رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أحالت يتمها وأحزانها إلى موال جميل
بدرية السيد .. شجن الجمهور وبهجته

أسامة الرحيمى
نعيمة الصغير من رفاق بدايات "بدارة"

طلعت فوق السطوح

أنده على طيري

لقيت طيرى بيشرب

من قنا غيري

زعقت من عِزم ما بِي

وقلت يا طيري

قالّلى زمانك مضي

دوّر على غيري

من ينسى موّالاً كهذا ؟! بإيحاءاته المؤلمة، وصوت بدرية السيد، الذى أسكنه وجدان الموجوعين! ترويحا عنهم وعن نفسها. فالشدو الشجيّ راحة للمتعبين!من «مواويل الحسرة» مجهولة المؤلف. تنعى كلماته الوفاء، وتندد بخِسّة الأنذال!

ولا يقدر على الموّال غير الأصوات العفيّة. العذبة. شريطة أن تكون ممسوسة بتراث الحزن، والحناجر المغرمة بتقاسيم الصبا، فتخلّص بها القلوب من مخزون الخسارات، وتحيل المواجع إلى فنٍ راقٍ يُريق دموع «السمِّيعة» ويزيح عن نفوسهم!

لم يكن ثمّة صوت جدير بتهوين «متوالية الحزن المقيم» بالوجدان الشعبى أنسب من «بدرية السيد»، إحدى دُرر الغناء الشعبى، حنجرتها معدنية نحتها تم مبكراً، قاوم صليلها آلام الجماعة الشعبية، وعدّد طبقاتها، وبها تنوب عن المجاريح. على مصطبة فى سِهراية ريفية حميمة، أو هامش مولد «وليّ باتع» يلوذ به البسطاء من هجير الحياة، وأفراح الحارات الشعبية بالقاهرة والاسكندرية التى عشقت صوتها، فالتأمت حولها قلوب بددت حمولها بالغناء. واستقطرت من «حِسّها» البهجة!! ومن ألحان جلال حرب غنّت «حميدو» التى بقيت أيقونة الأفراح لسنوات طويلة:

اللّى شاغلنى بقاله زمان

غالى عليّه وقلبى يريدهُ

جاب لى الشبكة وجى كمـــــــان

صحبة ورد شايلها بإيدهُ

م الأنفوشى وجه علشاني

راح يخطبنى الليلة حميدو


ملصق كاسيت "فوق شواشي الدرة " لبدرية السيد

ما كان يجب اختزال صوت بدرية السيد فى أغنية واحدة جاءت فى مسلسل، فتلك المصادفة لا تمثل مجمل إبداعها، ولم تُعدها للضوء كما قال بعضهم. هى من أُسطوات الموال، ولم تغن للعدل المفتقد وحده، بل خلّفت إرثا متنوعاً بالغ الثراء، ولا تزال أغانيها تصون معانيها الإنسانية المتجددة، ما يعنى أن الجمال لا يفنى بالتقادم!

ومن يتأمل تحليقات صوتها، يجد «جوابه مفتوحاً على بحر اسكندرية»، وإذا نزل فإلى «قرار الحكمة الشعبية». حيث دأبت بحِسّها الرفيع من بواكيرها على التقاط أصدق الكلمات، وأمتع الألحان وأكثرها حيوية، وتغلب عليها أنغام الأكورديون والكمنجات والناى والقانون، كونها الأقدر على محاكاة كوامن القلوب. فتواشج صدقها بوجدان محبيها منذ الستينات، وأوسعت لنفسها مكانة وسط نجوم الغناء من الست إلى عبد الوهاب وحليم وغيرهم فى بستان الطرب الشاسع، ولا يزال جمهورها يتذكر صليل صوتها، ما يفسر تحقيق أغنيتها عن العدالة فى مسلسل «سفاح الجيزة» الترند بتلك السرعة، والأهم أنه عاود تذكير الناس:

العدل فوق الجميع وبيعشقه المخلوق

وابن الوزير والغفير من التراب مخلوق

يا عبد توب عن ذنوبك وخاف من الخلّاق

ده اللى يخاف ربنا ما يخوّفُوش مخلوق

ولدت بدور مصطفى أحمد الشامى عام 1٩29 فى حارة بندقة بحى بحرى بالإسكندرية لأب رشيدى وأم سكندرية, كانا يبيعان السمك، ومنذ طفولتها اعتادت تقليدهما بالنداء على بضاعتهما، فبانت إمكانات صوتها ولفتت عذوبته المارة واجتذبت زبائن الأسماك، وتنبه الجميع لجمال صوتها.

توفى والدها مبكرا، وتبعته أمها غير بعيد، وكفلتها خالتها، وتحمّلت مسئولية من طفولتها. وحُرمت من التعليم شأن أجيال تلك الفترة، فلم يكن ضمن طموح محيطها الاجتماعى. وعملت بمصنع غزل بالمحمودية. ولاعتياد زميلاتها الغناء أثناء العمل ردّدت معهن، فلفت صوتها الجميع. كما اعتادت دخول السينما مع زميلاتها، ووقعت فى غرام ليلى مراد وحفظت أغانيها. وذات مرة طلبت زميلة أن تُغنِّى فى فرحها، وكان الفرح بجوار بيت المطرب والملحن محمد الحماقى، فأعجبه صوتها، فتبّناها وعلّمها أصول الغناء الاحترافى، وساعدها فى العمل بفرق شعبية لإحياء أفراح الإسكندرية والبلدان المجاورة. مثل فرقة الأسطى ريّا، والسيد نجيب، وسعيد الحضراوى، وخليل الفكهانى، وحمامة العطار، وسنية محمد، ومحمد عبد الله الدُكش.

آه يا معلم يا معلم

زعلان من إيه قول اتكلم

بتعدى عليّ ولا تسلم

وحياتك قول أوعى تخبي

ألّا ازعل منك يا معلم

وآه يا معلم يا معلم

إن كان ده دلال خِفّ دلالك

يا حبيبى مش قد خصامك

تقدمت إلى إذاعة الإسكندرية «إذاعة اللاسلكى»، حين طلبت مطربين، وامتحنتها لجنة ترأّسها حافظ عبد الوهاب رئيس الإذاعة الذى منح اسمه لـعبد الحليم حافظ، ومؤسس إذاعة الإسكندرية، و«بابا شارو»، أو محمد محمود شعبان، وعبدالحميد حمدى، ومحمد شرابى، ومسيو أردينوى، مهندس صوت إيطالى.

وتم تعيينها كـ «مطربة ريفية»، مع أنها بنت البحر والحارة السكندرية، وكانت أول أغنية تُذاع لها «على باب الدار»، لحّن مكتشفها محمد الحماقى:

على باب الدار استنيتك

م الصبح لحد العصرية

وقفلت الباب لما لقيتك

لا تعدّى ولا بتسأل فيّا

واستنيتك على باب الدار

كان ضمن دفعتها المونولوجست والفنانة نعيمة الصغير، وإبراهيم عبد الشفيع، ووسّعت الإذاعة شهرتها فبلغت القاهرة، ومحافظات مصر. وأُعتمدت بالضرورة فى إذاعة القاهرة، ضمن أكبر جمع للمطربات الشعبيات تتقدمهن خضرة محمد خضر، وفاطمة سرحان، وفاطمة عيد، وسعاد منصور، وطبعت لها شركة «صوت القاهرة» مجموعة أشرطة وأسطوانات. أحبت الموّال حين التقت حودة المعصراوى، سليل «كوم الشقافة»، الذى كتب لها كثيرا من المواويل والأغانى الشعبية، فلمست مواويلها قلوب الناس، وذاع صيتها كواحدة من أهم مطربات الأفراح الشعبية.

وحاول الفنان بليغ حمدى إقناعها بالانتقال إلى القاهرة، لكنها تمسكت بالإسكندرية. وأقبل السكندريون عليها بشغف حتى باتت أشهر وأغلى نجمة فى أفراحهم، وأى زفاف لا تحييه لا يشار إليه، ومنحوها اسم شهرتها «بدارة».

موعودة بحبك موعودة

برموشك وعنيك السودة

والله انا خايفه تشمت فيّا

كل بنات الحتة يا حووودة

حبّبها يُتمُها الخفيّ بشجن المواويل المريح، حتى أتقنته باتت من علاماته. وأنتجت لها الإذاعة أغانى عديدة، منها: «يا بو قلب دايب»، و«فاتوا الحلوين»، و«ادلع يا رشيدى»، و«صعيدى ولا بحيرى»، و«حلوة والنبى»، واتضح أن طبيعتها تميل إلى الأغانى التى تمجّد الحبّ والوفاء، والمواويل الحزينة التى تُندد بخيانات الأحباب، وغدر الزمان مثل «من فوق شواشى الدُرة»، و«سيدى يا سيدى» وأشهر مواويلها «طلعت فوق السطوح أسال على طيرى»:

من فوق شواشى الدرة قمرية بتغني

فرحانة يا هل ترى ولا بتتمنِّ

ولا دى حنية فى القلب مزوية

احكى يا قمرية..

احكى يا قمرية

من أغنياتها الأولى فى الإذاعة «سقانى شرباته» لحن إبراهيم عثمان، وكلمات رشدى عبد الرحمن، ومن ألحان فتحى جنيد، قدمت «من فوق شواشى الدرة» كلمات «على حسن حمودة»، و«كان عندى غزال كعبه محنّى» لحن وتأليف «إبراهيم الكيزانى». وقدمت مواويل «سؤال لأهل الجمال»، و«لما حكم ربنا»، و«السن بالسن»، و«الناس»، وغيرها مئات الأغانى والمواويل.

ادلع يا رشيدي

على وشّ الميّه

سيب شعرى وامسك إيدى

على وشّ الميّه

ادلع يا رشيدى

على وشّ الميّه

عدينى وامسك إيدى

على وشّ الميّه

هات الشبكة ولبسنى

أخذت لقب السيد من اسم زوجها ، السيد محمد حسين، عازف الأوكورديون، وقضت حياتها معه فى سعادة، كحالة نادرة فى الأوساط الفنية، وأنجبا أربعة أبناء: محمد، وإش إش، ونازك، وميرفت، ويبدو أنها كانت تغنِّيِ ما تعيشه، وتعيش القيم التى تُغنيها.

يا حلو قولّلى على طبعك وانا امشى عليه

الحب بدعة وناره والعة وانا امشى عليه

علمنى طبعك أطاوعك يا منى عيني

اوصف طريق الهوى ليا وأنا أمشى عليه

رُغم أمّيتها، كانت تتذوق الكلمات بدقة، وتحسّ الألحان برهافة ، ولم تهتم بشهرة أسماء المؤلفين ولا الملحنين، وكان الفيصل حسّها الفنى، الذى أثبت أن فطرتها الفنية سليمة، وقدمت مئات المواويل والأغانى، فكانت غزيرة الإنتاج وحافظت على مستواها بلا تكاسل إلى أن اعتزلت. ولإتقانها اللهجة السكندرية استعانت بها الفنانة «سناء جميل» قبل تأدية دور المعلمة «فضّة المعدّاوى» فى مسلسل «الراية البيضا»، لتُعلّمها نطق جُملتها الشهيرة «ولا يا حمووو.. التمساحة يَالْهْ» .

شاركت فى فيلم واحد «مملكة الهلوسة» (1983) بالتمثيل والغناء مع النجوم محمود عبد العزيز وآثار الحكيم. واستضافتها دكتورة رتيبة الحفنى فى برنامجها «الموسيقى العربية» لمرة واحدة أيضا. وبعد وفاتها تم تكريمها فى الدورة الحادية عشرة لمهرجان الأغنية بالإسكندرية. اعتزلت فى أوج نجوميتها، وذهبت للحج والعمرة مرات عديدة، وألمّ بها مرض لم تُشفّ منه، لتتوفى فى المستشفى. وذكر البعض أنها توفيت 27 مايو 1989، وقال آخرون إن وفاتها كانت بعد ذلك فى 1996.

سؤال لأهل الجمال ع الوقت والدنيا

الصحة ولّا الفلوس مين أحلى فى الدنيا

قالت الفلوس انا اللّى بيّ ينعدل الأساس لو مال وكل شيء اشتريه وابنى واهد جبال.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق