مثير للجدل،متقلب المزاج،سريع الاشتعال،غاضب دائما،بعض صداقاته وتحالفاته تنقلب بلا تمهيد إلى علاقات عدائية،هكذا عرفنا الرئيس الأمريكى ترامب خلال ولايته الأولي،ولم يطرأ تغيير ملموس على شخصيته بينما نعيش معه حاليا ولايته الجديدة،المهم قل فى الرجل ما تريد،لكن حين يتعلق الأمر بإقرار الواقع والاعتراف بما لا يمكن إنكاره فيما يتعلق بالقوى المؤثرة على المستويين الإقليمى والدولي،فهو فى كثير من الأحيان يحالفه الصواب ويعترف بالحق لأهله.
قبل أيام حين نفذ مهاجر مصرى الجنسية هجوما على مسيرة مؤيدة لإسرائيل فى ولاية كولورادو الأمريكية حاول البعض الاصطياد فى الماء العكر بخصوص العلاقات المصرية ـ الأمريكية،وعلى الأخص بعد أن أصدر ترامب حظرا على دخول مواطنى 12 دولة إلى الولايات المتحدة بينها 4 دول عربية(ليبيا والصومال واليمن والسودان) بمبرر حماية الأمن القومي.
وحين سئل ترامب:لماذا لم تُدرج مصر فى قائمة حظر السفر،كون منفذ حادث كولورادو يحمل جنسيتها؟ رد الرئيس الأمريكي:أنه(لم يحظر دخول المصريين إلى الولايات المتحدة لأن مصر دولة نتعامل معها عن قرب، والأمور لديها تحت السيطرة). نعتبر رد ترامب هو أحدث اعتراف دولى بدور مصر كعنصر مهم وفاعل فى الحفاظ على السلام والاستقرار فى العالم،لكن الرجل لم يأت بجديد،فالدور المصرى على مدى عقود طويلة فى التوسط بالنزاعات وإخماد الأزمات فى بؤر التوتر بمحيطها الإقليمى يعترف به القاصى والداني،لذا أرى أن الاعتراف الأكثر توافقا مع التطورات الدولية والإقليمية الراهنة،المتضمن فى تصريحات ترامب هو أن مصر ستظل (الرقم الأهم) فى المنطقة، والشريك الاستراتيجى الأقدر على منع تصدير الإرهاب إلى الخارج.
الإرادة الوطنية المستقلة والرؤية الثاقبة للأحداث والقدرة على وضع حلول تنزع فتيل الأزمات،جلّها مقومات تعبر عنها السياسة الخارجية لمصر،وتمثل عناصر الحسم فى الحفاظ على ديمومة العلاقة الاستراتيجية مع أمريكا مهما تباينت المواقف تجاه الأحداث،فمصر لم تفكر مرتين وهى ترفض بحسم وأد القضية الفلسطينية ومحو غزة وتهجير أهلها،وبنفس الصرامة لم تسمح بالمساومة على سيادتها فى سيناء أو قناة السويس،فنالت احترام الجميع ولم يتخلف ترامب عن الركب.
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: