فى السنوات الأخيرة برز دور الواعظات بالأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، وصدر إعلان 2024 هو عام الواعظات لتسليط الضوء على أهمية الدور الذى يقمن به فى المجال الدعوى، حيث بلغ عددهن بالأوقاف نحو ألف واعظة ما بين معتمدة ومتطوعة، بالإضافة إلى أكثر من 200 واعظة بالأزهر الشريف بهدف نشر مفاهيم الدين الصحيح وتوعية النساء بالأمور الفقهية والأسرية والتربوية، وتوفير الدعم النفسى والعاطفى ومساعدتهن على إيجاد حلول للمشاكل الزوجية كالإرشاد من خلال لجان لم الشمل التابعة للأزهر.
فكما توضح د.إلهام شاهين الأمين العام المساعد لشئون الواعظات بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، فالمرأة هى عماد الأسرة والمجتمع ولذلك كان التواصل المباشر معها على رأس الأولويات، ومن هنا جاء الاهتمام بدور الواعظات لقدرتهن على التواصل الشخصى وفهم عقلية المرأة، ويبلغ عدد واعظات الأزهر 207 واعظات فى ست وعشرين محافظة بالجمهورية، وقد تم اختيارهن بعناية وفق شروط وضعتها لجنة من كبار العلماء بمشيخة الازهر الشريف، وذلك عن طريق مسابقة تقدم إليها الآلاف من خريجات الدراسات الإنسانية وكلية اللغات ومرت كل منهن بعدة اختبارات عملية ونفسية وسلوكية، وبعد التعيين تم تدريبهن فى أكاديمية الأزهر العالمية للأسرة والسكان بالمشاركة مع المجلس القومى للسكان وتلقين دورات لصقلهن علميا ودعويا ومهنيا وتكنولوجيا وربط العلوم التراثية بالقضايا المعاصرة الأخرى، وفى شهر رمضان تلتزم كل واعظة ببرنامجها الشهرى فى المساجد وفى دور الرعاية والوحدات الصحية والجامعات، بالإضافة الى العمل من خلال وسائل التواصل الاجتماعى ويشتمل على مقرأة للنساء ومقرأة للأطفال وبرنامج حكايات للأطفال، وهناك دورس إلكترونية متخصصة فى شرح كتاب معين فى نوع من العلوم تختاره الواعظة حسب طبيعة جمهورها وهذا الكتاب قد يكون كتاب فقه او حديث او تفسير او سيرة، وهناك ايضا برنامج رمضانى بعنوان «صحابيات حول الرسول» وتتناول فيه سيرة الصحابيات مع ربطها بالواقع المعاصر لتكون الصحابيات رضوان الله عليهن هن القدوة للمرأة المسلمة وتكون سيرتهن العطرة هى النور والمصباح الذى يضىء للمرأة حياتها وبرنامج نسمات رمضانية مع توافر هذه البرامج بلغة الإشارة.
وتقول حنان محمود عمران الواعظة بالأزهر الشريف بمحافظة بنى سويف, درست أصول الدين فى كلية الدراسات الاسلامية والعربية قسم الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، وحاليا أعد رسالة الماجستير فى الشريعة الاسلامية وتم تعيينى كواعظة بعد أن خضت امتحانات متعددة فى الجوانب الشرعية من القرآن الكريم والحديث والفقه والعقيدة والتفسير واللغة العربية وكانت الامتحانات تحريرية وشفهية، وبعد التعيين حصلت على العديد من الدورات التدريبية التى تؤهلنى للعمل الدعوى، منها دورة إعداد الداعية على التعامل مع القضايا المعاصرة والرد على الشبهات ودورة فى اللغة العربية والتغييرات المناخية والكتابة الصحفية والظهور الاعلامى والعديد من الدورات الأخرى, وبالنسبة لى فالأمر ليس مجرد وظيفة بل هو رسالة فقد كان والدى رجلا أزهريا زرع فى «أنا» وإخوتى ان المهم فى الدعوة ان أرعى الله فى عملى وفى بيتى وان أحقق التوازن بينهما وأنا أم لاربعة ابناء، وتنظيم الوقت هو رمانة الميزان لأى امرأة عاملة وبالنسبة لى فاليوم يبدأ بتنظيم البيت وترتيبه ثم الذهاب إلى العمل، ثم العودة إلى البيت لتجهيز وإعداد الإفطار لأسرتى وبعد العشاء الذهاب الى صلاة التراويح فى المسجد وإعطاء خاطرة رمضانية للسيدات، ثم العودة إلى المنزل لمتابعة الاولاد والجلوس معهم والتعبد لله بقراءة القرآن والتهجد والسحور وصلاة الفجر.
د.شيماء محمود عدلى واعظة وعضو لجنة فتوى الأزهر الشريف بمحافظة الشرقية تؤكد أن للواعظة دورا مهما فى المجتمع فعليها تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتأكيد وسطية الإسلام وتوعية النساء من مختلف المنابر والمؤسسات كالمدارس والمعاهد والجامعات والنوداى ومراكز الشباب والجمعيات الاهلية، فهناك بروتوكول تعاون بين الازهر الشريف والعديد من المؤسسات الى جانب دورها فى الإصلاح الأسرى من خلال وجودها فى لجان لم الشمل التابعة للأزهر الشريف والتى تقوم بحل المشكلات الأسرية، او من خلال وجودها فى لجان الفتوى المنتشرة الى جانب دور المساجد وعبر منصات التواصل الاجتماعى ومن اشهر قضايا لم الشمل التى نتعامل معها هى حقوق الزوجين وفى معظم الأحيان يصر الزوج على خدمة زوجته لوالدته بدون مراعاة الظروف الصحية لزوجته وخصوصا فى الأرياف او صعيد مصر فتتم التوعية بأن خدمة والدة الزوج واجب على الابن وليس على زوجته انما هو فضل, ومن اصعب المواقف التى قد تواجه الواعظة هو عدم قدرتها على مساعدة من يحتاج الى مساعدتها ومحاولاتنا تغيير بعض الأعراف فى المجتمع خصوصا عندما تطلب منا بعض السيدات مساعدتها فى حل مشاكل الميراث عندما تكون ارضا زراعية او مسكنا يعيش فيه الذكور فنحاول مساعدة السيدات بتقدير نصيبها والاتفاق مع الاخوة على السداد. وهى ليست مهنة سهلة كما تقول، فكثيرا ما تتعرض الواعظة للضغط النفسى لكثرة المشاكل التى تتعامل معها ولذلك يتم الحصول على دورات الدعم النفسى التابعة للازهر الشريف لتجنب التعرض الى اى ضعط نفسى.
وتقول وفاء عز الدين احمد واعظة بالأزهر الشريف بمحافظة قنا إن هناك شروطا لابد أن تتوافر فى الواعظة منها ان تكون مؤهلة علميا، وان تكون خريجة كليات الشريعة والعلوم الإسلامية، وان تكون حافظة للقرآن الكريم، ثم اجتياز الامتحانات الشفهية والتحريرية للتأكد من كفاءة المتقدمات والحصول على دورات لكيفية تقديم المعلومات بما يتناسب مع المتعلمات والأميات والكبار والصغار، ودورنا فى الوعظ يشتمل امورا متعددة من فقه كالميراث والاغتسال ونشر وسطية الدين فى العبادات والمعاملات، وتوضيح هذه الأمور بأسلوب بسيط وتغيير ثقافات وأفكار كانت تتصادم مع ديننا الحنيف لكى نؤهل النفوس البشرية ان تكون صالحة وايجابية فى المجتمع، ولا يقتصر دور الواعظة على المساجد ولكن هناك دروسا على مواقع التواصل الاجتماعى ومن أكثر المشكلات الفقهية التى قابلتنى فى عملى كواعظة رسوخ بعض الافكار الخاطئة عند بعض السيدات وإلصاقها بالدين وهى ترجع الى عادات وثقافات وليست من الدين، مثل ان المرأة الحائض فى رمضان لا يجوز لها الاكل والشراب وليس عليها قضاء هذه الايام فيما بعد طالما لم تفطر فى رمضان والحل دائما هو المناقشة والاستماع لوجهة نظرهن ثم بيان الصواب وسرد أدلة على ذلك من القرآن الكريم والسنة والفقه، ويعتبر هذا الامر ليس سهلا لانه يحتاج الى الحواروالترغيب والإقناع.
رابط دائم: