مانع المجاعات، محصول الفقراء، محصول القرن. مسميات أطلقتها منظمة الفاو على نبات الكسافا، التى تعتبر إفريقيا أكبر منتج له. وفى ظل التغيرات المناخية والتحديات الزراعية فى مصر، والبحث عن بدائل زراعية لمحاصيل غير تقليدية تحقق الأمن الغذائي. ولأن هذا النبات ثالث أكبر مصدر للسعرات الحرارية والكربوهيدرات بعد الأرز والذرة، قام بعض مراكز البحوث بتجربة زراعته على نطاق بحثى للاستفادة من جذوره التى يُستخرج منها الدقيق والنشا.
توضح د. داليا محمود طنطاوى أستاذ ورئيس قسم الخضر بكلية الزراعة جامعة أسيوط أن نبات الكسافا هو محصول خضرى غير تقليدي، يُزرع على مساحات ضيقة، وموطنه الأصلى البرازيل والمكسيك، كما أنه منتشر فى جنوب إفريقيا. وعن زراعته فى مصر، تقول د.داليا بدأت زراعته فى محافظة أسيوط عام 2019 تحت نطاق بحثى تطبيقي، بطريقتين وهى البذور والعُقل. وفى مصر، الطريقة الشائعة لزراعته بالعُقل، وهى ساق مقسمة طولها 30 سم تقريبًا. بعد وضعها فى التربة، تتكون الجذور ثم تنتج مجموعة خضرية تُسمى بمصنع النبات، والذى ينتج الدرنات الموجودة فى التربة. وتشير إلى أن زراعة الكسافا فى مزرعة الخضر التابعة لكلية الزراعة بجامعة أسيوط، فى مرحلة إنتاج الدرنات، قد تمت على مساحة نصف فدان تقريبًا.
وتشير إلى أن الكسافا يمكن زراعته فى الأراضى الهامشية والفقيرة التى لا يمكن زراعة محاصيل أخرى فيها. بالإضافة إلى ذلك، يتحمل التغيرات المناخية مثل الحرارة العالية والجفاف، واحتياجاته من السماد قليلة، كما أنه لا يصاب بالأمراض والحشرات. تضيف د. داليا أنه يمكن زراعة الكسافا منفردا أو تحميله على محاصيل أخرى لاستغلال المساحة، ويُزرع أيضًا على مصاطب عرضها متر مربع.
وتوضح أن أوراق النبات تُستخدم للغذاء. كما أنه يستخدم أيضًا كأعلاف للحيوانات، مما يسهم فى حل أزمة نقص الأعلاف. ويعتبر الكسافا ثالث أكبر مصدر للسعرات الحرارية والكربوهيدرات فى العالم بعد الأرز والذرة. وتؤكد أن كل جزء من النبات له فوائد عديدة، تبدأ بأوراقه التى تشبه إلى حد كبير أوراق الملوخية والسبانخ ونبات السلق الذى يستخدم فى طهو القلقاس، وأوراق الكسافا غنية بالبروتين والكالسيوم والحديد وفيتامينات «أ» و«ج»، ولا سيما الكربوهيدرات. أما الدرنة، فلها العديد من الاستخدامات والفوائد، أهمها استخراج الدقيق والنشا منها. ويمكن خلط دقيق الكسافا مع دقيق القمح بنسب من 10% إلى 20%، مما يسهم فى توفير القمح بنفس النسبة المخلوطة. كما أن هذا الدقيق خال من الجلوتين، لذلك يعتبر مصدر غذاء مهما لمن يعانون من حساسية القمح ومرضى التوحد. وتوضح د. داليا أنها قامت بتجربة شخصية لصنع مخبوزات باستخدام دقيق الكسافا، وشاركت بها فى معرض تنمية البيئة وخدمة المجتمع بأسيوط، وقد لاقت استساغة كبيرة، مشيرة إلى إنشاء أول وحدة لاستخراج الدقيق والنشا من الدرنة فى مزرعة الخضر بكلية الزراعة بجامعة أسيوط. وأضافت أنه يتم أيضًا استخراج النخالة من دقيق الكسافا، التى تستخدم كأعلاف للحيوانات. وعن استخدامات النشا المستخلص من النبات، تقول إنه يستخدم فى الغذاء، ومستحضرات التجميل، وتنشية المنسوجات، والمواد اللاصقة. وتضيف أن من مميزات درنة النبات أنها تظل فى التربة لفترة طويلة، بحيث يستطيع الفلاح استخراجها وقتما شاء لاستخراج الدقيق والنشا منها. تستخدم الدرنات أيضًا كأعلاف للحيوانات، ويمكن تصديرها للسوق الأوروبية التى تستوردها من إفريقيا لاستخدامها كعلائق للحيوانات. وتضيف فى الصين، يتم الحصول على الوقود الحيوى من الدرنة عن طريق تخميرها بواسطة كائنات حية أخرى.
د. زكريا فؤاد فوزي، خبير زراعى وأستاذ بمعهد البحوث الزراعية والبيولوجية بالمركز القومى للبحوث، يوضح أن الفدان الواحد من النبات يعطى نحو 50 ألف عقلة تكفى لزراعة نحو 10 أفدنة. ويتراوح متوسط إنتاج الفدان بين 4 و8 أطنان، ويمكن الحصول على 16-12 طنًا إذا تم بذل العناية التامة فى الإنتاج. وإذا تم إنتاج أصناف جديدة عالية الإنتاجية، يمكن زيادة كمية المحصول إلى أكثر من ذلك. مشيرًا إلى أن زراعة الكسافا من شهر مارس إلى شهر مايو، ويتم الحصاد خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر.
ومع التغيرات المناخية الحالية والمستقبلية، نجد أن محصول الكسافا متأقلم مع هذه التغيرات، حيث إنه يتحمل الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة وتقلبات الطقس الحادة.
رابط دائم: