تم الإعلان عن اليوم العالمى للقانون لأول مرة فى جميع أنحاء العالم فى 13 سبتمبر 1965 فى مؤتمر واشنطن للسلام العالمي، والذى حضره 3200 شخص من 121 دولة.
ومن بعدها أصبح هذا التاريخ من التواريخ العالمية التى تحتفل بها مختلف دول العالم لتسليط الضوء على أهمية دور القانون فى الحفاظ على الحرية الوطنية والأمن، واعتباره أمل البشرية الأفضل لتحقيق مجتمع عالمى سلمى ومنظم. مع التركيز على موضوعات رئيسية، مثل تطوير القانون الدولى وحقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وفى عام 1970، كان الموضوع الرئيسى للاحتفال «التعليم القانوني» كوسيلة لتعزيز الفهم والسلام الدولي.
وإذا نظرنا إلى القانون فسنجد أنه يُمثل ضرورة حتمية لتنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع والتصدى للجرائم وتحقيق الانضباط والاستقامة والصالح العام للمجتمع. كما يؤدى دورا مهم فى المحافظة على سلوك الأفراد ضمن معايير مجتمعية تضمن عدم الخروج عنها. وتسعى إلى الحد من تعدّى الأفراد على بعضهم البعض، وحصول كل واحد منهم على حقه مع قيامه بجميع واجباته على النحو المطلوب.
علاوة على ضمان حماية الحقوق والحريات للأفراد، فبدون وجود قوانين واضحة تكون الحقوق مهددة، وتصبح الفوضى سائدة.
فجوهر القانون هو تحقيق العدالة من خلال إيجاد نظام يحمى الجميع، وينظم العلاقات بين الأفراد والمؤسسات، ويسعى لتسوية النزاعات بطريقة عادلة، مما يعزز الأمن ويمنع اللجوء إلى العنف أو الفوضى لحل الخلافات. كما يشجع القانون على المسئولية الاجتماعية من خلال فرض واجبات على الأفراد تجاه المجتمع والوطن من خلال ضمان المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع أفراده بغض النظر عن خلفيتهم أو مكانتهم، مما يعزز العدالة الاجتماعية.
وينظم القانون العلاقات التجارية والاقتصادية بين الأفراد والشركات، ويوفر إطارًا قانونيًا يحمى الأعمال التجارية ويشجع الاستثمار من خلال فرض العقوبات على الجرائم والمخالفات.
على الجانب الآخر؛ فإن غياب القانون فى المجتمع يؤدى إلى فوضى، وارتفاع معدلات الجريمة ويعجز الأشخاص المتضررين عن استرداد حقوقهم من الجناة. فالقانون هو الأساس الذى تُبنى عليه حقوق الإنسان، فهو يوفر لها الإطار الذى تحتمى به من الانتهاكات ويضمن المساءلة والعدالة. وبدونه تصبح حقوق الإنسان عرضة للتعدي. وفى الوقت ذاته، تتطور القوانين لتواكب التحديات والحقوق الجديدة، مما يدعم حماية الأفراد والمجتمعات على المستويات الوطنية والدولية. حيث يُعد القانون الوسيلة الرئيسية لتنظيم وحماية وتعزيز حقوق الإنسان؛ فبدون إطار قانونى يحدد الحقوق والواجبات، تصبح حقوق الإنسان مجرد مفاهيم لا تتضمن الحماية فى الدساتير والقوانين الوطنية التى تُحدد حقوق الأفراد وتحمى من التعدى عليها أو تقييدها من قبل الحكومات.
ويوفر القانون سبل تحقيق العدالة عند انتهاك حقوق الإنسان من خلال إنشاء أنظمة قانونية تتيح للأفراد اللجوء إلى المحاكم الوطنية والدولية فى حالة التعدى عليهم أو انتهاك حقوقهم، وبدون القانون تصبح حقوق الإنسان مجرد تصريحات بلا آليات فعالة لتطبيقها.
ومن هنا يأتى دور القانون فى إيجاد توازن عادل بين حماية حقوق الفرد وضمان مصلحة المجتمع، مثل فرض قوانين تحكم حرية الرأى والتعبير ومنع خطاب الكراهية والحث على العنف والارهاب.
بناء على ما تقدم، تحتفل مصر باليوم العالمى للقانون فى 13 سبتمبر من كل عام، من خلال العديد من الفعاليات التى تؤكد أهمية القانون فى المجتمع ودوره فى الحفاظ على النظام وتحقيق العدالة، وكذلك تأكيد مكانته كركيزة أساسية لتطوير المجتمع وتعزيز سيادة القانون. وجاء اليوم العالمى للقانون هذا العام ومصر بصدد إصدار قانون جديد للاجراءات الجنائية باعتباره المنظم للمحاكمات الجنائية تسعى من خلاله إلى ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة طبقاً للدستور والقانون والاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة.
كما عملت الدولة خلال السنوات الماضية على اصدار عدد من التشريعات، على سبيل المثال قوانين مكافحة الفساد، فى إطار السعى لتعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، هذه القوانين تساعد فى تعزيز الثقة فى مؤسسات الدولة وتحقيق النزاهة فى العمل العام.ثم صدر قانون بناء الكنائس الذى يسهل إجراءات بناء وترميم الكنائس فى مصر، وهو خطوة كبيرة نحو تعزيز حرية العبادة والمساواة بين الأديان.
وفى إطار رؤية مصر 2030، وضعت الدولة قوانين تدعم التحول الرقمى والتجارة الإلكترونية لحماية البيانات الشخصية وتعزيز الاقتصاد الرقمي. وتحديث قانون التعليم مع التركيز على توفير فرص متساوية للجميع وتحسين البنية التحتية التعليمية.
وفى عام 2014، صدر قانون مكافحة التحرش الجنسى الذى يعتبر خطوة كبيرة فى حماية حقوق المرأة. حيث يجرّم التحرش الجنسى ويضع عقوبات صارمة على المتحرشين، مما يعزز حقوق المرأة فى الأمان والكرامة داخل المجتمع.
أخيرًا؛ تطبيق سيادة القانون وضمان المساواة والعدالة فى المجتمع، يعزز الثقة بين المواطنين والنظام القانونى ويسهم فى تحقيق تنمية مستدامة .لذا يجب العمل على تعزيز الوعى القانونى بين المواطنين وعمل حملات توعية مستمرة لتعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم القانونية من خلال وسائل الإعلام، والمنظمات الحقوقية، والمناهج التعليمية من أجل بناء جيل واعٍ بالقوانين ومدرك لدوره فى المجتمع ؛ وكل ذلك يسهم فى تعزيز الوعى القانونى الذى يدعم بناء مجتمع متماسك يلتزم باحترام القانون.
----------------
رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
لمزيد من مقالات عصام شيحة رابط دائم: