وكان آخرها نقل موقف كمال الدين حسين عضو مجلس الشعب المنتخب حديثا الذى بعث ببرقية الى رئاسة الجمهورية يعلن فيها رفضه لسياسات السادات وفقا لما رآه آنذاك "تكميم الأفواه وتقنين الظلم".. وكان حسين قد تم إبعاده من البرلمان (رغم أنه عضو منتخب) مما أثار حفيظة الرئاسة ضده، فبعث ببرقيته المشار اليها الى كل قيادات الدولة، ولم يجرؤ على نشرها فى الصحف سوى جلال الدين الحمامصى فى عموده، وكان كاتبا يحترم مهنته وقلمه وتاريخه، ورفض التخلى عن مؤازرة كمال الدين حسين فى محنته، علما بأن الأخير من أعضاء مجلس قيادة الثورة وتولى وزارة التعليم بعدها ضمن مناصب أخرى عديدة.
تحمل الحمامصى كثيرا خلال فترة توقيفه عن الكتابة، وكان يعلم مزايدات البعض ضده لدى مؤسسة الرئاسة لإبعاده نهائيا عن الكتابة فى صحيفة الأخبار وغيرها من الصحف المصرية، وهو معلم الصحافة لكثير من منتسبيها.. ثم كتب فى أول ظهور له بعد مرحلة التجميد، عن مباراة كرة قدم، فسألناه وقتها: "هل يليق بجلال الدين الحمامصى أن يترك السياسة ويكتب فى الكرة؟".. فقال "الكرة عندى هى القشة التى يتعلق بها الغريق للعودة الى عموده ومكانه، ليتنفس الصحافة من جديد". استغربنا نحن طلاب كلية الإعلام وقتها تبريرات الكاتب الكبير.
تغير الزمان و المكان والأفراد، وتبدل على المناصب الكثيرون، وبقى الحمامصى لدى طلابه وقرائه كاتبا محترما رفض سياسة الإملاءات. لم يتورع عن رفع مظلمة كمال الدين حسين الى السادات ولم يخش بطشه. عاش الحمامصى فى قلوب محبيه وطلابه وشبوا مثله.