رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حل مشكلة إسرائيل

تمثل إسرائيل مشكلة لليهود أيضًا، وليس استثنائيًا ما نقله الصحفى اليهودى عزرا كلاين بنيويورك تايمز فى التدوين الصوتى متعدد الحلقات (البودكاست)؛ حيث أشار إلى أنه ليس متأكدًا من أن إسرائيل تجعل الشعب اليهودى أكثر أمانًا، كونها فى ظروف معينة تعرض اليهود للخطر.

مشكلة إسرائيل الجذرية أنها اعتنقت فكرة المؤامرات والدسائس، وتتوهم أن الآخرين هم من يدبرون ضدها المكائد لمحوها من الوجود، فتكونت لديها نفسية الكراهية والخوف المَرَضى الدائم والحقد والأخذ بالثأر. اعتاد اليهود -بداية من العقاب الذى أنزله بهم الحاكم الآشورى سارغون الثانى وملك الشام أنطيوخس الرابع والملك الرومى تيتوس مرورًا بما فعله النظام النازى وصولًا لهجوم طوفان الأقصى- نسبة المِحَن التى حلت بهم إلى الأعداء، ولم يتنبهوا فى أى مرة أن ذلك من عند الله -وإن كان بأيدى البشر- ليتوقفوا عن الفساد ويُصلحوا من أنفسهم.

تصدق الكتب السماوية على أن كل تلك الأحداث من تدبير الله؛ حيث لا يبعث عقوباته بالملائكة بل تُنفذ بواسطة البشر، ولجميع حاملى هذه الكتب المقدسة قانون إلهى خاص موجزه أن الفساد والظلم عندما يسرى فى مجتمعاتهم، فان الله ينزل عليهم العقوبات العاجلة لينتبهوا ويصلحوا من أنفسهم، ولو أدرك اليهود ذلك لنشأت فيهم روح التوبة ولقام فيهم من يصوب الأخطاء ويعدل المسار، ولتحلوا بالتواضع وصاروا بشرًا طبيعيين تتسم تصرفاتهم وردود أفعالهم بالعقلانية ضمن المكونات الإنسانية حولهم، لكنهم رأوا أن هذه الاضطهادات إنما هى نتيجة الدسائس والمؤامرات، فتولدت فيهم روح الغفلة والتمرد والاستكبار.

تحتاج الدول إلى ما هو أبعد من القوة من أجل البقاء؛ ولو لم يتوفر لإسرائيل قادة ومفكرون يتمتعون بالكياسة ونقاء الضمير لاستنباط المغزى الحقيقى من الأحداث ولنشر القيم الأساسية للأديان ومن ضمنها اليهودية التى تتناقض معها تمامًا شهوة القادة الإسرائيليين لأنهار الدم، ولو لم تُلهم مواطنيها قيم النبل والرحمة والعطاء والمحبة والتواضع والتسامح فلن تجد على المدى المنظور مِن مواطنيها مَن يمتلك القناعة والرغبة فى التضحية لأجلها، ولمضت باتجاه فقدان الهوية الوطنية، مُهدِرة رأسمالها الاجتماعى والأخلاقى، بعد افتضاح جوهرها الحقيقى كنظام عنصرى قمعى قبيح موبوء بالكراهية والحقد ومنفر للأجيال الشابة من اليهود ليس فقط فى إسرائيل بل فى كل دول العالم.

لا تنظر إسرائيل لنفسها أمام المرآة لتتعرف على حقيقتها، فهى تلوم غيرها وتوجه للآخرين التهم على الرغم من أن هؤلاء ليسوا سوى أداة العقاب الإلهى على استكبارها وإفسادها فى الأرض وإمعانها فى الظلم، كما تظن أنها بتدميرها لغزة تكون حلت المعضلة وضمنت البقاء؛ بينما لا تدرى أنها ستكون فى طريقها التدريجى للتفكك والتلاشى؛ حيث ستصبح مرادفًا لضحاياها الأبرياء من الفلسطينيين، كما أن الألمان مرادفون للنامبيين واليهود لاحقًا والصرب للبوسنيين، وسيظل اسمها مقترنًا بالإبادة والتطهير العِرقى وسوف تكون التفوقية العرقية والدينية البغيضة سمتها المميزة. لن تستمر الأجيال الحالية المؤيدة لإسرائيل فى أمريكا وأوروبا فى السلطة، وستصعد أجيال جديدة تنأى بنفسها عن هذا الخزى الذى لا يفخر بها سوى أكثر أنصار التفوق الأبيض رجعية فى الولايات المتحدة وأوروبا، ولن يساعد إسرائيل إحصاء القتلى فى إيقاظها على هول أفعالها، إنما يساعدها النظر لما يجرى لها لكونه إلهيًا لتنشأ فى أجيالها فكرة إصلاح النفس وتقويم الذات.


لمزيد من مقالات ◀ هشام النجار

رابط دائم: