تعد العلاقة بين الغذاء والصحة أكثر تعقيدا مما كنا نتصور، حيث تتجاوز مجرد توفير الطاقة والعناصر الغذائية للجسم لتصل إلى أعماق الجينات. فما نأكله أصبح رسالة مشفرة ترسل إلى جيناتنا لتحدد استعدادنا للإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكر والقلب والسرطان. يسعى علم الجينوم التغذوى لفك شفرة هذه العلاقة المعقدة بين الجينات والغذاء، ويفتح آفاقا جديدة فى المستقبل لتحديد أنظمة غذائية مخصصة تلبى احتياجات كل شخص بناء على تركيبته الجينية حتى يحمى نفسه من الأمراض الأكثر استعدادا للإصابة بها.
تؤكد د. هدى حسين أستاذ مساعد بقسم التغذية بالمركز القومى للبحوث أن الجينات والتغذية بينهما علاقة تفاعلية، حيث يؤثر ما نأكله بشكل مباشر على كيفية عمل جيناتنا. وقد تم التوصل إلى أن أوراق المورينجا وقشر الرمان، لديها قدرة على تثبيط التعبير الجينى لبعض الجينات المسببة للالتهابات التى تؤدى إلى قرحة المعدة. كما أظهرت الدراسات أن تناول أعشاب القسط الهندي، والألبان المتخمرة يحسن صحة المخ و الوظائف الإدراكية، مما يعزز دورهما فى الوقاية من الزهايمر، وذلك من خلال قدرتهما فى التأثير على التعبير الجينى لبعض الجينات المرتبطة بنمو وتلف الخلايا فى المخ.
تفسر مفهوم التعبير الجيني بأن الجينات لا تعمل بشكل مستمر، بل يتم «تشغيلها» أو «إيقافها» فى أوقات محددة، وهذه العملية تسمى التعبير الجيني، وقد أثبتت الدراسات أن بعض المكونات الغذائية يمكنها أن تتفاعل مع الجينات، وتؤثر على عملية التعبير الجينى بمعنى أن هذه المواد الغذائية تعمل كمنظمات للجينات، مما يزيد أو يقلل من نشاطها. فالأطعمة التى نتناولها تحتوى على مركبات قادرة على التفاعل مع الجينات وتعديل نشاطها. وتوضح د. هدي أن الفيتامينات والمعادن تلعب دورا حيويا فى صحة الإنسان، حيث تلعب دورا أساسيا فى تركيب الحمض النووى وأثبتت الدراسات أن نقص بعض الفيتامينات، مثل حمض الفوليك وفيتامين ب6 وفيتامين ب12، يؤدى إلي تغيرات كيميائية وخلل بالحمض النووى والإٌصابة بأمراض مزمنة. وتوصى الدراسات بتناول بعض الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن المهمة مثل البروكلي، والسبانخ، والتونة والكبد البقرى والموز والألبان والبيض حيث تساعد فى سلامة الحمض النووى وتحسين وظائفه.
رابط دائم: