آلاف النازحين من الجنوب اللبنانى ومن الضاحية الجنوبية لبيروت يخرجون من أرضهم وبيوتهم للنجاة من الموت تاركين وراءهم كل شىء. المأساة تتكرر خلال شهور قليلة فى أرض عربية أخرى. فى غزة، اختزل العالم ما يجرى بأنه حرب بين إسرائيل وحماس، وتناسى مئات آلاف البشر الذين قتلتهم الآلة الحربية العدوانية أو أصابتهم أو أجبرتهم على الرحيل. إنهم مجرد أرقام لا أحد يهتم بها. العدوان مستمر، وهؤلاء هوامش على متنها.
وفى وقت يتباكى العالم على نزوح 60 ألف إسرائيلى من بيوتهم على الحدود الشمالية مع لبنان، ويؤكد حق إسرائيل فى إعادتهم بشتى السبل، فإنه ينظر باستخفاف ولامبالاة إلى مليون نازح لبنانى من بيوتهم دون ذنب جنوه سوى أنهم يعيشون فى مناطق يسيطر عليها حزب الله. الأشد مرارة وألما، الطريقة التى تتم بها معاملتهم من جانب بعض بنى جلدتهم من اللبنانيين. للأسف، عادت الحساسيات القديمة والخلافات المذهبية فى هذا التوقيت القاتل. لم يتم التعامل معهم على أنهم بشر يستحقون الدعم والمساندة بل على أنهم امتداد لحزب هناك خلاف معه. ولولا تضافر جهود المؤسسات الدينية والرسمية اللبنانية لكانت المأساة أشد هولا.
أما الشماتة التى أبداها بعض العرب تجاه ما حدث لحزب الله، فحدث ولا حرج. مواقع السوشيال ميديا تضج بتعليقات غير إنسانية بالمرة. لا تقيم وزنا للقيم ولا لأخلاقيات الإسلام الذى حثنا على إغاثة الملهوف والوقوف مع الأخ فى محنته. قد يكون هناك رفض لتوجهات حزب الله، خاصة ما فعله فى سوريا، لكن ما ذنب طائفة تعد من المكونات الأساسية للبنان؟ لماذا يعاملها البعض، وكأنها خصم أو عدو؟
وبينما، يلتف الإسرائيليون حول نيتانياهو، فى حربه الوحشية على لبنان، تدب الخلافات على كل المستويات العربية، خاصة بين المواطنين الذين من المفترض أن إسرائيل تنظر إليهم مثلما تنظر إلى اللبنانيين تماما. للأسف، كما أن الحرب تُظهر أفضل ما فى البشر، فإنها أيضا تكشف أسوأ ما فينا. نحتاج بعد الحرب دراسات معمقة حول هذا السلوك الذى ننفرد به كعرب.
[email protected]لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام رابط دائم: