هذا عنوان كتاب من الأدب الرفيع لباحث مخلص فى دهاليز النفس البشرية، بعيدا عن تبنى أى من النظريات الجاهزة التى يلجأ إليها أكثر مبعوثينا فى البلاد الغربية. فقد بدأ بدراسة الطب، وبعد تخرجه بنجاح، وتحصيله للمعارف الطبية العملية فى مرحلة الامتياز، قرر أن يتابع ما أرقه منذ البداية، وهو البحث عن ترياق للأمراض ذات الأصول النفسية، لكن ليس فقط عبر التحليل النفسى الفرويدى، أو المتفرع منه عند لاكان الفرنسى، كما فعل الراحل مصطفى صفوان، أو فى علم النفس التحليلى عند كارل جوستاف يونج، وإنما بالبحث المستقل عن حلول مغايرة فى مختلف أقطار هذا العالم.
لذلك فقد تقدم وهو شاب يافع بعد انتهائه من دراسته الطبية وما تلاها من تدريبات عملية، لأن يلتحق بالسلك الدبلوماسى كى تتاح له الفرصة ليجوب العالم بحثا عن إجابات على تساؤلاته حول أسرار النفس البشرية. هكذا التحق بالفعل بوزارة الخارجية المصرية منذ عدة عقود، بعد عام واحد من ملحق حديث العهد بالتعيين. وكان من حظه أن كانت معظم الاقطار التى بعث إليها تقع فى أمريكا الجنوبية، إلى أن حط به الرحال أخيرا فى دولة ناميبيا بإفريقيا، ليحدث بها ولع بمصر وأهلها وتاريخها العريق. وهذه الأقطار كلها تتمتع بتراث مختلف عن ذلك الغربى الذى عادة ما نبتعث دارسينا إليها للتخصص فى مختلف فروع العلوم، بل إنها تشترك مع موطنه الأصلى فى أن تراثها روحانى، وليس محض مادى. وهنا لنا وقفة: فليس معنى ذلك فصل ناجز بين الروح والجسد، كما ذهبت العلوم الطبيعية التقليدية، وإنما هنالك تفاعل متبادل بينهما التفتت إليه الدراسات النفسجسدية التى صارت تدعى منذ الحرب العالمية الثانية: سايكوسوماتية.
أما مدخل الدكتور هادى التونسى، صاحب هذا المشوار البحثى الفريد، فلا يقتصر على ما ذهبت إليه الأبحاث النفسجسدية فى الغرب، وإنما تطرق للتراث المسكوت عنه فى ثقافاتنا الشرقية من جانب العلم الحديث: حيث تقبع تلك التصورات فى حدود الإيمان بالقلب وليس بالعقل، بينما هو يستدعى تلك القوى الكونية الروحية متقمصا إياها ليبثها فى المريض النفسى بطبعها على اللاوعى خلال ساعة وهو نائم عبر جلسة تحليلية واحدة ممتدة لعدة ساعات، ليستيقظ بعدها المريض وقد شفى من علته، وزال اكتئابه وذهبت كربته، وصار مبتهجا للحياة بعد أن كان ثابط الهمة يائسا من الشفاء. وقد حصل الدكتور هادى التونسى على براءات الاختراع على اكتشافه هذا (التطوير الفورى للشخصي عن بعد)، وكرم عليه من جانب الدوريات العلمية البريطانية، والعديد من المؤتمرات الدولية، خاصة أنه قادر بطريقته هذه على علاج الكثير من الأدواء التى عجز العلم الحديث عن إيجاد حل ناجع لها، مثل داء السمنة، والتدخين، والأرق، بل وبعض الأمراض العصابية، والجسدية المستعصية ذات الأسباب النفسية، وما أكثرها وأخطرها. وقد زاد على كل ذلك أن استطاع العلاج عن بعد، خاصة بعد جائحة كورونا، وحصل فى ذلك على براءة الاختراع التى تعترف بإنجازه غيرالمسبوق.
وبذلك صار يشفى مرضى النفس، ومن ثم الجسد بطريقته هذه عبر مختلف الأقطار والقارات عن طريق تقنية الانترنت، إلا أنه كشأن كل مبدع مجدد لا يلقى الاهتمام الواجب بالحفاظ على تراثه هذا ، خاصة وأنه لا يقتصر على مجرد إدخال البهجة على نفوس مرضاه باقتلاع الجذور النفسية لعللهم، وإنما دعم الانتاج القومى فى مختلف المجالات عن طريق إزالة معوقاته لدى القائمين عليه مسهما بذلك فى تطوير الشخصية القيادية فى مختلف المجالات.
وهو الآن فى عقده السبعين لا يود سوى أن ينقل اكتشافه العلاجى هذا إلى عدد من الشباب النابهين الموهوبين بحيث يمثلون امتدادا لرسالته فى إدخال البهجة على نفوس من عجز الطب الحديث عن شفائهم، حتى إنه قد صار يطلق عليه طبيب السعادة. ولست أرى جهة أحق بأن تحرص على تبنى هذه الظاهرة العلاجية المبدعة فى هذا الوطن سوى وزارة الصحة، لاسيما وأن عائدها القومى لا يقل أبدا عن عائد سائر المشروعات القومية فى الصحة العامة للمواطنين.
> أستاذ مناهج البحث بجامعات مصر وألمانيا
لمزيد من مقالات د. مجدى يوسف رابط دائم: