ترتكز فلسفة الدولة المصرية فى عهد الرئيس السيسى على الاستثمار فى الإنسان المصرى باعتباره الغاية من التنمية وأداتها فى ذات الوقت، والعمل على توفير الحياة الكريمة له وتخفيف الأعباء عن كاهله، وفى هذا الإطار تمثل مبادرة حياة كريمة، مشروع القرن، نقلة نوعية فى تحسين جودة حياة المواطن المصرى على جميع المستويات التنموية والاقتصادية والصحية والتعليمية والاجتماعية والثقافية وغيرها، فهو مشروع متكامل رصدت له الدولة أكثر من 700 مليار جنيه على عدة مراحل، ويستهدف بالأساس الارتقاء بمستوى معيشة أكثر من 61 مليون مواطن يعيشون فى ريف مصر، الذى تعرض للتهميش فى العهود السابقة.
ولاشك أن مظلة حياة كريمة لا تقتصر على الاهتمام بالمواطنين فى الريف المصرى، بل تمتد لتشمل جميع المصريين فى كل أنحاء البلاد، كما تشمل العديد من الأدوار والمهام، فإلى جانب دورها فى إقامة البنية الأساسية الحديثة وفقا للمعايير العالمية من شبكات كهرباء ومحطات مياه نظيفة وصرف صحى وإقامة الطرق والكبارى وإنشاء وتحديث المستشفيات والوحدات الصحية وإدخال الخدمات الأساسية من غاز ومياه نظيفة وغيرها، وإلى جانب دورها فى تحقيق التنمية وعبر إقامة المشروعات المختلفة التى تسهم فى توفير فرص العمل خاصة للشباب، وإلى جانب دورها الثقافى والرياضى وغيره، فإن دورها فى تخفيف العبء عن كاهل المواطن يعد أحد الأدوار المهمة التى برزت بشكل كبير خاصة تجاه الطبقات الفقيرة والأشد احتياجا فى ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة التى تواجه المواطن مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات، الناتج بشكل أساسى عن التحديات التى تواجهها مصر جراء التطورات الخطيرة التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط واندلاع الأزمات والحرائق على حدود مصر الأربعة وبشكل متزامن وغير مسبوق لأول مرة فى التاريخ، وتأثيرها السلبى على تناقص إيرادات قناة السويس بأكثر من 6 مليارات دولار سنويا نتيجة لاستمرار العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وتهديد الملاحة والتجارة الدولية فى البحر الأحمر، إضافة إلى التحديات الناجمة عن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الغذاء عالميا، وقبلها التداعيات السلبية لأزمة فيروس كورونا وما ترتب عليه من إغلاق وتأثر سلاسل الإمداد العالمية.
ولذلك، فإن المبادرات المختلفة التى قدمتها حياة كريمة أخيرا من تقديم السلع والخدمات للمواطنين بأسعار منخفضة ومتناسبة مع دخل الكثيرين، تسهم فى تخفيف المعاناة بشكل كبير عن المواطن. فعلى سبيل المثال جاءت مبادرة طرح السلع المختلفة مثل اللحوم البلدية بأسعار مخفضة (حوالى 210 جنيه للكيلو) فى محافظتى الجيزة والقاهرة وفى مناطق مختلفة، وعبر العديد من المنافذ لتعكس حرص الدولة على تخفيف المعاناة عن المواطنين، وقد برز ذلك فى الترحيب الكبير من جانب المواطنين بمثل هذه المبادرات التى ساهمت فى توفير السلع مثل اللحوم بأسعار منخفضة مقارنة بأسعارها المطروحة فى الأسواق والتى لا يستطيع بعض المواطنين الحصول عليها، خاصة من أصحاب الدخل المحدود، كما أنها تتميز بجودة عالية.
ولاشك أن كل يوم يمر يشهد توسع مجالات مبادرة حياة كريمة لتشمل كل نواحى الحياة، كما تتوسع فى كل أنحاء البلاد، إضافة إلى أنها ترتكز على تعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدنى وعلى رأسها التحالف الوطنى للعمل الأهلى، وذلك فى إطار منظومة متكاملة ومتناغمة للعمل الوطنى.
وفى هذا الإطار فإن مبادرة حياة كريمة تتكامل مع مبادرات تعزيز شبكة الحماية الاجتماعية للمواطن مثل مشروع «تكافل وكرامة» وزيادة دخول أصحاب المعاشات، إضافة إلى مبادرات مثل «كلنا واحد» ومعارض أهلا رمضان، ومعارض توفير مستلزمات المدارس بأسعار مخفضة وغيرها من المبادرات التى تقدمها الدولة لخدمة المواطن وترتكز على توفير السلع والمنتجات له بأسعار مناسبة، وهنا يبرز الدور الكبير الذى تقوم به القوات المسلحة والشرطة فى تعزيز الحماية الاجتماعية وتوفير السلع والخدمات المختلفة للمواطنين وبأسعار فى متناول الجميع وبجودة عالية، وهذه المبادرات نجحت عبر السنوات الماضية فى تخفيف العبء عن ملايين المصريين فى مختلف محافظات الجمهورية. كما أن مبادرة حياة كريمة ودورها فى تخفيف المعاناة عن المواطن يتكامل أيضا مع مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى، التى تستهدف الارتقاء بالمواطن فى مختلف جوانب الحياة، وكل هذا يعكس حرص الدولة المصرية والرئيس السيسى على تحسين مستوى معيشة المواطن وتوفير الحياة الكريمة، رغم الأعباء المالية الكبيرة التى تتحملها الدولة فى سبيل تحقيق ذلك، خاصة فيما يتعلق باستمرار تقديم الدعم سواء على السلع التموينية وعلى رأسها الخبز والسلع الأساسية أو الخدمات مثل البنزين والغاز والكهرباء وغيرها، فدعم المواطن وتخفيف العبء عنه يعد أحد الثوابت الأساسية التى لا يمكن الحياد عنها.
لقد أصبحت مبادرة حياة كريمة نموذجا رائدا يحتذى من جانب الكثير من الدول خاصة فى إفريقيا وآسيا والمنطقة العربية، التى أشادت به وأخذت تطبقه.
وبالطبع، فإن تخفيف العبء عن المواطن ليس فقط مسئولية الدولة وحدها بل يتطلب أيضا تضافر جهود الجميع خاصة القطاع الخاص ورجال الأعمال وكذلك منظمات المجتمع المدنى المختلفة للعمل على مساعدة المواطن وتخفيف المعاناة عنه فى ظل هذه الظروف الاستثنائية التى تعيشها المنطقة ولتجاوز التحديات التى تواجهها مصر، والذى يسير بشكل متواز مع تعزيز مشروع النهضة الشاملة وترسيخ أسس الجمهورية الجديدة، التى عنوانها الارتقاء بحياة المواطن المصرى.
لمزيد من مقالات د. أحمد سيد أحمد رابط دائم: