،كان دور سرايا المقاومة فى الداخل يتزايد، ويحقق مع عناصر حزب الله جولات ناجحة ضد العمليات الإرهابية، وضبط الأمن، سواء بالمدن أو الحدود. ومع نجاح السرايا شبه الخفى فى الداخل اللبنانى تتزايد طلبات الانتساب الى السرايا من كل الطوائف والمذاهب،فمثلا مجموعات دير الأحمر ورأس بعلبك فى السرايا مسيحية، من العناصر الى القيادات.
والمعارضون يؤكدون أن حزب الله يحاول اختراق المجتمع غير الشيعى عبر السرايا، والحزب يقول إنه يعمل على نشر الفكر المقاوم، وتعزيزه فى كل المناطق مع الحفاظ على خصوصيات كل نسيج اجتماعي. أما الأمانة العامة لفريق14 آذارالمناهض لحزب الله فقد انتقدت أيضا سرايا المقاومة، معتبرة أن ظاهرة تعميم السلاح بإشراف مباشر من الحزب تحت عباءة ما يسمى بـسرايا المقاومة، هو عمل مدان ومرفوض، فهو يعرّض المجتمع اللبنانى الذى يتطوع تحت هذه العباءة بحجة الأمن الذاتى، أو المنافع المادية إلى تهديد استقراره ووضعه عند حافة الانفجار. أما المدافعون عن سرايا المقاومة التابعة لحزب الله فيؤكدون أن مهمة السرايا ليست حفظ الأمن اللبنانى، أو المشاركة فى معارك عرسال وصيدا وبيروت وطرابلس والإقليم كما يتهمها خصومها، ولكنها بالمقابل لن ترضى كما اغلبية اللبنانيين أن تشاهد جيشها يُقتل، وأرضها تُستباح من قبل إرهابيين تكفيريين أعلنوا نيّتهم قتل كلّ من يعارضهم، دون أن تحرّك ساكنًا. وفى دراسة أعدها على فياض أحد أعضاء كتلة حزب الله النيابية حول تجربة السرايا يقول: إن السرايا تُعد الرافعة لمشروع تشكيل مجتمع مقاوم، وبناء كتلة تاريخية تضم بين جنباتها تيارات وتنويعات سياسية وفكرية مختلفة .تنضوى جميعها فى إطار مواجهة تاريخية مع العدو، ويبدو ذلك ضرورة لا مناص منها، فى إطار رسم إستراتيجية مستقبلية لمواجهة شاملة وجذرية مع العدو تتجاوز الحسابات الموضعية الحاكمة لهذه الساحة. أو تلك من ساحات المواجهة. وبالرغم من المعارضة التى يلقاها حزب الله من خصومه داخل لبنان ،سواء ضد سلاحه أو مشاركته فى الحرب داخل سوريا ،أو لرعايته لسرايا المقاومة ،يتساءل الكثيرون. هل ينجح الجيش اللبنانى فى القضاء على الانتشار المسلح لعناصر ما يسمى سرايا المقاومة فى القرى المحيطة بصيدا وطرابلس والمدن والمناطق السنية ؟
وهل يستطيع أن يمنع تحركات هذه المجموعات القتالية التابعة لحزب الله فى المدن والقرى السنية شمالاً وبقاعاً.
وبالرغم من مساعدة السرايا للجيش فى بعض مهامه فى المواجهات مع المتشددين ،ينتقد البعض تهاون القوى الأمنية الرسمية فى معالجة أوضاع ساخنة، خاصة فى المناطق السنية التى تتهم بأنها تؤوى التكفيريين، وتوفربيئة حاضنة لهم ،حتى لاتشتعل شرارة الفتنة السنية الشيعية فتحرق الأخضر واليابس، وتفسح المجال واسعا لداعش والنصرة لاختراق الجبهة اللبنانية.