رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

جريمة.. صوت وصورة

تحقيق - عمرو جمال [ إشراف: علا عامر ]

  • 500 ألف كاميرا مراقبة فى مصر تضبط مخالفات المرور وتكشف لغز حوادث الطرق والسرقات
  • 50 ألف كاميرا موجودة فى محافظة القاهرة
  • 300 جنيه حد  أدنى  للاسعار وتصل إلى  150 ألف جنيه
  • د. محمد الفيومى: بعد ٤ سنوات من القانون.. ازداد التقبل لفرضها على المحال والمطاعم
  • د. محمد العزبى: تأمين وحدة سكنية يتكلف ألفى جنيه .. ويمكن العودة للتسجيلات حتى بعد «الحذف»

 

لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع قصة جديدة لعبت فيها «كاميرات المراقبة» دورا كبيرا فى إماطة اللثام عن جريمة قتل أو كشف كواليس حادث تصادم أو سرقة أو اعتداء أو خطف، حتى أصبحت تلك الكاميرات دليلا يقود رجال الأمن للتعرف على المتهمين، وضبط المخالفين.. وبعد مرور نحو ٤ سنوات على تطبيق القانون الملزم لأصحاب المحال والمنشآت بتركيب هذه الكاميرات، كان لابد أن نبحث – ونحن نحتفى بالايجابيات - ما إذا كانت قد انتهكت بسببها خصوصيات، - خاصة على مواقع التواصل - وأن نبين – بالقانون تارة وبالأعراف والمبادئ تارة أخرى - كيف يكون الحد الفاصل بين حق الحماية والمتابعة، وبين الحرية الشخصية، وكيف نتعامل مع ثقافة «المراقبة» بطريقة حضارية.

 

وفقاً لأحدث إحصاءات أجراها مركز البحوث والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فى أغسطس الماضى، وعززتها إحصائية أخرى لشركة « «كومباريتيك» للبيانات وهى من كبرى شركات الإحصائيات والأمن السيبرانى (المتعلق بالشبكات الإلكترونية والمعلوماتية) على مستوى العالم، فإن مصر بها نحو 500 ألف كاميرا مراقبة للمرور والمنازل والشركات والهيئات والوزارات الحكومية. وبحسب هذه الإحصائيات أيضا فإن محافظة القاهرة تشتمل وحدها على حوالى 50 ألف كاميرا مراقبة.

فما الذى يمكن لكاميرات المراقبة أن ترصده فى مجال الحوادث ومكافحة الجريمة؟

خلال الأشهر القليلة الماضية على سبيل المثال، كشفت الكاميرات عن مرتكب حادث وفاة صيدلانية وإصابة زوجها وأطفالها الثلاثة وطبيب آخر بعدما دهستهم سيارة بأحد الشوارع فى مدينتى بمنطقة التجمع الأول، كما كشفت كيف قام أحد أطباء العظام باستدراج زميل له ثم قتله ودفنه، فى القضية المعروفة إعلاميا بـ «طبيب الساحل».

وساعدت الكاميرات رجال البحث الجنائى الشهر الماضى، لفك لغز العثور على جثة سائح لاتينى داخل مطعم، فندق شهير بمنطقة الهرم، إذ تأكد بعد مراجعة التسجيل أن الوفاة طبيعية وأن السائح سقط فجأة مغشيا عليه.

كما نجحت منظومة الكاميرات الذكية فى كشف لغز السرقة الذى تعرضت له فيلا لاعب منتخب مصر محمد صلاح، فى مارس الماضى، خلال ساعات قليلة من الإبلاغ عنها، تم تحديد هوية مرتكبى الواقعة.


كاميرات المراقبة

وكشفت كاميرات المراقبة كذلك تفاصل عقر كلب لطفلة بمنطقة الدقى مايو الماضى، حيث شاهدت النيابة العامة تسجيلات الكاميرات المطلة على منطقة الحادث وتبين انقضاض الكلب المتواجد - دون طوق أو كمامة - على الطفلة، وفى أبريل الماضى أظهرت كاميرات المراقبة الموجودة أعلى طريق الفيوم الصحراوى، تفاصيل حادث تصادم بين سيارتين أسفر عن مصرع شخص وإصابة 9 آخرين.

الرؤية الليلية

«كاميرات المراقبة» .. عالم واسع يستلزم التعامل معه لإنشاء نظام أمنى، لبيت أو منشأة تجارية الإلمام بتفاصيل كثيرة.. الدكتور محمد حسن العزبى - دكتوراه فى الإدارة الإستراتيجية وخبير أمن المعلومات -، يوضح أن كاميرات المراقبة تنقسم حسب وظائفها إلى ثلاثة أنواع، النوع الأول هو الكاميرات الداخلية وتستخدم فى الأماكن المغلقة مثل الشركات والمنازل والمحال والمراكز التجارية، وتلتقط الأشياء الدقيقة ولا تقوم بالتصوير إلا فى وجود إضاءة. النوع الثانى هو الكاميرات الخارجية وتستخدم أعلى المنازل والهيئات والشركات وفى الشوارع والطرقات والميادين، وتتميز بالرؤية الليلية لأنها ذاتية الإضاءة تحتوى بداخلها على أشعة ليزر لتقوم بتحسين جودة الصورة. أما النوع الثالث فهى كاميرات المراقبة المستمرة - يتابع الدكتور العزبى - وتستخدم فى إشارات المرور والرادارات وداخل المصالح الحكومية. ويشير إلى اختلاف فى إمكانات الكاميرات، موضحا أن منها ما هو مخصص لتسجيل الصورة فقط ومنها لتسجيل الصورة والصوت معا، وتختلف جودة كل كاميرا حسب عدد الميجات فكلما ازداد هذا العدد ارتفعت جودتها.

ولكل كاميرا، كما يوضح الدكتور العزبى، رقم مسلسل «سيريال نمبر» هو بمثابة حياة لها، ويشمل تعريفها واسمها ونشأتها، ومن يحصل على هذا الرقم بإمكانه مراقبة الكاميرا ومعرفة محتواها. وهو ما يحدث عند استيراد الكاميرات من الخارج ولكن يتم التغلب على هذا الأمر من خلال أنظمة تشفير قوية لحماية المعلومات الموجودة بداخلها من اختراق «الهاكرز».

والخطر الأكبر - كما ينبه الدكتور العزبى - هو إمكانية العبث بجهاز «دى  ڤى آر» الذى يضم وحدة التخزين الأساسية «الهارد ديسك»، ويعتبر وصول المخربين لهذا الجهاز بمثابة إعلان توقف تام للكاميرا، وهو ما يستلزم وضع الكاميرات بطريقة احترافية للحفاظ عليها من العابثين وكذلك من العوامل الطبيعية كالأمطار والرياح والأتربة وأشعة الشمس المباشرة.


د. محمد الفيومى - د. محمد العزبى

وبالنسبة للتكلفة الاقتصادية للأنظمة الأمنية فتختلف حسب إمكانيات الكاميرات التى تتراوح أسعارها ما بين 300 جنيه للكاميرات الداخلية وحتى 150 ألف جنيه لكاميرات الاستشعار كتلك المستخدمة فى غرف الودائع بالبنوك الكبرى. ويوضح أن من يريد وضع نظام مراقبة بسيط لشقته، فلن يحتاج سوى لكاميرا واحدة 2.5 ميجا و«دى ڤى آر» و«هارد ديسك» سعته 320 جيجا، وستبلغ التكلفة نحو ألفى جنيه.

ويؤكد الدكتور العزبى أن المادة الموجودة على «الهارد ديسك» يمكن الاستفادة منها حتى لو تم حذفها طالما أن اللوحة الرئيسية «البوردة» سليمة.

أماكن محظورة

ألزمت الدولة أصحاب المحال العامة بتركيب كاميرات مراقبة، بينما حظرت وضعها فى أماكن أخرى داخل هذه المحال، الدكتور محمد عطية الفيومى، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، والمتحدث الرسمى للجنة العليا لتراخيص المحال العامة، يوضح أن القانون رقم 154 لسنة 2019، قد ألزم فى المادة (23) منه جميع المحال العامة بتركيب كاميرات مراقبة داخلية وخارجية، ووضعت اللجنة العليا للتراخيص تركيب هذه الكاميرات من اشتراطات الحصول على الرخصة، وذلك بهدف مساعدة الأمن العام من جهة وكنوع من الرقابة لأصحاب المحال والعاملين فيها من جهة أخرى. فوضع هذه الكاميرات طبقا للقانون إجباريا وليس اختياريا. وهى، كما يؤكد الدكتور الفيومى، تساعد بشكل فعال فى ضبط الجريمة لاعتماد الأمن عليها بشكل كبير، فدائما ما تأمر النيابة بتفريغ الكاميرات الموجودة فى محل الجريمة، وذلك يمثل إضافة كبيرة لمنظومة الأمن العام.

وأشار إلى أن هناك إدارة مختصة تابعة لوزارة الداخلية تقوم بمراجعة الاشتراطات والمواصفات الفنية لكاميرات المحال من حيث القدرة التخزينية والمدة الزمنية للتسجيل، وبناء على ذلك يتم إعطاء تصريح بإصدار الترخيص للمحال بأنشطتها المختلفة سواء التجارية أو الخدمية أو الترفيهية أو الحرفية. وحول استجابة أصحاب المحال لتركيب الكاميرات يقول الدكتور الفيومى: إن كل جديد تكون هناك صعوبة فى تقبله، خاصة إذا كان له تكلفة، ولكن بعد مضى أربعة أعوام على صدور القانون بدأ أصحاب هذه المحال يشعرون بالأمان بعد أن أصبح باستطاعتهم رد بضائعهم وأموالهم التى تتعرض للسرقة.

ويشدد على أنه فى حال الامتناع عن تركيب الكاميرات بالمحال فلن يتمكن أصحابها من الحصول على رخصة وسيتم إغلاق محالهم، وإذا تم تشغيل المحل دون ترخيص فسيتم توقيع غرامة مالية فى المرة الأولى ثم تشدد العقوبة إلى الحبس فى المرة الثانية.

ويلفت الدكتور الفيومى إلى أنه قد تم منح مهلة مدتها عامان لتجديد تراخيص المحال العاملة برخص سابقة، وذلك من أجل استيفاء الاشتراطات الجديدة التى من أهمها تركيب الكاميرات.

ويؤكد أن اللجنة حددت الأماكن التى يحظر فيها تركيب الكاميرات وأجهزة المراقبة الأمنية، داخل المحال ومن بينها غرف تبديل الملابس «البروفات» وخاصة للسيدات، ودورات المياه أو أى أماكن يتعارض فيها وضع الكاميرات مع الخصوصية الشخصية، والأخلاق والآداب العامة، ويعاقب مرتكبها لأنها تعد انتهاكا لحرمة الغير، وقد وردت فيها نصوص بقانون العقوبات.

 

د. هالة رمضان: مطلوبة لضبط الموظفين.. ومرفوضة لتتبع الزوجة والأبناء

 

عندما امتدت «الكاميرات» إلى منشآت كثيرة – سكنية وغير سكنية – بدأت تظهر أنماط متباينة من السلوكيات، منها ما يعتبر سلبيا تجاه المجتمع، ومنها ما يعتبر بالعكس مفيدا وإيجابيا.

الدكتورة هالة رمضان مديرة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، تبدأ كلامها بالإشارة لأهم تلك الإيجابيات، المتمثل فى تحقيق نوع من الردع لأى شخص بداخله هاجس يدفعه لارتكاب أى فعل إجرامى، كالتحرش بفتاة أو طفلة صغيرة فى مدخل عقار مثلا أو شارع جانبى، أو ارتكاب حوادث سرقة بالاكراه، وكذلك قيام لصوص يستقلون دراجات بخارية باختطاف حقائب النساء أو أجهزة المحمول، فكل هؤلاء الفئات المنحرفة سلوكيا – تؤكد الدكتورة هالة – أصبحوا يفكرون جيدا قبل الاقدام على التعدى على ضحية جديدة، خاصة بعد انتشار قصص عن ضبط مجرمين فى حوادث بشوارع ومناطق كان من الصعب فيما قبل التوصل لشخصية مرتكبيها، أو التحقق من ملامحهم، وبالطبع – تكمل الدكتورة هالة- يكون لهذا تأثير واضح على إنخفاض معدل الجرائم، لكن هذا لايمنع وجود فئات أخرى ذات استعداد اجرامى عال، أو مصابين باضطرابات ومشكلات نفسية فى الشخصية، لا يضعون كثيرا فى اعتبارهم مسألة المراقبة، ومن الإيجابيات أيضا –تضيف الدكتورة هالة رمضان – خلق إحساس أكبر بالأمان والثقة فى الشارع، وخارج البيت عموما، خاصة لدى النشء والشباب الذين تربوا على وجود كاميرات المراقبة فى كل مكان حولهم، سواء على المستوى الشخصى أو المجتمعى.


وتشير الدكتورة هالة إلى نوع آخر من المراقبة المطلوبة، فى أماكن العمل من مدير العمل تجاه الموظفين لديه أو مدير المدرسة لطلابه، أو فى دور الحضانة مثلا، ولا يعد ذلك اعتداء على الخصوصية – كما يزعم البعض - لأن هذه الأماكن للمصلحة العامة وتكون ملكا إما للدولة أو لمؤسسة أو لصاحب عمل، ووضع الكاميرات بها يكون على سبيل الانضباط والنظام وتقويم بعض السلوكيات، وتؤكد أن هذا النوع من المراقبة يمثل ثقافة جيدة نحبذ التوسع فيها، أما المراقبة داخل نطاق الأسرة فتمثل تعديا على خصوصية الآخر وهى سلوك لا يتفق مع العرف ولا التقاليد، أو الدين، فليس من حق الزوج التجسس على زوجته أو أولاده بزعم المراقبة أو التتبع، ولا يحق له أن يعتدى أو يكشف خصوصية الطرف الآخر رغما عنه، لأن الثقة والأمان هما أساس العلاقة الزوجية وعند افتقادهما فقد شرع الله المفارقة بإحسان.


د. هالة رمضان

وبالنسبة لاعتقاد بعض الآباء والأمهات أن مراقبة الأبناء هى السبيل لبلوغهم بر الأمان، توضح مديرة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن رقابة الأبناء المسموح بها تكون وهم أطفال قبل سن البلوغ، حرصا على أمانهم وتوفير الحماية لهم من أى أخطار. أما بعد سن البلوغ، فلا يتوقع لهذا النوع من الرقابة المباشرة والصريحة أن تؤتى ثمارها فى تعديل السلوك، بل بالعكس تكون النتائج سلبية .

ومن النتائج غير المحببة التى قد تظهر وكأنها من سلبيات كاميرات المراقبة، ولكن الحقيقة التى تؤكدها الدكتورة هالة أنها مسئولية تناول إعلامى غير ملتزم بالميثاق الأخلاقى والمعايير العالمية، تلك المقاطع التى تلتقطها الكاميرات لبعض حالات الانتحار، على مواقع «السوشيال ميديا»، قائلة: لقد أجرينا فى مركز البحوث الاجتماعية ثلاثة بحوث عن مشكلة الانتحار، تبين من خلالها مسئولية الإعلام عن ذلك بشكل كبير، رغم اكتشافنا أن مصر من أقل دول العالم فى معدلات الانتحار وأنها حوادث وحالات لا ترقى لدرجة اعتبارها «ظاهرة» ولكن الإعلام للأسف يعتبرها كذلك ويقوم بتسليط الضوء عليها بشكل خاطىء دون اتباع الميثاق الأخلاقى العالمى للتناول الإعلامى لمشكلة الانتحار الذى يمنع عرض الصور الصادمة، أو نشر مقاطع بها تفاصيل الجريمة فكل هذا للأسف يهيىء الطريق لتكرار حوادث أخرى. ولذا، كما تؤكد الدكتورة هالة، فإن كاميرات المراقبة ليست السبب فى نشر هذه المقاطع، بل بالعكس قد تكون سببا فى كشف لغز وفاة المنتحر وإبعاد الشكوك حول ضلوع آخرين فى مقتله.

 

------------------------------------

 

تجنبا للنزاعات حول «الخصوصية»:

  • د. عادل عامر: لا يعتد بالتسجيل كقرينة إلا فى الأماكن العامة.. وعدا ذلك يستلزم إذنا قضائيا
  • سامى بوادى: لا يجوز إخفاء الكاميرا بين الأشجار أو توجيهها إلى شرفة الجيران

 

متى يكون التصوير مشروعا ؟ ومتى يكون تعديا على خصوصية الآخرين ؟

ربما تمثل هذه الجدلية واحدة من أكبر المشكلات التى تواجه استخدام كاميرات المراقبة، فكما يؤكد الدكتور عادل عامر أستاذ القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات القانونية والاقتصادية والسياسية، فإن القوانين والدساتير تمنع التعدى على حرمة الحياة الخاصة للأفراد وتتعهد بحمايتها، لذا كان محظورا على جهات الاستدلال والتحقيق استخدام الوسائل الماسة بتلك الخصوصية، أو قبول الدليل المستمد منها. فالتصوير وسيلة إثبات فعالة إذا تم الحصول عليه بطريقة مشروعة، فهو دليل علمى يقطع فى الإثبات إذا تم دون مونتاج.


فالتسجيلات التى تلتقطها الكاميرات التى تضعها المحال والبنوك، تسهم فى الكشف عن شخصية مرتكب الجريمة، ويمكن الاعتداد بها كقرينة لإثبات وقوع الجريمة لاسيما وأن تلك التسجيلات تجرى فى مكان عام ولا تنطوى على اعتداء على حرمة الحياة الخاصة، موضحا أنه برغم قبول بعض فقهاء القانون، للتصوير فى مجال الإثبات الجنائى لكنهم أوردوا مجموعة من التحفظات والقيود التى تمثل فى جوهرها الضمانات القانونية والفنية لقبول الدليل المتحصل منها، مثل أن يكون التصوير قد جرى فى مكان عام. والمقصود به كل مكان يمكن ارتياده من قبل الجمهور سواء كان ذلك بمقابل أو دون مقابل، وسواء كان الدخول بقيد أم غير مرتبط به، حيث تنقسم الأماكن العامة إلى ثلاثة أنواع: أماكن عامة بالطبيعة مثل: الميادين والشوارع والطرق، وأماكن عامة بالتخصيص: كالمرافق العامة والحدائق والعيادات، وأماكن عامة بالمصادفة مثل المدارس والسجون والمحال التجارية والنوادى.

أما المكان الخاص - كما يصفه الدكتور عادل - فهو الذى لا يُسمح للجمهور بارتياده كتلك الأماكن التى يقطنها الناس ولو لم يكونوا بداخلها، وكذلك كل مكان مخصص للإقامة ولو كان ساكنه لا يشغله إلا نادرا أو كان لم يشغله بعد، كمنزل اشتراه أو استأجره شخص ولم ينتقل للعيش فيه. ويأخذ حكم الأماكن الخاصة أيضا حجرة النزيل فى الفندق أو المستشفى، فالمكان الخاص هو كل مكان يتمتع فيه حائزه بخصوصية تستوجب حماية القانون.


د.عادل عامر - سامى بوادى

ويشير إلى أن بعض فقهاء القانون يرون ضرورة الحصول على الإذن القضائى قبل تصوير المتهم وهو متلبس بالجريمة حتى يقبل كدليل قاطع، وإن كان هذا الشرط إلزاميا فقط فى حالات تصوير شخص معين فى حياته الخاصة، أما فى حالات الخطر الشامل الذى يهدد المجتمع كالاضطرابات العامة والفوضى العارمة فلا داعى حينها لصدور هذا الإذن.

مراعاة «الجار»

بمجرد أن يهم البعض بتركيب كاميرات بمنازلهم، - سواء على مدخل العقار أو بالشرفات، - لحماية شققهم من الدخلاء واللصوص، أو مراقبة سياراتهم بالشارع – حتى ينشب خلاف حاد مع الجيران حول «الخصوصية» !

بسؤال سامى بوادى المحامى بالنقض، أوضح أن القوانين المتعلقة باستخدام أنظمة كاميرات المراقبة تندرج تحت قانون حماية البيانات، ولا تشمل المنازل والممتلكات الخاصة، ولذلك لايعد تركيب الكاميرات على واجهة العقارات السكنية مخالفة يعاقب عليها القانون، لأن استعمالها بالطريقة الصحيحة يساعد فى محاربة الجريمة وحماية الأرواح والممتلكات، لذا لا توجد تصاريح مطلوبة لتركيب كاميرات المراقبة المنزلية على عكس الشركات التى تحتاج إلى الحصول على تصريح مسبق بذلك.

ولكن – يضيف بوادى- هناك بعض الشروط والخطوات القانونية التى يجب مراعاتها عند تركيب كاميرا منزلية، منها: أن يتم تثبيتها على الممتلكات الخاصة بالشخص، وليس على ممتلكات الغير أو حتى على الممتلكات العامة مثل أعمدة الإنارة، حتى لا يتعرض للمساءلة القانونية والغرامة المالية، ومنها: ألا يتخطى ارتفاعها عن الشارع المترين والنصف متر، وألا تقصد منزل أحد الجيران، ولا تكون موجهة لنوافذ أو شرفات منزله، بل يجب أن يكون إتجاه عدستها للأسفل، ، وأن يتم تثبيتها كذلك فى مكان ظاهر بحيث تكون مرئية للجميع، فلا توضع مخفية بين أغصان الأشجار مثلا، لأن ذلك يعتبر تجسسًا وليس مراقبة منزلية.

وقد تكون الكاميرا – إستثناء لما سبق – موجهة نحو منزل الجار إذا كان هذا المنزل يقع فى حقل رؤية الكاميرا، مثل أن يكون باب المنزل قريبا من باب منزل صاحب الكاميرا أو فى حالة استعمال كاميرا ذات زاوية رؤية واسعة من أجل مراقبة الحديقة فيمكن أن يدخل المنزل المقابل فى نطاق مجال الرؤية الخاص بالكاميرا. ويؤكد سامى بوادى أن القانون ينص على أن الأماكن التى يستطيع أى شخص رؤيتها من الخارج مثل باب المنزل، الجراج أو الفناء، لا تدخل ضمن قانون حماية خصوصية الأشخاص. أما إذا كانت الكاميرا الخاصة تقوم بمراقبة الغير وتنتهك حياتهم وخصوصيتهم، فقد نص قانون العقوبات المصرى فى المادة (309) مكررًا (1) لسنة 2004م على المعاقبة بالسجن لكل من يعتدى على حرمة الحياة الخاصة للآخرين.

ورغم أن القانون – كما أوضحنا سلفا - لا يمنع أى شخص من تركيب كاميرات لحماية منزله، أو متجره أو شىء من ممتلكاته لكن الأفضل - كما يؤكد بوادى - أن يقوم الشخص بإخبار جيرانه عند الشروع فى هذا الأمر، حتى يوفر على نفسه الكثير من المشاكل، وأن يشرح لهم أن الهدف هو الصالح العام لأن المجرمين إذا علموا بوجود هذه الكاميرات لن يقدموا على أى سرقة، وسوف تحمى أطفالهم أوقات لعبهم ووجودهم خارج المنزل. أما إذا تعذر التفاهم، يمكن اللجوء للقضاء لإستصدار إذن بتركيب كاميرا للمراقبة، لأن من حق أى إنسان أن يبحث عن سُبل تأمين منزله، حديقته، وجراج السيارات الخاص به.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق