رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

برلمان الجمهورية الجديدة

برلمان 2025 بات حديث الجماهير والنخبة هذه الأيام بين طموحات المواطنين وتحديات الواقع؛ حيث تعد الانتخابات البرلمانية القادمة تاريخيّة، ذلك أن الحراك السياسى والمشاركة الفعالة التى نطمح بها ستكون بمثابة رسالة إلى العالم تؤكد أن إرادة الشعب المصرى بكافة أطيافه هى من يصنع المستقبل، كما تعكس وعى المواطن بأهمية المشاركة ليس فقط كونها حقا بل مسئولية يستحضرها الضمير الوطنى فى رسم السياسات العامة، وهى خطوة مهمة ليس فقط نستكمل بها إرساء قواعد بناء دولة ديمقراطية وطنية حديثة، بل لأنها أيضًا تمنح غطاء شعبيا كبيرا للقيادة السياسية الحكيمة فى هذه المرحلة الدقيقة التى تمر بها الدولة المصرية فى ظل التحديات الإقليمية والدولية, فبرغم حزام النيران الذى يحيطها من كل جانب، فهى تقف صامدة شامخة ثابتة على موقفها التاريخيّ تعلى صوت الحق، بينما تستمر فى تنفيذ المشروع النهضوى الذى أطلقه الرئيس السيسى برؤية ثاقبة وفكر متقدم وخطوات سديدة، وفى ظل التغيرات السياسية المتسارعة التى يشهدها الأقليم والعالم، تزداد أهمية تعزيز المشاركة السياسية باعتبارها أداة للتمكين والحكم الرشيد، فالمشاركة ليست فقط حقا دستوريا ولكنها أيضًا واجب وطني، ونحن نتحدث عن المفهوم الشامل للمشاركة السياسية الذى لايشمل فقط التصويت فى الانتخابات أو الاستفتاءات، بل أيضًا الترشح للمجالس النيابية والانضمام إلى الأحزاب السياسية والتأثير من خلال مؤسسات المجتمع المدني.

المشاركة السياسية من أهم ركائز بناء الدولة الديمقراطية الوطنية الحديثة، فهى من أهم مقومات تعزيز الانتماء وترسيخ قيم المواطنة، وتمثل الوسيلة التى يعبر من خلالها المواطنون عن آرائهم واحتياجاتهم، كما تتيح للمواطنين المشاركة فى عملية صنع السياسات العامة، حيث تعد آلية فعالة لتحقيق التمثيل الشعبى الحقيقي، وتتيح الفرصة للمواطنين لاختيار من يمثلهم ويعبر عن مصالحهم، وحينما يكون لدينا برلمان قوى يمثل جميع التيارات السياسية الوطنية وأطياف المجتمع وخبرات متنوعة، يلعب دورا فاعلا فى عملية الإصلاح التشريعي، كما يعزز الرقابة على الأداء الحكومي، ومما لا شك فيه أن برلمان الجمهورية الجديدة لديه مسئولية ضخمة تجاه استكمال مسيرة الإصلاح التشريعى لضمان تحقيق العدالة وتحسين جودة الحياة للمواطن المصرى مما قد يستوجب عقدا اجتماعيا جديدا يضع الإطارالعام لتحقيق متطلبات التنمية المستدامة.

ومع ذلك هناك العديد من التحديات التى قد تؤثر على مستوى ونوعية المشاركة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة ومن أهمها: ضعف ثقافة المشاركة السياسية رغم أننا شاهدنا ملحمة تحققت فيها دوافع المشاركة فى الانتخابات الرئاسية السابقة، وهنا يجب أن نشيد بدور عظيمات مصر اللاتى توافدن بأعداد كثيفة للإدلاء بأصواتهن مؤكدات الدور الوطنى الذى تقوم به المرأة المصرية فى مختلف الاستحقاقات الدستورية منذ 2014، من خلال تحفيز الشباب على المشاركة الفعالة، خاصة أنه يمثل كتلة تصويتية ضخمة, فمصر دولة فتية ومتوسط عمر سكانها 24.8 سنة، وواجبنا رفع وعى وتثقيف الشباب وتنمية قدراته، وهنا يجب أن نشيد بالدور المهم الذى تقوم به الهيئة الوطنية للانتخابات فى التثقيف ورفع الوعى ليس فقط بين الشباب بل الأطفال فى المدارس، وهو دور وإنجاز غير مسبوق هذا بجانب الدور الوطنى الذى تقوم به الهيئة لإدارة العملية الانتخابية بمنتهى الشفافية والاحترافية والحيادية طبقًا لأعلى المعايير الدولية ما يجعلها فخرا لكل مواطن مصرى الذى يعتبرها صمام الأمان لانتخابات حرة وعادلة ونزيهة، كما يسهم فى ضمان الشفافية، دعم مشاركة المجتمع المدنى فى متابعة العملية الانتخابية، وتعتبر كثرة عدد الأحزاب السياسية وضعف أداء الغالبية العظمى منها والتى يطلق عليها أحزاب قاهرية نتيجة عدم تلاحمها مع الجمهور وغيابها عن بعض المحافظات، ويضاف إلى ذلك، ضعف دور الإعلام فى رسم صورة إيجابية عن العمل السياسى مما يؤدى إلى اللامبالاة ويؤثر سلبيًا على الرأى العام.

ونحن على مشارف الانتخابات التى يعلو فيها صوت الوطن أولاً، نناشد الجميع بتضافر الجهود لتعزيز التثقيف السياسى من خلال مبادرات تقدمها منظمات المجتمع المدنى التى تلعب دوراً رئيسياً فى عملية بناء الوعي، كما ننادى بتفعيل دور الأحزاب فى بناء كوادر سياسية فاعلة، فالتثقيف السياسى هو وظيفة أصيلة للأحزاب السياسية، كما أنها يجب أن تعمل بجدية نحو تطوير البرامج الحزبية، وتشجيع التحالفات ضرورة لا غنى عنها لتحقيق هيكل برلمانى يمثل الخريطة الحزبية الحقيقية بكل تياراتها، مع إنشاء نماذج محاكاة للهيئة الوطنية للانتخابات فى الجامعات خاصًة فى كليات الحقوق والاقتصاد والعلوم السياسية يعد خطوة مهمة فى نشر وترسيخ ثقافة المشاركة الانتخابية. أما فيما يخص الإعلام، فإن تعزيز حرية الإعلام تعد من أهم وسائل رفع وعى المواطن وتحفيزه على المشاركة بموضوعية وحيادية، مما يستلزم بناء قدرات الإعلاميين المعرفية والمهارية الخاصة بطرح قضايا التمثيل البرلمانى ومعايير قياس الأداء، كل ذلك يؤدى إلى أن يشهد العالم على انتخابات برلمانية تكون عنوانًا للمشاركة الجادة والفعالة لدعم الدول المصرية فى ظل الظروف الإقليمية والدولية المضطربة، ولدينا ثقة فى تفرد وصلابة نسيج هذا المجتمع الذى يضع الوطن أولاً وفوق كل شيء.


لمزيد من مقالات د. سلوى ثابت مكى

رابط دائم: