سانتياجو دى كومبوستيلا مدينة صغيرة فى شمال غرب إسبانيا، تعدادها لا يتعدى المائة ألف نسمة لكنها واحدة من أهم المقاصد السياحية فى العالم، وذلك أنها كانت المرحلة الأخيرة فى رحلة أحد حوارى المسيح الـ12، القديس سانت جيمس، الذى قطع طريقا طوله نحو 100 كيلو متر وصولا لهذه المدينة حيث ترقد رفاته الآن فى كاتدرائيتها، لذا يقوم السياح بقطع نفس الطريق على الأقدام ليقتفوا أثر القديس، أو المسافة الأخيرة فقط، ويوم زرت المدينة قبل سنوات كنت الزائر رقم 1500 فى ذلك اليوم حسب رقم تذكرتى، وكان مازال ورائى الكثيرون ينتظرون الحصول على تذكرة، حيث تحاول السلطات تنظيم عدد الزائرين حفاظا على المرافق العامة، تذكرت ذلك وأنا أستمع إلى الصديق منير غبور وهو يحدثنا بحماس عن مشروعه الجديد لإحياء مسار العائلة المقدسة فى مصر، وهى رحلة طولها أضعاف ما قطعه القديس جيمس، وبطلها لم يكن أحد حوارىً المسيح وإنما المسيح نفسه، فإذا كانت كومبوستيلا تحوذ كل هذا الاهتمام السياحى العالمى فما بالنا برحلة العائلة المقدسة التى استمرت فى مصر ثلاث سنوات ونصف سنة هربا من بطش هيرودس حاكم أرض فلسطين اليهودى، لقد زارت العائلة المقدسة خلال وجودها فى مصر عشرات المواقع التى ترك المسيح فى كل منها آثارا مازالت ماثلة وأساطير مازالت متداولة، من الفرمة فى سيناء إلى أسيوط فى الصعيد مرورا بـ 25 موقعا وعبر 3500 كيلومتر تضم كنائس وأديرة وآبارا ومغارات، كل منها يحمل تاريخا خاصا لا مثيل له فى أى بلد آخر، إننى أتخيل الملايين من البشر من جميع أنحاء العالم، مسيحيين وغير مسيحيين ممن سيسعون لقطع ذات الرحلة التى قطعتها العائلة المقدسة والتى بارك بها الرب شعب مصر، لكن مثل هذا المشروع العملاق سيحتاج دعما هائلا ليس بكثير على الدولة المصرية البناءة التى شيدت من الطرق والمبانى ما لم يحدث من قبل، وأقامت وسط الصحراء اليباب عاصمة إدارية جديدة تمثل نقلة حضارية هائلة فى تاريخنا الحديث، ومثل هذا المشروع إذا لاقى الدعم المطلوب سيمثل هو الآخر نقلة هائلة فى تاريخ السياحة المصرية.
[email protected]لمزيد من مقالات محمد سلماوى رابط دائم: