تعد محاولات اليهود لاقتحام المسجد الأقصى جزءاً من التوترات المستمرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين حول السيطرة على الأماكن المقدسة فى القدس. فالمسجد الأقصى هو ثالث أقدس مكان فى الإسلام، ويعتبر من قبل اليهود أيضاً موقعاً مقدساً يعرف «بجبل الهيكل»، حيث يعتقدون أنه كان موقع المعبد اليهودى الأول والثاني.
فمحاولات اليمين المتطرف الإسرائيلى لبناء «كنيس يهودي» فى المسجد الأقصى تأتى فى إطار مساعٍ طويلة الأمد لتحويل الحرم الشريف إلى موقع مشترك بين المسلمين واليهود، أو حتى السيطرة الكاملة عليه. هذه المحاولات ليست جديدة، لكنها تصاعدت فى السنوات الأخيرة بالتوازى مع تنامى قوة التيارات اليمينية المتطرفة فى السياسة الإسرائيلية. وهناك العديد من الشخصيات البارزة فى التيار اليمينى المتطرف ومنها إيتمار بن غفير وزير الأمن الوطنى الإسرائيلي، ويمثل اليمين المتطرف فى الحكومة الإسرائيلية، وتم تعيينه فى هذا المنصب فى حكومة بنيامين نيتانياهو، ويعتبر أحد أبرز الشخصيات فى اليمين المتشدد، ويُعرف بن غفير بتصريحاته ومواقفه المثيرة للجدل تجاه الفلسطينيين وعرب 1948، حيث يدعو إلى سياسات متطرفة مثل دعوته لإقامة كنيس يهودى فى ساحة المسجد الاقصى وغيرها.
وتتخذ هذه المحاولات عدة أشكال، منها: الاقتحامات المتكررة للحرم الشريف: حيث يتم تنظيم اقتحامات جماعية للمسجد الأقصى من قبل مستوطنين متطرفين، بقيادة بعض الحاخامات والشخصيات السياسية اليمينية، بهدف تأكيد الوجود اليهودى فى الأقصى. كذلك الدعوات لإعادة بناء «الهيكل الثالث»: حيث تسعى بعض الجماعات اليمينية المتطرفة لبناء «الهيكل الثالث» مكان المسجد الأقصى أو بجواره، زاعمة أن هذا الموقع هو المكان الذى كان يوجد فيه الهيكل اليهودى القديم.
كذلك الضغط السياسى والقانوني، حيث تستغل بعض الأحزاب اليمينية نفوذها السياسى داخل الحكومة والكنيست لمحاولة تغيير الوضع القائم فى الأقصى، أو الضغط لتقسيمه زمنيا أو مكانيا بين المسلمين واليهود، كما حدث فى الحرم الإبراهيمى فى الخليل.
إضافة إلى التحريض الإعلامى والديني، حيث يتم استخدام الخطاب الإعلامى والدينى من قبل اليمين المتطرف لحشد الدعم الشعبى لهذه الفكرة، عبر تصوير الأمر كواجب دينى أو قومي.
هذه المحاولات تلقى معارضة شديدة من الفلسطينيين والمسلمين فى جميع أنحاء العالم، حيث يُنظر إلى المسجد الأقصى باعتباره أحد أقدس الأماكن فى الإسلام ولا يمكن المساس به.
وتتسبب هذه الأنشطة فى توترات متزايدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث يُنظر إلى المسجد الأقصى كأحد أهم المواقع الإسلامية، بينما يعتبره اليهود جزءًا من تاريخهم الديني، وتؤدى هذه المحاولات إلى ردود فعل شديدة من قبل الفلسطينيين والعالم الإسلامي، مما يزيد من حدة التوترات ويعقد جهود السلام فى المنطقة.
وتعد هذه القضية مثالاً على الصراع المتجذر حول الهوية والسيادة الدينية، حيث يواجه الفلسطينيون تحديات كبيرة فى الحفاظ على حقوقهم فى المكان، بينما يسعى الإسرائيليون لتحقيق أهدافهم السياسية والدينية.
-----------------
مدرس الدراسات اليهودية
كلية الآدآب جامعة المنصورة
لمزيد من مقالات د . آية الهنداوى رابط دائم: