فتنة جديدة يحاول البعض إيقاظها وجعلها محورا جديدا لخلاف عربى أو بالأحرى خلاف مصرى سعودي. مدخل الفتنة الجديدة هو الحديث المتداول إعلاميا عن جامعة الدول العربية وتعيين أمينها العام. الفتنة تأتى بإشعال نار نقاش عقيم حدث مرارا بشأن مقر الجامعة الموجود رغم أنه موجود فى القاهرة بحكم الميثاق. المادة العاشرة من ميثاق الجامعة قررت أن تكون القاهرة مقرا للجامعة. ذلك يعنى أن أى تفكير لتغيير ذلك الوضع يمر وفقط عبر تعديل الميثاق ذاته بأغلبية ثلثى أعضاء الجامعة. منذ تأسيس الجامعة فى عام 1945 لم يغب مقر الجامعة عن القاهرة إلا عشر سنوات تقريبا بسبب تجميد عضوية مصر فى الجامعة بعد توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل. السنوات العشر استقر خلالها مقر الجامعة فى العاصمة التونسية. إذن مقر الجامعة فى القاهرة ليس احتكارا من مصر للمقر، ولكنه توافق العرب لحظة التأسيس على أن تحتضن مصر مقر الجامعة، وهو التوافق الذى لم يغب يوما بل وكان الدافع الرئيسى لعودة المقر إلى مصر بعد خروجه منها.
المقر بهذا المعنى لا يمكن ولا يجب أن يكون محلا لخلاف مصرى سعودى لولا أن البعض بمنتهى «النطاعة السياسية» يحاول ولا يكف عن محاولة تعكير العلاقات المصرية السعودية. تلك «النطاعة» تتصاعد لتصل بهؤلاء لتناول موضوع الأمين العام للجامعة. يبدأون بالقول إن مصر تحتكر المنصب، وكأنها لا تستحقه مثلا أو إنها تحتكره «غصبا» عن الدول العربية أو تستخدم طرقا ملتوية للاحتفاظ بالمنصب. المادة 12 من الميثاق تحدد طريقة تعيين الأمين العام. المادة تقول «يعين مجلس الجامعة بأكثرية ثلثى دول الجامعة الأمين العام..». إذن المادة لم تحدد جنسية الأمين العام ولم تشترط غير أكثرية الثلثين.
العرف والتوافق بين الدول العربية هو من حدد أن يكون الأمين العام من بلد مقر الجامعة أى من مصر، وحين ذهب المقر إلى تونس تولى منصب الأمين العام تونسى هو السيد الشاذلى القليبي. وقد حرصت مصر على أن تقدم مرشحا للمنصب يكون محل توافق وترحيب كل الدول العربية، وستظل تفعل، فأين الاحتكار وأين المشكلة؟!
لمزيد من مقالات د. صبحى عسيلة رابط دائم: