رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كيف ستنتهى الحرب على غزة؟

يؤكد الواقع الراهن أن جميع الجهود المبذولة من القوى الإقليمية والداخلية لم تستطع حتى الآن أن تنهى الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، رغم أن عمليات قتل السكان الفلسطينيين المدنيين العزل التى نشاهدها جميعا كفيلة بأن يتحرك المجتمع الدولى بفاعلية لوقف هذه الحرب ولايكتفى فقط بموقف المتفرج، وإن كنا قد لاحظنا مؤخرا أن هناك محاولات للتوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة، ورغم أهميتها فإنها لا توقف تماما نزيف الدماء.

تتحرك إسرائيل طبقا لأهداف حددتها منذ اليوم الأول للعمليات والمتمثلة فى القضاء على سيطرة حماس على غزة وتدمير بنيتها العسكرية، ثم أضافت مؤخرا هدفا جديدا وهو استمرار جيشها فى القطاع لفترة من الوقت حتى تضمن عدم تكرار أحداث السابع من أكتوبر الماضى، ولاشك فى أن هذه الأهداف مجتمعة تشير إلى أن إسرائيل متمسكة بمسار الحرب مهما تكن الخسائر، سواء فى صفوفها أو بين المدنيين الفلسطينيين التى تتصاعد كل يوم وبأرقام مخيفة، حيث تعدت خمسين ألف فلسطينى بين قتيل ومصاب ومفقود .

وعقب مرور نحو شهر ونصف الشهر على هذه الحرب الشرسة يمكن القول إن «نيتانياهو» خضع نسبيا للمرة الأولى - وقد تكون الأخيرة - للمطالب الداخلية وللضغوط الأمريكية من أجل التوصل إلى هدنة مؤقتة ومشروطة من أجل تنفيذ صفقة تبادل أسرى يتم خلالها الإفراج عن أعداد محددة من المدنيين الإسرائيليين والأمريكيين، فى مقابل الإفراج عن أعداد أكبر من الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية. وفى هذا المجال لابد أن نثير التساؤل التالى، هل الهدنة الإنسانية سوف تؤدى إلى وقف تام لإطلاق النار؟ وهل يمكن البناء عليها مستقبلا لإنهاء الحرب؟ وفى رأيى أن إسرائيل التى تمتلك – وحدها - الإجابة عن هذا التساؤل تعتزم الاستمرار فى عملياتها عقب إتمام الصفقة ولن تتجه إلى إنهاء الحرب، حيث إن تحقيق الأهداف التى حددتها لنفسها منذ البداية ومحاولة استعادة الهيبة وقوة الردع الإسرائيلية التى تدهورت بفعل عملية حماس سوف تفرض عليها مواصلة الحرب مهما تكن النتائج .

وفى هذا السياق يظهر موقف الولايات المتحدة كأحد الأطراف الرئيسية التى تعاملت مع هذه الحرب بأسلوب تعدى فى سلبيته جميع التوقعات، فمع التسليم بأن واشنطن تتبنى الموقف الإسرائيلى بشكل عام، فإن هذه الحرب أثبتت أن الدعم الأمريكى لتل أبيب سياسيا وعسكريا واقتصاديا يكاد يعلو فوق أى مصالح أمريكية فى المنطقة، كما يثبت بما لايدع مجالا للشك أن الولايات المتحدة تتبنى مبدأ المعايير المزدوجة التى تصب فى صالح إسرائيل.

كما أن الإدارة الأمريكية ركزت بصورة واضحة على مسألة تبادل الأسرى بهدف الإفراج عن رعاياها الذين فى حوزة حماس، وهو ماسوف يدعم موقف «بايدن» فى الانتخابات الرئاسية، أما دون ذلك فإن التحرك الأمريكى حرص على مطالبة إسرائيل بثلاثة مطالب رئيسية الأول تجنب قتل المدنيين الفلسطينيين، والثانى رفض احتلال القطاع بعد انتهاء الحرب، وإن كانت تؤكد ضرورة ألا تعود حماس إلى السيطرة على غزة، أما المطلب الثالث فهو عدم توسيع دائرة الصراع.

وفيما يتعلق بالموقف الفلسطينى فليس من الإنصاف أن نحمل السلطة الفلسطينية فوق طاقاتها، حيث إن المشكلات التى تعانيها تعود إلى السياسة الإسرائيلية التى تعمدت إضعاف السلطة ومؤسساتها الأمنية والسياسية حتى لاتكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها، وبالتالى لايكون هناك شريك فلسطينى فى عملية السلام، الأمر الذى يؤكد أن الانقسام الفلسطينى يعد مصلحة إستراتيجية لإسرائيل كانت حريصة على استمراره .

وبالنسبة لموقف المقاومة الفلسطينية فمن الواضح أنها تحاول مواجهة العمليات الإسرائيلية بالإمكانات التى تمتلكها وتحرص على أن تناور بكارت المختطفين لديها من أجل تحقيق مكاسب على الأرض خاصة الوصول إلى هدنة إنسانية أو أكثر على أمل أن تكون فترات لالتقاط الأنفاس وقد تؤدى إلى تغيير ولو نسبيا فى مسار الحرب الحالية .

ونأتى إلى الموقف المصرى الذى يتحرك بفاعلية أكثر من أى طرف آخر ويستخدم كل أدواته لإحداث أى تغيير إيجابى فى الوضع الراهن فى غزة، سواء من خلال إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية من معبر رفح، أو الضغط المتواصل للتوصل إلى هدنة إنسانية، أو إنجاز صفقة تبادل الأسرى، بالإضافة إلى المطالبة ببلورة تسوية سياسية فى المستقبل لتنفيذ مبدأ حل الدولتين .

ويظل السؤال المشروع والمنطقى الذى يطرحه الجميع هو متى وكيف ستنتهى الحرب؟ وماهو الوضع المتوقع بعد انتهائها؟ وهنا نوضح أن الواقع يشير إلى مايلى:

أن إسرائيل متمسكة بمواصلة عملياتها فى غزة حتى تحقق أهدافها، وهو مايعنى أن الحرب سوف تأخذ وقتا طويلا. إن أكثر الأطراف التى تعانى من هذه الحرب هم السكان الفلسطينيون الذين يعانون كل أنواع العقاب الجماعى. إن مصر لن تسمح بتهجير سكان غزة إلى سيناء وهذا خط أحمر بالنسبة لأمننا القومى . إن الضغوط الأمريكية والأوروبية والعربية لن تنجح وحدها فى إنهاء الحرب التى تحتاج إلى ضغوط داخلية إسرائيلية قوية. إن المقاومة الفلسطينية ليس أمامها خيار سوى الاستمرار فى مواجهة الجيش الإسرائيلى حتى تتضح الصورة النهائية للحرب. الخلاصة أن الحرب على غزة سوف تستمر لفترة غير منظورة، وسوف تكون نتائجها سلبية على الجميع بنسب متفاوتة، وهنا يجب على السلطة الفلسطينية ألا تترك العالم يحدد بمفرده مستقبل غزة بدونها، كما يجب على المجتمع الدولى أن يستفيد من هذه الأحداث، ويعلم أنه دون الحل العادل للقضية الفلسطينية، فلا أمل فى أن نشهد استقرارا فى المنطقة، وأن انفجار الأوضاع الفلسطينية مرة أخرى، خاصة فى الضفة الغربية هو مسألة وقت فقط .


لمزيد من مقالات اللواء. محمد إبراهيم الدويرى

رابط دائم: